لم يكن جحفل سرية مشاة متكامل العَدَد والعُدّة يحتوي أكثر من (150) جندياً، معظمهم مجهزون بالبنادق الآلية “كالاشنكوف” وعدد من المسدسات والرشاشات والقاذفات (RBG-2)، وهو الذي يتكفّل لوحده بمهمة حماية القصر الجمهوري، إذْ تَشُدُّ السرية رحالها بكامل تجهيزاتها ومعدّاتها تاركة قاعات منامها الأساس ضمن ثكنة فوج الحرس الجمهوري، لتنتشر حوالي سياج القصر وعلى أبراج المراقبة المنشأة على جانبيه وجزئه الخلفي الـمُطلّ على نهر “دجلة” الفاصل بينه وبين منطقة الكرادة الشرقية وإمتداد الكورنيش المسمى “شارع أبي نؤاس”.
ومثلما آنفتُ ذكره في مقالاتي المنشورات على صفحات موقع “كتابات” الأغر، فإن حماية القصر الجمهوري بجميع مبانيه كانت هي المهمة الأساس لفوج الحرس الجمهوري الأوّل الذي إلتحقتُ إليه أواخر أيام شهر تموز 1964، لذلك فإن حوالي “ثـُلث” مجموع الفوج يتفرّغ لأداء هذا الواجب طيلة شهر كامل أو شهرين متتاليين.
كانت سرية المشاة الأساس مُزوَّداة بأسلحة ساندة خفيفة، إضافة الى ما لديها من بنادق ومسدسات وهي:-
(9) رشاشات خفيفة من طراز “دكتريوف”.
(9) قاذفات خفيفة “آر بي جي-2” ضد الدبابات تـُرمى من الكتف.
(3) قاذفات متوسطة عيار (3.5) عُقدة ضد الدبابات تـُرمى من الكتف.
(3) هاونات خفيفة عيار (2) عقدة.
أما الفصيل المختلط الناقص من سرية إسناد الفوج، والذي يتجحفل مع تلك السرية فأنه يجلب معه أسلحة الإسناد التالية:-
(2) رشاشة متوسطة من طراز “كورينوف” يمكن إستخدامها لمقاومة الطائرات.
(2) قاذفة متوسطة ضد الدبابات عيار (106) ملم.
وعند إلتحاقي بالفوج كانت السرية الأولى مكلَّفة بهذه المهمة بقيادة “ملازم أول صلاح شاكر الأسوَد” مع آمري فصائله الملازمان “مِشعَل تركي الراشد، عبد
الأمير عُبيد” قبل أن يلتحق ثالثهم مؤخراً “الملازم قاسم علي” الذي تخرّج معي في الكلّية العسكرية.
كنت أستشعر وأتحسس تماماً مَعالِم التعب والإرهاق على وجه “الملازم أول صلاح” في معظم أيام الواجب، فيما أضاف التوجيه الجديد الذي صدر في تلكم الأيام -والذي نصَّ على تمديد مدة بقاء سريته في هذه المهمة لشهر آخر تنتهي مع نهاية شهر أيلول1964- تجهُّماً فوق وجهه العَبوس الذي قلّما كان يعرف الإبتسامة رغم كونه ضابطاً جيداً ذا شخصية ووقار وثقافة عامة.
بإنقضاء الأيام تعرّفت على أساليب وخطط حماية القصر الجمهوري، والذي يمكن إيجازه كما يأتي:-
* نقطتا حرس البابَين النظاميين، إحداهما في بوّابة الدخول، والأخرى في بوّابة الخروج… يقف في كل نقطة ضابِطا صف و(4) جنود يرتدون ملابس “حرس الشرف” أثناء ساعات النهار، وبدلات العرض ذات اللون الخاكي ليلاً، ولا يحملون سوى بنادق “كالاشنكوف”.
* حضيرة واحدة مؤلفة من (9) جنود، يقودهم ضابط صف واحد، مسؤوليتها إشغال برج واحد للحماية والمراقبة من مجموع (9) أبراج محيطة بالقصر من (3) إتجاهات، حيث كانت الواجهة الأمامية من دون أبراج… وتلك الحضيرة مزودة بـ(8) بنادق “كالاشنكوف” وقاذفة “آر بي جي 2” ورشاشة خفيفة واحدة.
