22 ديسمبر، 2024 7:41 م

كيف نصلح التعليم في العراق ؟  الاطار العام

كيف نصلح التعليم في العراق ؟  الاطار العام

هناك نظريات وقواعد واعراف سائدة قديمة ومعاصرة تؤسس وتؤطر العملية التربوية والتعليمية تتعلق بمعالجة طرق التدريس والتخطيط لبناء مناهج تعليمية صحيحية تواكب التطور. سوف لن اخوض نظريا بكل تلك النظريات والقواعد لان معظمها ينصب في الجانب النظري البحت معالجا العموميات غيرمراع للاختلافات الثقافية والعرقية والجغرافية فضلا عن الفروق الفردية. لذلك سانطلق في مناقشتي لقضايا الاصلاح من الواقع المحلي، دراسة وتاملا ومعالجة ، مستبعدا الخوض في مناقشة البنية التحتية للتعليم  لانها مشخصة ومعروفة ، فشحة المدارس وازدياد عدد الطلبة وقلة الكوادر التدريسية المؤهلة للتعليم  تعد من القضايا التي يعرفها القاصي والداني وهي ليست السبب الرئيس في فشل التعليم بدليل ان المدارس الاهلية تمتلك بنية تحتية متكاملة ولكن مخرجات التعليم فيها لا تختلف كثيرا عن المدارس الحكومية فكلاهما يخرج لنا تلاميذ عبارة عن ببغاوات يرددون ما يمليه عليهم المعلمون حفظا عن ظهر قلب والذي يعرف باللهجة العامية بـ (الدرخ)وفي افضل الاحتمالات واكثرها ايجابية يكون التلميذ – بما فيهم الطالب المتخرج بدرجة 100% – الة بشرية للتخزين (ميموري) قد افرغت فيها كمية من المعلومات وقد تم حفظها بامانة لفترة وجيزة قد تتجاوز في بعض الاحيان وفي حالات نادرة موعد الامتحانات بسنة او سنتين.
ولا يقتصر خطر بناء المناهج على طريقة الحفظ عن ظهرقلب على تلك السلبية المميتة لخلايا الدماغ فقط بل ان تلك الطريقة قد اسهمت بشكل مباشر في ازدياد عملية الغش بين التلاميذ ، حيث يقوم كثير من التلاميذ بالاستعانة بوسائل التقنيات الحديثة للسرقة عن طريق السماع مما تيسر من معلومات الكتاب المنهجي او المقرر الدراسي من  خارج القاعة الامتحانية وادخالها عبر تلك التقنيات الذكية في اذن الطالب الذي سيتحول الى الة تفرغ بشكل غير منظم ما قد سمعت ولكن الاجابة بالشكل العام ستكون مرضية للمصحح ليضع درجة قريبة من النجاح تتراوح حول 50%.
اذن التخلص من المنهج المبني على الحفظ والذي يعد منهجا يقتل الابداع في نفس التلاميذ فضلا عن انه لايراعي الفروق الفردية بين التلاميذ يمثل الخطوة الاولى في اصلاح التعليم.
اما الحقيقة الثانية التي تدفعنا للمطالبة بالاصلاح والتغيير فهي ان المعلم او الاستاذ الجامعي لم يعد المصدر الاول لبث المعلومة كما لم يعد الكتاب المنهجي هو المصدر الرئيس للحصول على المعلومة. فبفضل وسائل  التقنيات الحديثة ووسائل التواصل باتت المعلومة منفتحة على الجميع ويستطيع الجميع الحصول عليها بسهولة لذا هناك كثير من التلاميذ والطلبة على حد سواء قادرون على تحصيل معلومات اكثر من  معلميهم واساتذتهم الذين غالبا ما يجهلون استخدام تلك الوسائل الحديثة. من هنا ينبغي ان تتغير المعادلة القديمة حيث المعلم الذي يمثل دورالمركز المهيمن على قاعة الدرس والذي بدوره يوجه كلامه نحو التلميذ (المرسل اليه) (المستقبل)    (المتلقي السلبي) الذي يتلقى المعلومة ، الى معادلة جديدة يحتل فيها التلميذ المركز الذي ينتج المعلومة عن طريق التحفيز غير المباشر للمرسل. من هنا نمنح التلميذ قدرة على الابداع وحبا للمعرفة التي يسهم في انتاجها والتي سوف لن ينساها مستقبلا .
 تضاف الى ذلك حقيقة ثالثة تتمثل بأن معظم الدروس ولاسيما في الدراسات الانسانية تلقى على الطلبة بشكل نظري وليس للجانب العملي التطبيقي اية حصة في العملية التعليمية حيث يتلقى التلميذ في المدرسة او الطالب في الجامعة مادة جاهزة ياخذها عن المدرس اما شفاها او كتابة او تملية ليقوم الطالب بحفظها. في حين تركز المناهج الحديثة على الجانب العملي حيث يكلف التلاميذ والطلبة باداء الواجبات العملية التي تتمثل بكتابة البحوث والمقالات والتقارير واعداد التجارب والبحث الميداني لدراسة الظواهر الاجتماعية والبيئية والعلمية فيكونان على تواصل مباشر مع المادة العلمية فضلا عن ان هذه العملية ستساعد بتاهيلهم وتدريبهم بشكل مستمر مواجهين الحياة العملية باستعداد نفسي وقدرة على التكيف والتاقلم مستقبلا في ميدان العمل.
وكما هو واضح في اعلاه تتجلى خلاصة القول في التوجيهات العامة لتحديث المناهج وطرق التدريس ينبغي اولا ان نتخلص من طريقة الحفظ والتلقين وثانيا عدم الاعتماد كليا على الكتاب المنهجي بوصفه المصدر الاول للمعرفة وثالثا  الاهتمام بالجانب العملي الذي يجب ان يحتل – في اقل تقدير- مكانة المناصفة مع الجانب النظري.