البصرة ثغر العراق الباسم ومتنفسه الوحيد على البحر وحلقة الوصل مع العالم عبر المياه والغنية بتراثها وخيراتها ومواردها الطبيعية التي حباها بها الباري عز وجل، وإن تربتها الخصبة تحمل بطياتها أكثر من 80% من المخزون النفطي للعراق وموقعها الجغرافي المميز ،رغم كل مقومات النجاح هذه فان بصرتنا نالت عبر عقود من الزمن جرعات من الظلم والإهمال لم تنالها أي محافظة عراقية أخرى فقد قاسى أهلها الطيبين ويلات الحروب والحصار وإهمال الحكومات المتعاقبة حتى وصل الحال الى ما يدعو للألم والحسرة , أفلم يأن الآوان أن يرفع هذا الظلم والحيف عن البصرة الفيحاء؟
إن الذي يبحث في الواقع الاقتصادي لمحافظة البصرة يجد بأن جميع القطاعات الأقتصادية تشكو من تخلف ونقص كبير نتيجة التراكمات الطويلة وان المواطن البصري يعاني من كم هائل من النقص في جميع الخدمات الرئيسية ونجد نسب البطالة والفقر ترتفع بشكل كبير ومقلق, ولغرض النهوض بهذا الواقع الأقتصادي ألمرير يتطلب اتخاذ إجراءات حقيقية وجادة من قبل الحكومة المحلية والحكومة المركزية ونذكر منها :ـ
القيام بتشكيل مجلس إقتصادي أعلى يؤلف من خبراء أكاديميين متخصصين في جميع المجالات الاقتصادية على أن يكون هذا المجلس بعيداً عن المحاصصات السياسية والطائفية ويكون أعضاءه من المستقلين البعيدين عن السياسة .
تشكيل لجنة اقتصادية متخصصة تضم في عضويتها خبراء مهنيين في جميع القطاعات الاقتصادية تكلف بالقيام بمسح كامل ودقيق لجميع القطاعات الاقتصادية ويتضمن بيانات إحصائية دقيقة عن كل قطاع على حدة على أن تنجز هذه اللجنة أعمالها في فترة تحدد لها من قبل المجلس الاقتصادي الأعلى.
القيام بدراسة الواقع الاقتصادي لكل قطاع وحسب المعطيات التي أنجزتها اللجنة الاقتصادية وحسب الموارد المخصصة للمحافظة والقيام بترتيب الأوليات وبعدها القيام بتنظيم أطلس أقتصادي عام للمحافظة يتضمن جميع المشاريع الاستثمارية المطلوبة ولجميع القطاعات والمشاريع الموجودة فعلاً والتي تحتاج لإعادة تأهيل وخطط تأهيل البنية التحتية لكل قطاع على حدة.
بعد الإنتهاء من الأطلس الأقتصادي العام يشرع المجلس الاقتصادي الأعلى بوضع ثلاث خطط إقتصادية وكالاتي : ـ
خطة إقتصادية قصيرة الأجل :ـ وتحتوي هذ الخطةجميع الخطط السريعة والفورية والتي لاتتجاوز مدتها العام الواحد ولجميع القطاعات الاقتصادية الموجودة وحسب ترتيب الاوليات الضرورية والتي تمس حياة المواطن البصري بشكل مباشر .
خطة إقتصادية متوسطة الأجل :ـ وتضم هذه الخطة جميع الخطط المتوسطة الأجل التي تتراوح بين (1- 5) سنوات ولجميع القطاعات الاقتصادية .
خطة إقتصادية طويلة الأجل :ـ وتكون هذه الخطة استراتيجية وشاملة وبعيدة النظر وتتراوح من (5 – 20 ) سنة .
