17 نوفمبر، 2024 11:30 م
Search
Close this search box.

كيف نتحدث مع المنظمات الدولية لحقوق الانسان ؟

كيف نتحدث مع المنظمات الدولية لحقوق الانسان ؟

أدت الفضائع التي شهدها العالم اثناء الحرب العالمية الثانية والصدمة الفظيعة التي اصابت شعوب العالم نتيجة للتفجيرات النووية ودخول العصر النووي الى تعزيز الشعور العالمي بان احترام الحقوق المتساوية للبشر هو أساس الامن والسلم الدوليين . فاصبح اقصى مايطمح له بني البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة. وبهذا يصبح من للقانون الدورالاساسي في حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
لم يتوصل العالم الحديث الى وضع تعريف موحد جامع شامل لمصطلح حقوق الانسان فالتعريف يختلف الى باختلاف الثقافة المجتمعية  ونظرتها لطبيعة ونوع تلك الحقوق كونها ترتبط بالنظرة التي ينظر بها المجتمع الى الانسان  فحقوق الانسان بالنسبة لرينية كاسان (فرع خاص من الفروع الاجتماعية يختص بدراسة العلاقات بين الناس استناداً إلى كرامة الإنسان وتحديد الحقوق والرخص الضرورية لازدهار شخصية كل كائن أنساني) اما بالنسبة لكارل فاساك فيعرفها بانها (علم يهم كل شخص ولا سيما الإنسان العامل الذي يعيش في اطار دولة معينة، والذي إذا ما كان متهم بخرق القانون أو ضحية حالة حرب، يجب أن يستفيد من حماية القانون الوطني والدولي، وان تكون حقوقه وخاصة الحق في المساواة مطابقة لضرورات المحافظة على النظام العام). وتكفل القوانين وتضمن الأنظمة التشريعية في معظم بلاد العالم صيانة حقوق الإنسان. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأنظمة لا تكون، دائماً، فعالة، وتعجز معظمها عن إقرار بعض حقوق الإنسان. إلا أن المعايير العالمية تضمن إقرار هذه الحقوق عندما تعجز الحكومات عن حمايتها.
ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية  العديد من المنظمات الدولية والاقليمية المستقلة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها. وبإلقاء الضوء على حالات انتهاك حقوق الإنسان وجذب انتباه المجتمع الدولي إليها، وبهذا  تمنح المُعرضين للقمع فرصة للكشف عن الانتهاكات وتحميل القائمين بالقمع مسؤولية جرائمهم. والتي تفرض ضغوطاً متزايدة من أجل التحرك لمنع انتهاكات حقوق الإنسان وجعلها باهظة الكلفة.
مما يؤسف له ان التقارير التي تتناول الوضع في العراق والتي تضعها تلك المنظمات كانت دائما تتحدث عن انتهاكات خطيره لحقوق الانسان سواء كانت في الاجهزة الامنية او القضاء ولكن مما يؤسف له اكثر هو ان ردود افعال الجهات العراقية عن تلك التقارير غالبا ما تتسم بالتشنج واطلاق التهم الجاهزة بالانحياز وعدم المصادقية لذلك يصبح من الضروري ان يتم النظر في هذا الموضوغ لمعرفة ان الخلل فهل ان تلك التقارير التي تعدها جهات معترف بها عالميا واقليما والمشهود لها بالحيادية تفتقد المصادقية ؟ ام ان العراق هو بالفعل اسوء مكان في العالم من حيث انتهاكات حقوق الانسان ؟ ام ان الخلل يكمن في اسلوب الحديث مع تلك المنظمات ؟
 في بداية الحديث يجب ان نعترف بان هناك من المسائل التي تعتبرها المنظمات الدولية انتهاكات مايتعلق بالنظام القانوني العراقي مثل موضوع عقوبة الاعدام او موضوع قانون الاحوال الشخصية والتحفظات على اتفاقية منع كافة اشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باتفاقية السيداو والتي تحتاج الى تبادل الحديث حولها مع المنظمات الدولية لشرح اسبابها وتوضيح خلفياتها للتوصل الى ارضية مشتركة من التفاهم اما بالنسبة للنقاط التي تثيرها تلك المنظمات بخصوص المعلومات التي تجمعها تلك المنظمات من مصادرها المعتمدة فيجب ان نعرف ان تلك المنظمات عندما تواجه بمعلومة فانها تسعى الى تأكيدها فان لم تجد استجابة او ردود مقنعه من الجهات المعنية فانها تسجلها باعتبارها انتهاكا لحقوق الانسان .
