7 أبريل، 2024 7:40 ص
Search
Close this search box.

كيف قتلت إيران وكوادر الدعوة محمد باقر الصدر ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

لقد رسم السيد محمد باقر الصدر إستراتيجية ثورية لتطبيق خطته بأحداث تغييرات جوهرية في محيطه ومجتمعه والنظام السياسي والمؤسسة الدينية والعالم بأسره . باختصار لم يعجبه أيّ شئ حوله ! ولهذه الأسباب وغيرها كان الشهيد الصدر هدفا للانتقادات القاسية من خصومه العلمانيين والدينيين على حد سواء . على أيّ حال كان نشاطه السياسي في بداية سني شبابه واستشهاده المبكر محض مصادفة تاريخية حسب رأيي ، ولم تكن نتيجة خطة طويلة الأمد أعُدّت من جانبه حيث لم يحاول السيد الصدر وبالذات في السنتين الأخيرتين من حياته إنَّ يزج نفسه في مواجهه مفتوحة أو (مكشوفة) مع حكومة البعث خصوصا وأنَّه أحس إنَّ الفرصة لم تكن سانحة لخوض مثل هذه المواجهة ونجاحها ولكنهُ (( زُج )) في المعارضة الشعبية ضد النظام البعثي بواسطة (( القيادة الإيرانية الخمينية )) والعراقيين الذين تأثروا بالثورة الإيرانية وبالأخص (( أعضاء حزب الدعوة )) . وطبقاً لما أوردهُ الشيخ النعماني صاحب كتاب ( سنوات المحنة وأيام الحصار ) كان السيد الصدر غير مرتاح لمواكب البيعة والتأييد التي وفدت على بيته والتي نظمها ( حزب الدعوة ) لأنَّه أحسَّ إنَّ الحركة الإسلامية قد كشفت عن قوتها وعناصرها لأمن النظام وبطشه ، كما وأحسَّ إنَّ الوقت لم يكن سانحاً لثورة ناجحة وكان هاجسه في ذلك الوقت ردود فعل النظام التعسفية . ولكن وعلى العكس من ذلك مضى النظام الإيراني قُدُماً في حملته ضد النظام البعثي في العراق حصرا دون النظام البعثي في ( سوريا !) من خلال إذاعتهم الناطقة بالعربية والموجهة إلى العراق بالأخص ، وحرضوا المنظمات السياسية الإسلامية في العراق على تنظيم المظاهرات والاحتجاجات بأسلوب مشابه للذي اتبع خلال الثورة الإيرانية وخرجت الجموع تردد شعارات الولاء للسيد الصدر الذي يبدو أنَّه قد  (( وُضع )) في موقف حرج و (( دُفع )) رغماً عن خطته السياسية إلى تأييد الجماهير التي كانت تنادي باسمه ! . وأحس كقائد تاريخي أنَّه اُكره على الوقوف بصف الجماهير التي كانت بحاجة إلى قيادته . والمؤشرات تجعلنا نعتقد بأنه لا يوجد أحد قد إستشار الصدر لا من القيادة الإيرانية ولا من كوادر حزب الدعوة . والواضح أنَّه كان يستمع إلى نداءات الخميني والقادة الإيرانيين الآخرين تدعوه للثورة ضد الحكومة من خلال الراديو فقط . كان الخميني المؤمن بولاية الفقيه  قد كرس جهده لتطبيقها في إيران ومن ثم تصديرها للعراق ولبنان ودول الخليج وكان يطمح أن يكون المرجع العام والوحيد للشيعة في العالم وصاحب القول والفصل ولا يجب أن تكون هناك مرجعية أخرى أعلى من مرجعيته أو مستقلة عنها لا في النجف ولا في أي مكان أخر واذا كان ولابد أن تكون هناك مرجعية في مكان أخر فيجب أن تكون ضعيفة وتابعة لولاية الفقيه في إيران على شرط أن يكون جميع المراجع من (الفرس) . إن وجهة نظر الخميني (مثل غيره من الفرس) في مسألة تصدي رجل الدين من أصول عربية للمرجعية خط أحمر لا يمكن تجاوزه حتى وأن كان رجل الدين مؤيدا للخميني ! وهذا أحد أهم الأسباب التي أسقطت ورقة محمد باقر الصدر من حسابات الخميني وأذا ما أخذنا بنظر الأعتبار الأرضية التي يحتلها الصدر في النجف مع المؤهلات