23 نوفمبر، 2024 3:30 ص
Search
Close this search box.

كيف تناولت شبكات التواصل الأجتماعي نازحي الأنبار؟!

كيف تناولت شبكات التواصل الأجتماعي نازحي الأنبار؟!

في يومنا هذا تعتبر شبكات التواصل الأجتماعي أفضل وسيلة لأستطلاع الرأي العام، دون قيود وشروط وإنتقائية وحدود، ستأخذ الخلاصة بعيداً عن المجاملات والتصنع. ولأن العراقيين كغيرهم من الشعوب العربية التي تعاني من مشاكل عدة، يقضي كثير من الناس مجمل اوقاتهم في شبكات التواصل بحثاً عن نقاش وترفيه وتواصل مع عالم لايستطيعون التواصل معه بشكل حقيقي واقعياً. نازحي الأنبار ليس إلا موضوع من عدة مواضيع مستمرة، وشبكات التواصل الأجتماعي وعالمها الأفتراضي وعبر مستخدميها؛ تواكب الحدث احياناً أكثر من الواقع ذاته.

سجالات ونقاشات وتوترات وتعاطف وتأييد ومساندة وموضوعية وكل ذلك، محصلة مايمكن الحصول عليه من الرأي العام حول نازحي الأنبار. ما أستطعت ملاحظته من الموضوع إن الحكاية أخذت حجم لم يأخذه مواضيع إخرى مشابهة وحول نزوح ايضاً لكن من مناطق مختلفة وفي اوقات مختلفة ايضاً. ويبدو أن السبب يعود إلى إختلاف الطريقة التي تم التعامل بها مع الأمر وهنا أقصد موضوع الكفيل الذي أثار الحكاية وإلا بدونه لم يكن للحكاية أن تأخذ هذا الحجم. كما إن خصوصية ورمزية الأنبار ساعدت على زيادة أهميتها عن المواضيع الأخرى المشابهة.

في العراق، كاذب من يقول أنه يستطيع تقييم المجتمع وأفكاره بشكل مطلق، وبشكل واضح يمكن ملاحظة التناقضات الرهيبة الموجودة والتي تجعلك كأنسان في حالة متذبذبة بين صعود للقمة وهبوط لأسفل القاع. تعليق يفرحك ومنشور يجعلك تكره الحياة كلها، والعكس صحيح. هكذا هي الحياة الأفتراضية التي نعيشها على شبكات التواصل الأجتماعي. ووفق هذه المعادلة الخالية من أي معايير، خرجنا بالتالي:

ثلاث أصناف هم من شكلوا الرأي العام حول نزوح الأنبار؛ العدوانيون، العراقيون ومابينهما. العدوانيون هم الذين يرفضون ويعارضون ويهاجمون كل شيء، إنطلاقاً من أفكار داخلية ومواقف مسبقة لاتهتم للأستماع وتتخذ موقف واحد معادي من كل شيء يخالف بنيتها الفكرية وكأن تكون أفكار طائفية وغيرها، والعدوانيون ليسوا من صنف واحد بل من مجمل الطيف العراقي والذي لولاهم لكان عراقنا الحبيب بخير الأن. اما العراقيون فهم الذين يهتمون للأنسان العراقي دون النظر لخلفيته وبتجرد وتعاملاً مع الحدث. مابينهما فئة مترنحة غير واضحة المعالم، تتفاعل مع الطرفين وتتخذ احياناً الوطنية غطاء لتمرير سموم بقصد ودون ذلك.

علي من البصرة، أبو الغيرة كما علقت عليه، صديقي الأفتراضي الذي كتب عن إستعداده لتوفير سكن مجاني لكل راغب ومحتاج. شخص أخر من الديوانية لا اعرفه وشاهدت له منشور كان يدعوا شخص معين للديوانية ويبدي إستعداده للقدوم لبغداد ومصاحبته بنفسه والتكفل بأموره. شيء لايمكن التعليق عليه بكلمات، إنها حالة تجعلك في صعود للقمة كما وصفتها سلفاً. غير البصري وأبن الديوانية يوجد كثيرون ممن يجعلوك تتفائل بغدً مشرق لعراقنا الحبيب. اما العدوانيون فلا يستحقون ذكرهم لأنهم أقل من أن يستحقوا كلمة نكتبها عنهم، فهؤلاء دون موضوعية يفتحون مواضيع ليسوا على دراية بخلفياتها وأسبابها بل وحتى اطرافها الحقيقيين، ومنهم من إستحضر التاريخ كله وجلس يفتش في كل ما من شأنه إثارة المشاكل والنزاع في لحظة يتوسل فيها كل عراقي على شيء يساعده في لملمة جراح الفرقة التي دمرت وطننا، وقد يبدو لكم من الحديث أن هذا طرف واحد والحقيقة هم من مختلف الأطراف التي لا أحب تسميتها بالأسم.

الطرف الأسوء من العدوانيون هو هذا الذي وصفته بكلمة “مابينهما”، ذلك لأن الأساءة عنده مضاعفة بالمقارنة مع العدوانيين الواضحين في موقفهم، فهو يستخدم كل عمل خيري ويسيء له. مثل شخص قد نشر صور لعمل خيري وعلق عليها بكلمات لاتليق مما انعكس على ردود الفعل التي بالتالي حصدت نتائج عكسية محت كل مايمكن الخروج به من اشياء ايجابية، ولعل هذا الفرد قد اساء لأصحاب العمل الخيري قبل غيرهم؛ وهؤلاء الذين قدموا العمل الخيري لو كانوا يمتلكون الفكرة ذاتها التي علق بها هذا الشخص لما ذهبوا لتقديم هذا العمل من الأساس.

قبل فترة كتب الأستاذ سرمد الطائي مقالة شرح فيها أن بغداد أقل طائفية من الفيسبوك، عن تجربه لمسها عند زيارته الأخيره للعاصمة. بالطبع كان دقيق في وصفه وكثيرون ممن اعرفهم واقعياً وأفتراضياً قد كتبوا عن هذا الشيء وعن تجربة. لا اعرف كيف يكون الواقع الذي نهرب منه، أفضل من العالم الأفتراضي الذي نعيش فيه ولماذا نهرب من الواقع مادام كذلك؟!. أمر بحاجة لفهم واسع ومن ناحيتي أجد أن القيود القانونية والمجتمعية والأمنية إسباب تخفف من حدة الرأي وبالتالي العالم الأفتراضي أكثر مصداقية فهو يستخرج مافي القلوب بينما العالم الحقيقي مناسب اكثر للعيش بهدوء نسبي.

ختاماً، شاهدت بعض المنشورات المفرحة، وبعض القبيحة. لا شيء مطلق ورغم قلة الأيجابي يجب أن ندعمه حتى يتكاثر. الكلمة الطيبة صدقة وليس شرط تحقيق الدعوات، مجرد سماع كلمة طيبة من ابن الوطن هي أكبر من تقديم أي مساعدة اخرى، المساعدات للحكومة والمنظمات. وللناس مايستطيعون والكلمة والموقف لا أكثر.

أحدث المقالات

أحدث المقالات