يضرب ألمثل بأبوجعل لكل شيئ قبيح كريحة ألرائحة ؛وهي صفة تلصق بالشخص ألدنيئ ألمؤذي ؛ويقال أنه ذكر ألخنفساء ؛يعيش في حفر مظلمة تكتنفها ألراوائح ألكريهة وألأوساخ والقاذورات ؛تمنى أبوجعل أن يتزوج الشمس ؛فطلب يديها ؛فطلبت منه أن ينظف ألحفرة التي يعيش فيها ويطيبها برائحة ألورد والياسمين ؛ويجعلها مكشوفة لأشعة ألشمس ؛بعد أن نظف أدرانه وأوساخة؛وافق على شروطها ؛نام بشكل مباشر تحت ألشمس ليزداد نظافة ورونقا ؛ولكنه مات بعدفترة وجيزة بعد تعرضه للشمس؛ضحكت ألشمس ؛وقالت ألله يرحمك؛يبدو أن أشعة الشمس وألهواء الطلق لاتناسب أبوجعل لكي يعيش في بيئة نظيفة ؛ولذلك نفق!!.
هذه الحكاية التراثية ؛تنطبق تماما على ألأجيال التي ترعرعت في العراق خلال ألحكم ألصدامي ؛حيث كانت تعيش أما في أجواء ألظلم وألأضطهاد والتهميش والأرهاب أو في بيئات ألقتل وألتعذيب وأقصاء ألآخر؛ ونتيجة لذلك نشأت أجيال تعيش حالة الخوف والهلع وألخنوع ووفقدان الثقة بالنفس و أجيال أخرى تعيش في أجواء ألأنتقام وزهوة ألسلطة وألمال ؛وتتلذ بتركيع الأخرين وسلبهم حقوقهم ألأنسانية ؛ومعظم هؤلاء الناس نشؤوا في بيئات مريضة تسود عوائلها ثقافة العنف وألأنتقام وتتميز بأنعدام التعليم؛ والبيئة الصالحة؛ لاتستطيع ألمشاركة مع بقية أفراد المجتمع في جو من الحب وألأخاء والتعاون ؛ومعظمهم فاقدي الشخصية والثقة بالنفس .
عندما وصلت حثالات البعث الى السلطة وخاصة بعد تسلم صدام الحكم ؛أستفاد من شخصيات المجموعة ألثانية في نشر ثقافة ألموت ولاغرابة أن يطلق على فترة حكمه{بجمهورية الرعب}؛ ومن خلال مراجعة خاطفة للأشخاص ألمقربين منه ؛مثل علي الكيماوي وحسين كامل وعزت الدوري وطه الجزراوي ؛سنجد أنهم بالأضافة الى سيدهم ؛نشأوا في بيئات متدنية التعليم ومن عوائل مفككة ؛أما شهاداتهم فلا تتعدى ألأبتدائية ؛وأفضل واحد فيهم ألجزراوي؛ فهو نائب ضابط مطرود من الخدمة !!.من هذه البيئة ألقذرة ألتي تعيش في كهوف ألظلام ألتي تمتلأ بالقاذورات وألروائح النتنة ومن تربيتهم المنحرفة ؛نشأت أجيال تحمل نفس ألأفكار وألمناهج.
فعندما حصل التغيير وحصلت فسحة للتعبير بعد السقوط ؛لم تستطع هذه المجاميع ألتي عاشت في بيئات ألقتل وسفك ألدماء وألأرهاب ؛أن تتخلى عن أخلاقيتها التي تربت عليها ؛فأخذت تقتل وتدمر وترهب ؛وبدون تميز بين طفل وشيخ أوأمرأة ؛ولم ينجوا منهم حتى ألمختلين عقليا حيث أستخدموهم بأعمالهم ألأجرامية.ولكون هذه ألمجاميع لايمكنها أن تعيش في أجواء طبيعية ؛فقد تعودت أن تعيش على صرخات ألثكالى وأليتامي وألضعفاء فأصبحت جزءا من كينونتها ؛وقبلة يتوجهون لها ؛وبحجة محاربة ألمحتل وأعوانه ؛أخذت تقتل كل من تمر عليه سواءا أكان شيعي أوسني أو مسيحي أوصابئي أوغيرهم من مكونات الشعب العراقي ألمظلوم ؛فبعد عشر سنوات على سقوط الصنم لازالت الدماء تسيل يوميا على أرض ألرافدين. فقد قامت بقتل ألناس الأبرياء ورميهم في المزابل وفي الشوارع وألأزقة و ألصحارى و ألأنهار والبحيرات ؛ومعظمها مقطوعة الرؤوس وشملت حتى ألضحايا ألذين لم يتبقى منهم سوى أجزاء من أللحم أوألعظم؛وكثير منهم تم حرقهم وهم أحياء!!وألمضحك ألمبكي يقتلون ألناس بأسم ألله تعالى وشريعة ألأسلام السمحاء.
من كل ماتقدم ؛يمكننا ألقول أن هذه ألمجاميع ستبقى لفترة طويلة تقتل وتدمر ؛لأنها لاتستطيع أن تعيش تحت الشمس فقد تعودت ألعيش في الكهوف المظلمة ألنتنة ألتي ربى بها ألطاغية صدام ؛أعوانه وعصاباته؛ ورؤيته لمفهوم ألعيش على سفك ألماء وأرهاب الأخرين وأعتبار ألظلام هو أللون ألوحيد ألذي يمكنهم العيش فيه ؛وأن ألهواء الفاسد وألرائحة ألنتنه التي يستنشقونها هي ألرائحة الطبيعية ؛فأذا طلعت عليهم الشمس وتعرضوا لأشعتها وأستنشقوا الروائح ألنقية وألعطرة؛ ماتوا كما مات أبو الجعل؛ وكما قال الكواكبي؛ألرعاع أدوات ألأستبداد؛ بيد ألطواغيت؛يثورون كالثيران ألهائجة يحطمون كل شيئ يقف في طريقهم ويحرقون ألأخضر واليابس!!..