* قاذفة متوسطة واحدة ضد الدبابات قرب السياج المطل على الشارع العام المؤدي الى القصر من إتجاه “جسر الجمهورية/الباب الشرقي”، وأخرى خلف القصر قبالة “شارع أبي نـُؤاس”.
* رشاشتان متوسّطتان منصوبتان في أبراج القصر الخلفية المطلّة على نهر دجلة.
* ينقسم الجنود وضباط الصف، ومعظمهم من أهالي المحافظات “خارج بغداد”، الى (3) وجبات، تتمتع كل وجبة بالنزول الى “بغداد” للراحة والإستجمام عصراً، حيث يبيت المتزوجون من أهالي “بغداد” في مساكنهم على أن يحضروا العرض الصباحي لليوم التالي… أما العُزّاب فيعودون إلى الواجب قبل منتصف الليل… ويُمنح كل جندي من أهالي المحافظات البعيدة إجازة دورية أمدها (7) أيام كل (5) اسابيع، ولأهالي المحافظات القريبة (5)
أيام كل (3) أسابيع، وذلك في الظروف الإعتيادية، إذْ يُمنع النزول والتمتع بالإجازات في أية حالات سواها.
* أما الضباط الأربعة -ومن ضمنهم آمر السرية- فأنهم ينقسمون الى وجبتَين، يغادر إثنان منهم الى “بغداد” بين يوم وآخر… وبينما يبيت المتزوّج في مسكنه فإن على الآخر العودة الى القصر قبل منتصف الليل -إذا كان أعزباً- ليستقرّ في غرفة مخصصة لمنام الضباط دون أن يُكلَّفَ بواجب ليلي في الظروف الإعتيادية.
* أما الضابطان اللذان يبقَيان في القصر، فإن أحدهما يجلس في غرفة التشريفات عادة كي يَردَّ على الهواتف العديدة بعد إنقضاء ساعات الدوام الرسمي بالقصر في الساعة الثانية من بعد الظهر، ويستقبل الزائرين ويستضيفهم، وينظّم توقيتات مقابلتهم لكبار المسؤولين، فيما يتجوَّل الآخر حوالي القصر على نقاط الحراسة وأبراج المراقبة… وبإمكانهما تبادل الواجب كل ساعتين تقريباً، ولا يجوز لأي منهما الخلود إلى النوم ليلاً، ويُعفَيان من التدريب والدوام الرسمي حتى الظهر قبل نزولهما الى “بغداد”.
أتى الدور على سريتنا يوم (الأربعاء-1/12/1964) فإنتقلنا بعد تهيّؤ طال ساعات الليل كله، وبكامل أسلحتنا وتجهيزاتنا وأعتدتنا، ضمن رتل طويل من سيارات الشحن العسكرية طراز “زيل” من ثكنة الفوج الى القصر الجمهوري المجاور منذ الصباح الباكر، وبإشراف مباشر من لدن آمر الفوج ومساعده “الملازم أول عبد الصمد جابر”… وقد طال تسلّم الواجبات في عموم النقاط والأبراج ساعات عديدة دون طارئ يذكر.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أدخل فيها القصر الجمهوري، فقد زرتُ ضباط السرية الثانية خلال الشهرين الماضيين -بحكم الصداقة- مرات عديدة، سواءً في قاطع منامهم أو في غرفة التشريفات، ولكن من دون أن أتجوّل في أروقة القصر وممراته ونقاط حمايته.
وفي ذلك اليوم كنتُ بصحبة صديق العمر وإبن خالتي “الملازم سعد عبد الهادي العَسّاف” في جولة طويلة ونظرة ثاقبة على الأمور وأسئلة جادة وأجوبة خطيرة مادمنا قد تكلّفنا بمهمة تُعتَبَر لدى العراق ودول العالم الثالث خصوصاً، وجميع دول العالم عموماً، من أخطر المهمات التي تـُناط لأشخاص مسؤولين عن الحفاظ على رأس الدولة ونظامه السياسي، بغضّ النظر عن توجّهات الضابط المكلّف ورؤاه الشخصية… وخلال تلك الساعات توضّحت لي أمور كثيرة كنتُ أجهلها تماماً.