 ان على من تصدى للاجابة على تسأولات المنظمات الدولية يجب ان يدرك بان من يقوم بجمع المعلومات يعرفون القانون لذلك فان القيام بايراد نصوص الدستور او القانون بطريقة النسخ واللصق لاتعد اجابات مقنعه بمعايير تلك المنظمات كما ان التلاعب بالكلمات او محاولة اخفاء جزء من المعلومة يؤدي الى التشكيك في مصداقية الاجابة حيث ان ف ضوء ثورة المعلوماتية لم يعد من السهل اخفاء المعلومة بل يجب ان يتم اعتماد طريقة الحوار المفتوح والشفاف وتسهيل الوصول الى المعلومة التي ان لم تحصل عليها من الجهات المعنية فان تلك المنظمات تلجأ الى جهات قد تتبرع بتلك المعلومة مع اضافة وجهة النظر الخاصة بتلك الجهات والتي قد يكون من مصلحتها الاساءة الى سمعة العراق .
ما تقدم يقودنا الى النظر الى من يتحدث الى المنظمات الدولية والممارسة العالمية تنيط هذا الواجب الى المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان . في عام ١٩٩١ ، تمت الموافقة على المعايير الدنيا للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في ورشة عمل دولية في باريس. اوصت “مبادئ باريس” بأن تقوم الدول بإنشاء مؤسسات وطنية مستقلة لِكي:
١- تعزز من حقوق الإنسان.
٢- تقدم استشارات للحكومات حول حماية حقوق الإنسان.
٣- تقوم بمراجعة التشريعات المتعلقة بحقوق الإنسان.
٤- تحضر التقارير الخاصة بحقوق الإنسان.
٥- تستلم وتحقق بالشكاوى الواردة من المواطنين.
وفي سبيل تحقيق ذلك يجب على تلك المؤسسات أن تعمد  إلى إقامة علاقات مع المنظمات غير الحكومية التي تكرس نفسها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومكافحة العنصرية، وحماية المجموعات الضعيفة بصفة خاصة (لاسيما الأطفال، والعمال المهاجرين، واللاجئين، والمعوقين جسديا وعقليا)، أو لمجالات متخصصة.
وقد حدد اعلان فينا للمؤتمر الدولي لحقوق الانسان عام 1993 الشروط العامة لضمان حسن اداء المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان والتي يمكن تلخيصها بما يلي :
1. الاستقلال الكامل عن الحكومة والاحزاب السياسية وهذا الاستقلال يشمل الاستقلال الوظيفي والاداري والمالي ولكن هذا الاستقلال لايعني عدم وجود اي رابط مع الدولة فهي يجب ان تكون منشأة بقانون على ان يمنحها ذلك القانون شخصية معنوية وقانونية منفصلة عن الحكومة مع تأمين قدرتها التنفيذية مع التأكيد على تأمين التعدديه في عضويتها لتشمل المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان وجهود مكافحة التمييز العنصري ونقابات العمال، والمنظمات الاجتماعية والمهنية المعنية، مثل رابطات الحقوقيين، الأطباء، والصحفيين، والعلماء البارزين؛ تيارات الفكر الفلسفي والديني؛ الجامعات والخبراء المؤهلون؛د. البرلمان؛ الإدارات الحكومية .
2. ينبغي تحديد اختصاصاتها بدقة مع منحها الامتيازات التي تمكنها من اداء تلك الاختصاصات .
3. ينبغي أن تملك المؤسسة الوطنية الهياكل الأساسية المناسبة لسلاسة سير أنشطتها، وبصفة خاصة الأموال الكافية لذلك، وينبغي أن يكون الغرض من هذه الأموال هو تمكينها من تدبير موظفيها وأماكن عملها لتكون مستقلة عن الحكومة وغير خاضعة لمراقبة مالية قد تمس استقلالها.
4. من أجل كفالة استقرار ولاية أعضاء المؤسسة الوطنية، التي لن تكون مؤسسة مستقلة حقا بغيره، ينبغي أن يكون تعينهم بقرار رسمي يحدد المدة المعينة لولايتهم. وتكون الولاية قابلة للتجديد، شريطة كفالة استمرار التعددية في عضوية المؤسسة.
اكد اعلان فينا على حرية كل دولة باختيار الشكل الذي تختاره للمؤسسة الوطنية بدون تحبيذ هيكل معين ولكن اكد على وجوب توفر الشروط اعلاه لزيادة مصداقية المؤسسات الوطنية واعطاء القيمة المناسبة لتقاريرها ولااعتقد ان وزارة لحقوق الانسان سواء كانت وزارة دولة او وزارة كاملة تعتبر الشكل الذي يمكن ان يتوافق مع المعايير اعلاه لذلك يجب ان يتم اعادة النظر في هذا الموضوع في سبيل اختيار افضل الوسائل لمخاطبة العالم بدل من اللجوء الى نظرية المؤامره

أحدث المقالات