العلمية التي يمتلكها فأن ذلك بكل تأكيد كفيل بترشيحة للمرجعية بعد وفاة الخوئي دون منافس وهذا ما يرفضه الخميني لأنه يسعى إلى تهميش مرجعية النجف وجعلها تابعة لولاية الفقيه حتى يكون زمام شيعة العراق بيده وقد يهدم أستفراد الصدر بالمرجعية كل ما ينوي الخميني بناءه على أقل تقدير تعريب الحوزة العلمية بالنجف وتهيئة مناخها لرجال دين عرب ! هذا بالإضافة إلى أن الصدر قد يكون في المستقبل منافساً قوياً للخميني أذا ما خرج عن تأييد الأخير ! أذن فقد بات وجود الصدر غير ضروري !!. إضطر الصدر بعد أن وجد نفسه مرغما أن يجهز نفسه للقيام بثورة إسلامية في العراق على غرار الثورة التي حدثت في إيران فبعث أحد أتباعه وهو محمود الهاشمي ليكون وكيلا له في إيران ، وما أن وصل الهاشمي إلى إيران حتى بثت وسائل الإعلام الإيرانية ومنها أذاعة طهران العربية رسالة موجهة من الخميني إلى الصدر جاء فيها :
” سماحة حجة الإسلام والمسلمين الحاج السيد محمد باقر الصدر دامت بركاته ،، علمنا أن سماحتكم تعتزمون مغادرة العراق بسبب بعض الحوادث ، إنّني لا أرى من الصالح مغادرتكم مدينة النجف الأشرف مركز العلوم الإسلامية وإنّني قلق من هذا الأمر، آمل إن شاء الله إزالة قلق سماحتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ” !!! . هذه الرسالة بكل تأكيد مثيرة للجدل من عدة جوانب ، الأول : أن الخميني خاطب محمد باقر الصدر بـ (حجة الاسلام والمسلمين) مع العلم أن للصدر اتباع ومقلدين ورسالة علمية بمعنى أن الصدر مرجع وليس حجة الإسلام والفرق في المعنى واضح بين اللفظين حسب العرف الحوزوي  لكن كما يبدو أن الخميني غير معترف بذلك أو لا يريد أن يعترف بذلك ! كما أن أرسال محمود الهاشمي وكيلا عن الصدر في إيران أزعج الخميني ، فالمراجع وحدهم من يجعلون لهم وكلاء !!،، ومن المفروض أن يستغل الخميني هذه الفرصة لتثبيت مرجعية محمد باقر الصدر (لو كان يرغب بذلك) ليضرب بها مرجعية الخوئي التي لا تؤمن بولاية الفقيه لكن الخميني أنتبه إلى أن تقويض مرجعية الخوئي ستؤدي إلى أتساع قاعدة أتباع الصدر لأنهم بدلا من توجيه أنظارهم إلى إيران سيتوجهون نحو البديل القريب محمد باقر الصدر وهذا ما جعل الخميني يسارع في حفر قبر الصدر بكلتا يديه فبث رسالته أذاعياً ليكشف العلاقة التي تربطه بالصدر ويضعه في موقف محرج أمام النظام العراقي . أما الجانب الثاني فهو  ماحملته الرسالة كان موجها للقيادة العراقية ليلفت أنتباههم إلى أن الصدر على وشك المغادرة ، وهذا يعني مشروع تشيكل معارضة أسلامية موالية لإيران خارج العراق ! مع العلم أن اي نية للصدر بمغادرة العراق لم تكن موجودة  وقد تفاجأ الصدر بهذا الخبر وحاول كشف ملابساته لكنه فشل في ذلك . كان الخميني يأمل من رسالته أن تقوم السلطات العراقية بإعتقال الصدر ، وتقديمه للمحكمة بتهمة التخابر مع دولة أجنبية ، لأن الخميني سيضرب عصفورين في حجر واحد ، التخلص من الصدر وازاحته من الطريق ، و كذلك يستغل الحدث لأثارة الشارع الشيعي ضد الحكومة العراقية .على كل حال فإن السياسة الخمينية والمتحمسين لها في العراق جعلت السيد الصدر يدفع الثمن غالياً وإنها لنتيجة مؤلمة حيث راح فيها الصدر ضحية للنفاق الايراني ومن أجبره من ( المقربين ) على ان يصدق بسراب شعارات الدعاة الموالية ! .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب