في محاولة بسيطة لمعرفة اسباب فشل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في الحفاظ على هيبة الدولة وتحقيق مطالب عباد الله، علينا الرجوع للايام الاولى لتسلمه النصب والتعهدات التي اطلقها في مواجهة السلاح المنفلت ومحاسبة قتلة المتظاهرين وتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال المحافظة على “رغيف الخبز” للمواطن الفقير وايقاف جشع اصحاب صفقات الفساد من خلال مكافحته.
جميع تلك التعهدات اطلقها الكاظمي معتقدا بانها ستتحقق من خلال الاعتماد على الدعاية “الرخيصة” وشراء بعض الاقلام “الماجورة” من اصدقاء الامس وخاصة بعد تحول العديد منهم لمستشارين في مكتب رئيس الوزراء، عملهم يتركز في محاولة ايجاد التبريرات لتاخير تنفيذ تلك التعهدات حتى لو تطلب الامر استخدام سياسية “اكذب ثم كذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”، كما كان يرددها وزير الدعاية في عهد هتلر جوزيف جوبلز، لكن رئيس الوزراء يبدو انه بالغ كثيرا في استخدام تلك السياسة حتى افقدته مصداقيته لدى الجميع، واصبحت خطاباته وبياناته تثير “الضحك والسخرية” في الوقت ذاته، لعدة اسباب ولعل اقربها، الاعلان عن تشكيل لجان تحقيقية في كل مرة يتعرض الاستقرار الامني للخروق فليست قضية اللجان في عمليات اغتيال هي الوحيدة التي نسمع عنها ولا نرى نتائجها، فهناك عمليات التفجير والحرائق التي تسجلها المؤسسات الحكومية واخرها حريق مستشفى ابن الخطيب الذي اكتفى الكاظمي باستقالة وزير الصحة حسن التميمي من دون محاسبته رغم فقدان حياة اكثر من 80 شخصا واصابات تجاوز عددهم المئة.
ومن ضمن النقاط المسجلة في ملف التعهدات، حماية المتظاهرين، التي اثبت الكاظمي “عجزه” عن تحقيقه من خلال الاستمرار بقمع المحتجين باسلوب مشابه لطريقة حكومة المستقيل عادل عبد المهدي، والدليل حينما تعاملت قوات مكافحة الشعب مع متظاهري 25 ايار في ساحة التحرير بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي ليضاف القوائم شهداء الاحتجاجات السابقة شهيدين، كانا يطالبان بالكشف عن قتلة زملائهما فكانت الاجابة رصاصات بالراس، ليخرجنا علينا دولة الرئيس باعلان تشكيل لجنة لمعرفة اسباب ماحصل، لتلتحق باللجان السابقة التي لم نعلم نتائجها بالكشف عن المتسببين بقتل متظاهري تشرين حتى الان، وبدلا من اعترافه بالفشل بهذا الملف وتقديم اعتذار لعوائل الضحايا، وجد الكاظمي “حيلة” جديدة ليست بعيدة عن مستشاريه حينما جعل عملية اعتقال قائد الحشد الشعبي في الانبار قاسم مصلح بعد يوم على ” جريمة” ساحة التحرير، على الرغم من صدور مذكرة الاعتقال قبل نحو اسبوع، في محاولة مكشوفة للتغطية على قمع المحتجين.
قد يقول بعض القراء… بان مصلح متهم بعمليات الاغتيال التي استهدفت الناشطين والمتظاهرين ومنهم فاهم الطائي وايهاب الوزني، لكن.. التساؤل الذي يفرض نفسه لماذا اختار الكاظمي ولجنة مكافحة الفساد برئاسة احمد ابو رغيف هذا التوقيت لاعتقاله؟،. الذي فتح باب اخر من فشل الكاظمي وحكومته في الحفاظ على هيبة الدولة حينما اقتحمت قوات من الفصائل التابعة للحشد الشعبي مع الياتها واسلحتها المنطقة الخضراء للمطالبة بالافراج عن قائد حشد الانبار، لتكون الرسالة الثانية من الفصائل بعد حادثة عملية الدورة التي اقتحمت في ليلتها ارتال من الفصائل المنطقة الخضراء وحاصرت منزل الكاظمي بعد اعتقال القوات الامنية في حينها عناصر من (كت..ا..ئب حز…ب الله)، لتنتهي عملية الاستعراض بالافراج عنهم، وهذا ما سيتكرر مع قائد لواء الطفوف قاسم مصلح، الذي سينقل الى امن الحشد ليحصل بعدها على الافراج، مقابل خسارة “دولة الرئيس” جولة اخرى امام سلاح الفصائل، واهانة جديدة تضاف لسلسلة الاهانات التي جلبها الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء بسبب “ضعفه” وعدم قدرته على اختيار التوقيتات المناسبة لاتخاذ القرارات واعتماده على دعايات كاذبة يسوقها فريق المستشارين، في حين شكلت الاقتحامات المتكررة رسائل سلبية للبعثات الدبلوماسية وسفارات الدول الاجنبية التي تقع مقارها داخل المنطقة الخضراء، وهو مادفع بعضها للمغادرة خوفا من تصاعد الاحداث، كون المنطقة اصبحت غير ملائمة للحفاظ على امنها.
الخلاصة:.. ان استمرار الكاظمي بهذه السياسية التي تعتمد على “استصغار” عقول الناس وعدم مصارحتهم بالحقيقة سيجلب المزيد من الاخطاء الكارثية التي ستكون نهايتها “ضياع” الدولة بجميع مؤسساتها وتسليمها لمن يمتلك المال والسلاح وليس لمن تختاره صناديق الاقتراع التي سيفشل الكاظمي ايضا في توفير الامن الانتخابي لها… اخيرا.. السؤال الذي لابد منه… متى يخجل الكاظمي ويقدم استقالته؟….