23 ديسمبر، 2024 11:34 ص

كيف حصلت داعش على قاعدة بيانات وزارة الدفاع العراقية؟

كيف حصلت داعش على قاعدة بيانات وزارة الدفاع العراقية؟

في جلسة يوم الأربعاء 3/9/2014 التي خصصت لبحث فاجعة المغدورين في قاعدة سبايكر، ذكر أحد القادة العسكريين بأن الداعشيين كانوا يتحققون من معلومات معينة عن بعض منتسبي الجيش عن طريق قاعدة بيانات لعدد من فروع وزارة  الدفاع كانت متوفرة لديهم. وقد أرانا مقطع فيديو يبين الداعشي وهو يبحث في جهاز حاسوبه عن معلومة طلبها زعيمه منه.

بعد هذه الإفادة سأل أحد النواب عن الكيفية التي حصلت فيها داعش على هذه المعلومات الحاسوبية التي يفترض فيها أن تكون في غاية السرية. لم أستطع معرفة الجواب لتعثر البث التلفزيوني، هذا إذا كان قد أُجاب الضابط على السؤال أصلاً.

بالنسبة لي كان الجواب واضحاً وقد أفصح عنه الحاكم المدني بول بريمر من حيث لا يدري.  فقد صرح السيد بريمر بتأريخ 17/11/2013 في فضائية “الميادين” بأنه قد أعاد للخدمة 80% من ضباط الجيش السابق من رتبة عقيد فما دون أي الأكثر تزمتاً في طغمويتهم(1) من الضباط الأعلى رتبة من عقيد فما فوق.

إذا إفترضنا أن 1%  فقط ولا أكثر من أولئك الضباط الذين أعادهم بريمر للخدمة، هم من الطغمويين(1) الذين يضعون ولائهم البعثي الطغموي أو مصلحتهم الشخصية فوق مصلحة الوطن – فلا غرابة بعدئذ أن يتم تسريب قواعد البيانات والخطط العسكرية بل وأخطر منها إلى أجهزة مخابرات تركيا والسعودية وقطر وداعش وإسرائيل دع عنك أمريكا(2).

وإذا توسعنا فسيكون المشهد أكثر خطورة ومأساوية. فهؤلاء الضباط حتماً تربطهم علاقات حزبية أو شخصية بقادة القاعدة والزرقاوي وداعش الذين هم عراقيون من الجيش الطغموي السابق كما سنرى لاحقاً. لذا فتسريب المعلومات والتآمر على تنفيذ أعمال إجرامية وتخريبية كثيرة كان جارياً على قدم وساق منذ الأيام الأولى وكانت نتائجه إنفجار المفخخات والعبوات الناسفة والصواريخ والهاونات والكواتم وغيرها التي قتلت وجرحت ما لا يقل عن نصف مليون بريئاً.

بالطبع فإن هكذا ظروف لا تساعد أبداً على بناء جيش جديد يتدرب في ساحة القتال أي يتدرب وهو يقاتل كما قال وزير الدفاع وكالة الدكتور سعدون الدليمي في فضائية الحرة. زد على هذا ما صرح به الدكتور  الدليمي في جلسة مجلس النواب من أن الجيش، للأسف، ليست له حاضنة. [فشحن محافظ نينوى أثيل النجيفي ورفاقه كان مستمراً للنيل من الجيش العراقي والقوات الأمنية بشهادة العديدين ومنهم النائب الشبكي الدكتور حنين قدو والسيد وليم وردة رئيس منظمة حمورابي لحقوق الإنسان والشيخ ريان الكلداني المستشار في مكتب رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية وكلهم من أهالي الموصل.]   

إذا تذكرنا ما قاله وزير الدفاع وكالة الدكتور سعدون الدليمي من أن الأمريكيين، أثناء شغله وزارة الدفاع في حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري، كانوا يحاصصون الجيش على أسس طائفية؛ وإذا تذكرنا ما قاله الدكتور سعدون أيضاً من أن معظم قيادات داعش هم من الضباط العراقيين السابقين الذين كانوا محتجزين في سجن بوكا الأمريكي في البصرة ومن ثم أطلق سراحهم [بتقديري: أُطلقوا بعد التفاهم معهم على خطة بعيدة المدى لإعادتهم إلى السلطة لأنهم مشروع عمالة نافع]؛ وإذا تذكرنا ما قاله المبعوث الأممي والجامعة العربية إلى سوريا الدكتور الأخضر الإبراهيمي: “واهمٌ من يظن أن داعش تريد سوريا، إنها تريد العراق” [أي إن داعش هي في واقع الحال “سلاح دمار شامل مصمم للعراق”] – إذا تذكرنا كل هذا وما سبقه من كلام أعلاه  وما شهدنا من نكث لعهود أمريكا إذ لم تسلِّم حتى الطائرات والمعدات المتطورة المشتراة منها، فهل يبقى لدينا شك في أن أمريكا لم ترد تشكيل جيش عراقي حقيقي بل أرادت تشكيل ثلاث مجاميع مسلحة بسلاح متوسط لحفظ الأمن الداخلي وباقي المهمات تُعهد لأمريكا الحنونة.

ولما تحدّى الرئيس المالكي هذه الصيغة الجائرة بجرأة ووطنية وحصل على السلاح من روسيا الإتحادية إنقضّت عليه أجنحة داعش السياسية(3) ومن ثم داعش ذاتها كما إنقضّت إسرائيل ذات يوم على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

ومع هذا الغدر خرج الزعيمان منتصرَين بمعايير شعبيهما رغم النكستين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(2): عند إعادة ضباط من الجيش السابق إلى الخدمة، حوالي عام 2006، غضب رئيس تحرير صحيفة “الجيران” الإلكترونية على العميد (الآن: الفريق) محمد العسكري، مستشار وزير الدفاع، لأنه صرح بأنهم يدرسون ملفات الضباط المعادين للتأكد من سلامتهم من التورط في الدم العراقي. غضب رئيس التحرير لأنه إعتبر هذا الإجراء “عرقلة للمصالحة”!!!

(3): الأنكى أن الطغمويين يطرحون وبكل قوة الآن إلغاء قانون المسائلة والعدالة. والأغرب أن الرئيس أوباما يؤيدهم في مطلبهم هذا وذلك في المقابلة الصحفية التي أجراها معه الإعلامي توماس فريدمان قبل أسبوعين تقريباً.