بعد القيام بوضع هذه الخطط الثلاثة ينبغي أن يراعي المجلس الاقتصادي الأعلى ضرورة الحفاظ على التعشيق بين هذه الخطط الثلاثة بشكل متناسق ومرن ومتداخل لأن كل خطة هي جزء من الأخرى والجميع جزء من استراتيجية إقتصادية عامة تهدف الى النهوض بالواقع الأقتصادي لمحافظة البصرة في جميع مفاصله وهذا النهوض لا يتحقق الا اذا تظافرت جميع الجهود الخيرة لأبناء المحافظة للوصول الى النتائج والأهداف المرسومة حيث أن الجميع له دور مهم وحيوي في هذه الاستراتيجية وكما يلي:
تناسي الخلافات السياسية والمصالح الحزبية الضيقة ووضع المصلحة العامة لمحافظة البصرة نصب أعين الجميع والعمل بروح الأخوة والتعاون .
وضع التعليمات الخاصة بتفعيل الاستثمار وتدوير عجلته بشكل فعال على ان تراعى هذه التعليمات بتقديم جميع التسهيلات للمستثمر، وبالأمكان تفعيل قانون النافذة الواحدة الذي يتيح للمستثمر تجاوز جميع العمليات الروتينية وتجنب عمليات الفساد والرشوة من قبل ضعاف النفوس من الموظفين.
تفعيل دور القطاع الخاص في عملية الاستثمار وتفضيله على المستثمر الاجنبي في المشاريع التي هي من اختصاصه ويستطيع انجازها ولدينا شركات محلية تستحق الفخر والاعتزاز.
العمل على النهوض بالقطاع الصناعي الذي يعتبر عماد التنمية في البلد وذلك عن طريق بناء مدن صناعية متكاملة تضم مختلف الورش والمعامل المتكاملة بكافة الاختصاصات.
إعادة تأهيل المصانع والمعامل الموجودة في المحافظة وهي كثيرة.
التركيز على مشاريع إنشاء أو اعادة تأهيل محطات الكهرباء الذي يعتبر الشريان الرئيس في الحياة الاقتصادية.
التركيز على إعادة تأهيل الموانيء العراقية والتي تعاني من إهمال كبير وابعاد الأحزاب والكتل الحزبية عن التدخل في مقدرات هذه الموانيء.
حسم قضية اكمال مشروع ميناء الفاو الكبير بشكل بعيد عن التدخلات الخارجية والإقليمية والمصالح الحزبية الضيقة وبما يضمن مصلحة العراق ولما لهذا المشروع من نتائج كبيرة على تحسين وضع الاقتصاد العراقي وتقليل الاعتماد على النفط كمورد رئيسي في رفد الموازنة.
الاهتمام بالقطاع الزراعي والذي وصل في المحافظة الى مستويات مقلقة ومحزنة وتقديم الدعم الكافي للفلاح واقامة المشاريع الاستثمارية في القطاع الزراعي.
التركيز واعطاء الأولوية لمشاريع الخدمات التي تشهد نقصاً كبيراً في المحافظة مما زاد من معاناة المواطن وخاصة (مشاريع تحلية المياه وتأهيل شبكات المجاري والاهتمام بالنظافة واقامة مشاريع لتدوير النفايات المنتشرة في معظم بلدان العالم).
فرض السيطرة على المنافذ الحدودية في المحافظة بشكل كامل لأنها تشكل مورد كبير للموازنة وابعادها عن التدخلات الحزبية التي تسيطر على معظم وارداتها.
ضرورة صرف مبالغ البترو دولار المخصصة الى المحافظة وبدون تأخير للاستفادة منها في إعادة البنى التحتية بشكل سليم.
الاهتمام بالقطاع السياحي باعتباره مورد اقتصادي مهم وإعادة تأهيله بشكل كامل والبصرة فيها الكثير من الأماكن السياحية التي يمكن استغلالها بشكل صحيح.
تفعيل دور منظمات المجتمع المدني بمراقبة أداء الأجهزة الحكومية وكشف الفساد الموجود في جميع مفاصل المحافظة والذي يعرقل عملية التطور الاقتصادي.
ختاماً نأمل من الحكومة الجديدة والبرلمان ومجلس المحافظة ان تتظافر جهودهم من أجل النهوض بالواقع الاقتصادي لبصرتنا الحبيبة واعادتها ثغراً باسماً للعراق ولنعيد لها مكانتها التي تستحقها بين مدن العالم وهي تستحق منا ذلك.