فأن هذا المبنى الضخم الذي أضحى ((جمهورياً)) قد بوشر بتشييده خلال السنتين الأخيرتين من العهد الملكي، حيث وُضِعَ حجره الأساس عام (1956)، وتكامل هيكله قبل أن يُزَيَّنَ بالمرمر والرخام حتى وقع إنقلاب (14تموز1958) ليُترك ويُهمل تماماً خلال عهد “عبدالكريم قاسم” الذي طال حوالي (4,5) سنة.. ولكن فوج مشاة تَشكَّلَ على أنقاض “كتيبة خيالة الهاشمي” وسُمّيَ “الفوج/3-لواء المشاة/25” بقيادة “المقدم مصطفى طَــيْـفور” قد رابط في ثكنة فوجنا الحالي حتى إندلاع حركة (14رمضان/8شباط1963)… ذلك الفوج الذي تحوَّل الى “فوج الحرس الجمهوري” قبل أن تـُعاد المباشرة لإكمال بناء القصر ليصبح “جمهورياً”.
كان القصر الجمهوري، في حينه، مكوّناً مما يأتي:-
* سياج على شكل أعمدة كونكريتية مسلحة، إرتفاع كل منها (3) أمتار، ومقاطعها الأُفقية مربّعة الشكل (1×1) متر، تعلو حائطاً منخفضاً من الكونكريت والصخر إرتفاعه عن الارض (1) متر، وتفصل مسافة (5) أمتار بين عمود كونكريتي وآخر حيث زُيِّنَت بسياج من قضبان حديد متوازية.. ويحيط السياج بالقصر من جميع جوانبه الأربعة، وتقع في كل جانب بوّابتان واسعتان من قضبان الحديد أُغلقت كلها، عدا بَوّابَتَي الدخول والخروج المُطلّتين على الشارع العام الرئيس لحي “كرادة مريم”، بينما يشترك سياجه الجنوبي/الأيسر مع ثكنة فوج الحرس الجمهوري.
* (9) أبراج مراقبة وحماية بمحاذاة السياج من ثلاثة جوانب، حيث يخلو السياج الأمامي من أي منها… ويستوعب كل برج حضيرة كاملة مؤلفة من (10) جنود يمكنهم الرمي بأسلحتهم الى كل الإتجاهات.
* المبنى الرئيس الفخم الذي يشتمل في أروقته أجنحة وغرفاً واسعة وقاعات كبيرة، يحيط به شارع مبلَّط بالأسفلت يتوسّط حدائق غنّاء كبيرة ومنظّمة، يشرف عليها مهندس زراعي متفرّغ.
* سياج خلفي يطلّ على نهر دجلة، ويتقابل مع شارع “أبي نواس” وحي “الكرادة داخل” الواقعين على الضفة الأخرى… فيما كان السياج الأيمن/الشمالي متقابلاً مع سياج مبنى سفارة “الولايات المتحدة الأمريكية” والذي لم يكن يبعد عنه سوى حوالي (200) متر.
وبعد أن تأكدنا -نحن آمرو الفصائل- من إستقرار جنودنا في خيمهم التي نُصِبَت قرب نقاط الحراسة والحماية والأبراج، بكامل أسلحتهم وتجهيزاتهم
ومعداتهم، وأن ضباط الصف قد إستَوعبوا واجباتهم ومسؤولياتهم من نُظَرائهم لدى السرية/2 التي تهيّأت للعودة الى ثكنة الفوج، إجتمعنا ظهراً في غرفة آمر سريتنا “الملازم أول هشام عبد الكريم سيد علي” الذي بادر القول موضحاً:-
* تقدّرون -يا إخوتي الضباط- مدى أهمية الواجب الذي تكلّفنا به إعتباراً من هذا اليوم، والذي سيدوم لفترة شهرين قادمين مع إحتمالات التمديد في ظروف أمنية غير مستقرة في البلد… وأني على يقين تام إنكم ستبذلون قصارى جهودكم في سبيل إنجازه، كي نودّع هذا القصر بوجه أبيض ونودعه بسلام.
