بدايةً ، لا بد من الإشارة بأن منطقة الشرق الأوسط عموماً تعتبر منطقة مهمة في العالم ولكنها غير مستقرة سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً على مدى عقود من الزمن وحتى لعدة قرون مضت . ودائماً ما نلاحظ ان دول أو دويلات هذه المنطقة كانت وما زالت معظمها تعاني من سيطرة القوى والتأثيرات الخارجية في مقدراتها ومستقبلها بالرغم من التغيرات الأساسية الحاصلة في مجال التطور والتقدم في كل مفاصل الحياة في العالم سواء على المستوى السياسي أو الإقتصادي أو العلمي والتكنولوجي والكوني أو الإجتماعي والثقافي والمعرفي والفلسفي . والأهم من كل ذلك بقيت معظم مجتمعات تلك الدول ، إذا لم نقل جميعها ، متخلفة عن مواكبة التقدم والتحضر بالرغم من إمتلاكها موارد إقتصادية ومادية وتنموية كبيرة جداً . من البديهي ان أسباب تخلف مجتمعات هذه المنطقة على مر العصور ولحد الآن تعود بالأساس الى كون هذه المجتمعات غير حية وتعيش على ذكريات الماضي وتفتخر به بغباء حتى لو كانت الأحداث في ماضيها سلبية أو مخجلة بالمقاييس الإنسانية والمنطقية . وكذلك من الخصائص السيئة لهذه المجتمعات إنها تأبى الإعتراف والإعتذار عن الخطأ ، وكذلك تعيش أحلامها المغلقة بعيدة كلياً عن الواقع وتغيراته وتفسر كل شيء بمفرداتها الخاصة التي قد تجعل الأسود أبيض والظلام نور . كل هذه المقدمة البسيطة هي للوقوف على كيفية فهم الساسة العراقيين ، وهم جزء مهم من هذا المجتمع الشرق أوسطي بخصائصه ، للسيناريو المُعّد للشرق الأوسط ، مع قناعتي بأن معظمهم جاهل وغير واعي لما يدور من أحداث ستؤثر على مستقبل البلد الذي يعيشون فيه . وهذه مساهمة بسيطة مجانية ونصيحة مخلصة لتثقيف بعض ما يُسٓمٓون بالسياسيين والمسؤولين عن إدارة البلد والمؤثرين في سياساته وقراراته إبتداءً من أعلى شخص في السلطة نزولاً الى أدنى المواقع المؤثرة في القرار . النصيحة هي : عليكم أيها المسؤولون عن شؤون العراق ومستقبله أن تفهموا ، إذا كان عندكم مستوى مقبول من الثقافة والإدراك والوعي والإنتماء الوطني ” وأنا أشك في ذلك” ، السيناريو الحقيقي الذي رُسـم لمستقبل منطقة الشرق الأوسط . هذا السيناريو ببساطة ووضوح يحتوي ويعتمد على المعطيات التالية :
أولاً : إن إيران ، كدولة مؤثرة في المنطقة، وحسب تقييمات الدول الفاعلة في العالم ، تعتبر مركز الخطر في المنطقة نتيجة توغلها خارج حدودها من خلال أذرع تابعة لها سواء في العراق أو سوريا أو اليمن أو البحرين أو لبنان ، وحتى في مناطق أخرى مثل باكستان وأفغانستان .
ثانياً : إبطال الإتفاق النووي مع إيران من قبل الإدارة الأمريكية والسعي لإتفاق جديد لا يخدم مصالح إيران من وجهة نظرها ، وهذا يعتبر التمهيد الأولي لإحتواء إيران ووضعها في خانة الإتهام وتجريد جانب من تأثيرها .
ثالثاً : عقد مؤتمر دولي بإسم مؤتمر وارشو دعت له الولايات المتحدة الأميركية وبإستضافة بولندا وحضور ممثلين عن ستون دولة منها عربية وأوروبية وإسرائيل . وكان هدف المؤتمر بالأساس هو التحشيد ضد إيران وحصارها إقتصادياً وسياسياً ، وقد إنتهى المؤتمر ببيان ختامي يدعوا الى وضع الأسس لتشجيع الإستقرار في الشرق الأوسط والتوصل الى إتفاقية عالمية لمواجهة تهديدات إيران وتدخلاتها في المنطقة .
رابعاً : القمة العربية الأوربية التي عقدت في شرم الشيخ في مصر خلال ٢٤ و ٢٥ شباط ٢٠١٩ بحضور أكثر من أربعين دولة للتباحث حول شؤون الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط .
خامساً : لقاء القمة بين الزعيمين الأميركي والكوري الشمالي في هذه المرحلة بالذات وأبعادها على المستوى الدولي . الهدف الضمني من جملة أهداف هذا اللقاء هو تحييد كوريا الشمالية عن مساعدة أو مساندة إيران خصوصاً ما يتعلق بتطوير الصواريخ حيث هناك إتفاقات ستراتيجية غير معلنة بين البلدين لنقل تكنلوجيا الصواريخ التي تتميز بها كوريا الشمالية من خبرات الى الجانب الإيراني .
سادساً : زيارة بشار الأسد حاكم سوريا لإيران في هذا التوقيت واللقاء بالمرشد الإيراني خامنئي ورئيس الحكومة روحاني والتي تعني الكثير من المؤشرات والدلالات الواضحة . أولها ، ضرورة تبيان موقف سوريا الرسمي المؤيد لإيران من المواقف المعادية لكثير من دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية على دور إيران وسياساتها المزعزعة لأمن وإستقرار المنطقة ، وهو جانب من التعبير عن رد الجميل لموقف إيران في دعم بقاء النظام السوري . وثانياً ، طمأنة الجانب الإيراني بحصتهم من الإستثمارات في سوريا مما يقلل من تأثير الحصار الإقتصادي الذي فرضته أمريكا على إيران .
سابعاً : توقيت المناورات العسكرية في هذا الوقت لكل من إيران والسعودية ، وبهذه الضخامة والتحشيد ، لا يمكن أن تكون فعاليات روتينية تخص كل مجموعة بمعزل عن ما يجري من أحداث في منطقة الشرق الأوسط .
ثامناً : التحركات الواسعة والمستمرة بين مختلف المسؤولين ، بمختلف مستوياتهم ، في مختلف دول العالم وبالأخص ضمن مسؤولي دول الشرق الأوسط ، والزيارات واللقاءات التي تتم بين المسؤولين الإيرانيين وأصحاب القرار في العراق . فمثل هذه اللقاءات غير الإعتيادية تشير بالتأكيد الى وجود ظرف إستثنائي على درجة كبيرة من الخطورة .
تاسعاً : التشريعات التي صدرت مؤخراً في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوربا بأعتبار العديد من الكيانات السياسية ذات الأبعاد المسلحة منظمات إرهابية واجب محاربتها ، ويأتي في مقدمتها حزب الله اللبناني بجناحه السياسي والعسكري الى جانب العديد من التنظيمات السياسية في العراق .
في ضوء كل ما تقدم ، هل حقاً يفهم السياسي العراقي ( البليد في معظمهم ) أبعاد هذه الأمور وتأثيراتها على الواقع العراقي ومستقبله . وهل يدرك السياسي العراقي ( البليد ) خطورة ما يدور الآن في منطقة الشرق الأوسط ، وما هو مطلوب من مواقف وطنية في مثل هذه الظروف تضمن مصلحة العراق وشعبه أولاً وآخراً حاضراً ومستقبلاً . كذلك هل يدرك السياسي ( الغبي ) بأن حكومات أحزاب الإسلام السياسي غير مؤهلة لإدارة الحكم وسوف تجلب من الويلات والمشاكل المصيرية ما لم يحمد عقباه وسوف تجر البلد الى الهاوية بعقليتها المتخلفة . النتيجة هي ان الكيانات والشخوص والمرجعيات ستدفع بالعراق الى حافة الهاوية ، وعند الإستحقاق ، أي مصير وجودها ، ستكون تلك الكيانات والشخوص والرموز والمرجعيات والخطوط الحمراء ، جميعهم بدون إستثناء ، في أجبن وأحقر موقف بهدف ضمان إستمرارية وجودهم في السلطة بحيث أشرفهم ( عنواناً ) سيُقٓبٍل بخنوع أيادي تلك القوى للسماح له بالبقاء والوجود . وسيجد المواطن العراقي المسكين موسوعة من التصريحات المضحكة لتبرير الأحداث والمواقف . وسوف يبقى القرار من استمرار تحكم أحزاب الإسلام السياسي بمصير العراق رهن وعي الشعب العراقي ،،،،،، وأشك بأن هذا الوعي سيصحى ما دام معظم الشعب مغيب عقلياً وفكرياً دينياً ومذهبياً .