23 ديسمبر، 2024 7:02 ص

كيف تنال منصبا.. بسرعة!

كيف تنال منصبا.. بسرعة!

قد يبدوا سؤالا خادعا ومحيرا.. فربما يظن من يسمعه في دول متقدمة, أن السؤال ساذج ربما, فالأمر لا يحتاج لتساؤل, فالكفاءة ومقدار الإنتاجية وما يمكن تقديمه للمؤسسة أو الشركة أو الموقع الحكومي.. وما تحمله من أفكار مبدعة يمكنها تطوير العمل وتقديم ما هو جديد, وإمتلاك شخصية قيادية تمكنك من بناء فريق عمل ناجح, يسبق كل ذلك تعليم بمستوى مقبول, وتخصص حقيقي وخبرة بحد معين.. لكن ماذا عن جواب السؤال ضمن واقعنا؟!
أنسوا معيار التخصص والقدرة والكفاءة وال… وكل ما سبق, فالقضية عندنا مختلفة تماما.. فلكي تنال منصبا يجب أن تمتلك معايير خاصة, لا يسهل نيلها أو الحصول عليها.. نعم صدقوا ذلك, فهي صعبة جدا ولا يمكنك إكتسابها بالتدريب حتى.. هل تستغربون ذلك؟!
أول ميزة يجب أن تمتلكها لكي ترقى وتنال منصبا لتصبح مسؤولا, هو أن تكون صديقا للسيد المسؤول الأكبر.. فهذه الميزة هي الأهم والباب الذي يفتح كل الأبواب المغلقة, وينور الدهاليز المظلمة ويسهل العسير, ويفكك المعقد, ويحل كل الطلاسم التي لا يمكن فهمها في فلسفة إختيار الأشخاص للمواقع.. وهذ الميزة يمكن إكتسابها, لكنها تحتاج لعزائم وولائم ” بمختلف الأنواع والألوان.. أحمرها وأخضرها” .. وتحتاج لوقت طويل والوقت ليس في صالحك دوما!
مهارة أخرى مهمة يجب إمتلاكها, تخص القدرة على التملق ومسح الأكتاف والتصفيق لكل تافهة وسخيفة من المسؤول الأكبر, أو من يؤثر عليه وبيده قرار الإختيار, فحتى لو قال شططا بل وكفر فأنت يجب أن تدافع عنه, وتبين فلسفته العميقة للمنظور المحوري, للقضية بكل أبعادها الميتافيزيقية والسيكولوجية والسيسيولوجية, حتى لو لم تكن تفهم شيئا من ذلك, مع إستعداد لتشتم وتُشتم بدلا عنه!
صفة مهمة تكمل ما سبق من الصفات, تتعلق بقدرك على ” تسهيل الأمور” بكل يطلبه منك السيد المسؤول الأعلى, أو الجهة التي يمثلها, وخصوصا ما يتعلق بالمقاولات والمناقصات.. أو في الأقل, ما تدفعه من ” تسهيلات وهدايا” وطبعا يجب أن لا تنسى “تبرعك” لمناسبات السيد المسؤول, أو الجهة التي ينتمي إليها!
لا يفوتك طبعا, أن تكون ممن يواظب على الحضور, في مناسبات السيد المسؤول الأكبر والجهة التي ينتمي إليها ومقراتهما.. وأن تكون متحمسا في الدفاع عنه وعن حزبه ولا يشترط أن تكون مؤمنا بما تقول, بل حتى لو كنت ممن يشتم الجهة وقادتها وحتى المسؤول نفسه” لكن في جلساتك الخاصة طبعا” فالمسؤول الأكبر هو أصلا لا يؤمن بتلك الأفكار, إلا بمقدار ما تحققه له من مصالح وسطوة وسلطة, وهو قبل غيره يشتم ويسب ال…
من الضروري أيضا عدم نسيان ” مقربي وأحباب” السيد المسؤول الأكبر, كلجنته الإقتصادية ومدير مكتبه وسكرتيره ومستشاره وصديقه وحتى ” جايجيه”.. فهؤلاء مؤثرون, ويجب أن لا يكونوا خصوما لك.. وإلا فالويل والثبور, وأنسى المنصب والكرسي الذي تحلم به أو تستحقه..
هل يعني هذا أن على من يملك الكفاءة والمؤهلات الشخصية “الحقيقية” اليأس من أخذ إستحقاقه؟!
بنسبة كبيرة نعم.. يجب أن يكون قنوعا ويقبل “بأنهم” لم يبعدوه عن عمله أصلا, لأنه لا يخدم “الوطن” ولا يحقق “مصالحه”.. أو ليتعلم ما ذكرناه من ميزات إن تمكن فهي من تضمن له سرعة تحقيق الأمنيات, ولن يتمكن من تعلمها كثيرون, لأنها صعبة جدا جدا على كثيرين منا!
لا تظنوا أن هذا حال الفاسدين فقط.. فالغالبية تسير أمورهم بطرق متشابهة, لكن مع تغيير التسميات والتوصيفات والتبريرات.. لا أكثر.
ليست سوداوية أو يأسا, لكنه واقع حال.. ولا يخص بلدا أو حزبا أو تيارا بعينه.. فهل يمكن أن يتغير.. ربما من يدري!