* أودّ أن أُوجّه حديثي بشكل خاص الى الملازمين “عبد الجبار جسّام وصبحي ناظم”، بإعتبارهما سيؤديان هذه المهمة للمرة الأولى، فعليهما الإستحضار جيداً بعد تفهّمهما الواجب وإستطلاعهما نقاط الحماية والحراسة وأبراج المراقبة وخطة الدفاع عن القصر وأساليب العمل، وأن يتعرّفا على السادة المسؤولين وكبار الموظفين، ويستوعبا واجباتهما وأسلوب تصرفهما أثناء ساعات الدوام الرسمي وبعد إنتهائه، وكيفية التصرف في المواقف الطارئة، والتعامل مع الباب النظامي وإستقبال الزائرين والمراجعين، وعلى أماكن تواجدهما المحددة ليلاً بشكل خاص، وأساليب الإجابة على الهواتف العديدة المنصوبة في غرفة التشريفات، وخصوصاً عند مكوث السيد رئيس الجمهورية في القصر كالعادة.
* وإذا ما إبتغيتُ إيجاز ما أوردتُه آنفاً، فأنني أُجملها بالنقاط الآتية، والتي ينبغي أن تسجّلوها في أوراقكم الخاصة، إذْ يتوجّب مراجعتها يومياً، حتى تتعوَّدوا على أساليب العمل خلال بضعة أيام ليس إلاّ:
1. لقد تعرّفتم على مبنى القصر الجمهوري والمنطقة المحيطة، وتفاصيل سياجه ونقاط الحماية المنتشرة على مداره، والأبراج المنصوبة لهذا الغرض، وعلمتم التفاصيل خلال تجوالكم مع ضباط السرية/2 التي غادرت، فلا حاجة لتكرارها… فالمهم أن يكون الجنديّان المكلّفان بالواجب في كل نقطة حماية في حالة يقظة وإنتباه ليل نهار، بينما يرتاح الآخرون في الخيمة المنصوبة قربها بموجودهم الكامل، عدا الذين ينزلون الى “بغداد” في ذلك اليوم.
2. عليكم أن تعلموا أن الجنود، بشكل عام، ما لم يراقبهم الضباط ويحاسبوهم، وما لم يشرفوا عليهم بجولات مستمرة، فإنهم قد يميلون الى الخمول… لذلك فإن تطبيقهم لمنهج التدريب الصباحي يجب أن يستمر خلال الساعات المخصصة والمقررة بقدر المستطاع، إذْ يبقى جندي واحد في كل برج مراقبة، فيما يتجمع أفراد الحضيرة أو المفرزة الواحدة قرب
ذلك البرج ليتدرّبوا ساعتين متتاليتين صباحاً… وينبغي على الضابط المكلَّف أن يتجول بين النقاط ومواقع الأبراج في تلك الفترة، ولا يُعفى من التدريب سوى منتسبو نقاط الحراسة في كل من البابَين النظاميّين للقصر والمطلّين على الشارع العام، والأبواب الثلاثة للمبنى الرئيس.
3. ومثلما علمتم، فأن ضابطين من سريتنا ينزلان الى “بغداد” يومياً، ويبقى الإثنان الآخران في الواجب بعد إنقضاء الدوام الرسمي مع حلول الساعة الثانية ظهراً… وقد قرّرتُ أن يكون الملازم “فاهم مالك” معي في الوجبة، بينما تكون الوجبة الأخرى مكوّنة من “الملازمَين عبدالجبار وصبحي”، والتي ستستمر هذا اليوم في الواجب. وعليهما ملاحظة ما يأتي بدقة:-
آ. الإنتقال إلى غرفة التشريفات بالساعة الواحدة والنصف ظهر هذا اليوم.
ب. التعرّف التام على الهواتف الموجودة هناك وضبط أرقامها وكيفية إستخدامها، وعلى الجهازَين اللاسكيّين المرتبطَين مع شرطتَي النجدة والمرور، ناهيك عن الهاتف المباشر الخاص مع السيد رئيس الجمهورية.
ت. الإطلاع على توقيتات أعمال السيد الرئيس لهذا اليوم، وخصوصاً خلال ساعات الدوام المسائي، وقائمة الزائرين، وأية ملحوظات يُبديها أو يدرجها مدير التشريفات قبل مغادرته مكتبه، ومعرفة فيما إذا كان أحد موظفي التشريفات سيحضر في ساعات الدوام المسائي هذا اليوم من عدمه.
ث. تنسيق العمل بين “صبحي وعبدالجبار” بحيث يبقى أحدهما ساعتين كاملتين في غرفة التشريفات، بينما يقوم الآخر بجولة على نقاط الحماية قبل أن يتبادلا واجبَيهما، ويواصلان هذا الأسلوب طيلة النهار والليل وحتى بدء الدوام الرسمي ليوم غد، إذْ بعد حضوري والأخ “فاهم” إلى القصر فإنهما يخلدان الى غرفة منامهما لنيل الراحة والنوم وحتى إنتهاء الدوام الرسمي ظهراً لينزلا إلى “بغداد”… وبذلك فإنكم ترون أن كل وجبة من الضباط تعمل لـ(24) ساعة متتالية دون راحة تُذكر.
ج. بعد أن تتأكد الوجبة الخافرة اليوم من إنهاء إلتزامات السيد الرئيس لإلتزاماته ليلاً، ولا يتم ذلك ليس قبل الساعة العاشرة ليلاً، أوانئذ يمكن للضابط المتواجد في غرفة التشريفات أخذ قسط من الراحة المؤقتة في الغرفة نفسها، وعلى إحدى الأرائك، ريثما ينتهي الضابط الآخر من جولته حول نقاط الحماية، أو ينتقل الى الباحة الوسطى لمبنى القصر تحت “القبّة الزرقاء”.
ح. وينبغي أن أُذكّركما، كونكما ضابطين جديدين تعملان في القصر الجمهوري للمرة الأولى، أنكما يجب أن تكونا على أعلى مراتب الأدب واللياقة والأصول والأخلاق العسكرية في تصرفاتكما مع الجميع، وخصوصاً عند إستقبالكما الزائرين والمراجعين، أو لدى توديعكما لهم… وأن لا تحسبا نفسيكما، ما دمتما تحميان هذا القصر، أنكما تؤديان واجباً إستثنائياً يجعلكما تغترّان بمنصبيكما -إن جاز التعبير- بل ينبغي أن تكون علاقاتكما سوية، بل ومتواضعة، إذْ عليكما أن تتذكّرا أنكما ضابطان في الجيش قبل أن تكونا ضابطَين في الحرس أو القصر الجمهوري… فإذا كنتما اليوم هنا فلربما تكونان غداً في أية وحدة من وحدات جيشنا، سواء في شمالي العراق أو جنوبه، في شرقه وغربه، أو مرابطين في حدود العراق مع دول الجوار.
خ. وجبات طعام الجنود يتم جلبها من مطبخ الفوج بسيارة الأرزاق حسب التوقيتات اليومية المعتادة، وتنقل السيارة التابعة للضباط طعامهم من مطعم الفوج… ولكن، يحقّ للضابط الجالس في غرفة التشريفات طلب وجبة طعام واحدة وعصير الفواكه والشاي والقهوة من مطبخ القصر الجمهوري ليلاً، إن إحتاج الى ذلك قبل حلول منتصف الليل، وهو الوقت الذي يُغلق فيه مطبخ القصر.. ولكني أنصحكم بإستبعاد طلب تلك الوجبة أو سواها -عدا الشاي أو المرطبات- إلاّ في حالة الحاجة القصوى، كي تبقى النظرة الى الضباط عالية في نفوس الأشخاص العاملين في خدمة القصر.
د. وفي الختام، علينا أن نعلم أن سريتنا، وبعد أن كُلِّفَت بهذه المهمة، فإن إرتباطها يُعتبَر مُنفَـكّـاً من مقر الفوج من الناحية العملية، وتضحى بإمرة ديوان رئاسة الجمهورية، وتنفذ الأوامر التي يصدرها كبار الأشخاص المسؤولين فيه، وأن معظم المعاضل ينبغي أن نعرضها أمام السكرتير العام أو المرافق العسكري الأقدم للسيد الرئيس.
وهنا، كان الوقت قد قارب الواحدة والنصف ظهراً، حين توجّهتُ والملازم عبدالجبار جسّام الى غرفة التشريفات لتتوضّح لنا بعض تفاصيل واجب اليوم الأول في حماية القصر الجمهوري.