الوطنية لا تقاس بالخطب والشعارات والكلمات , وإنما تتجسد بالأفعال والأعمال الجلية.
فالذي يدّعي الوطنية عليه أن يقدم قائمة بمنجزاته التي أعزّت الوطن وأسعدت المواطن , ووفرت له سبل الراحة والأمان.
فمقاييس الوطنية والإخلاص واضحة في كافة المجتمعات ولا تحتاج لمزايدات.
فالعالم المتقدم وما حوله , الذي يتقدم لأي منصب سياسي عليه أن يقدم برنامجه الوطني , وماذا يريد أن يحقق ولماذا , وما هي أهمية ما يهدف إليه ومردوداته الإيجابية على الوطن والمواطن , وبهذه الرؤى تتحدد أهليته للوصول إلى منصب قيادي في المجتمع.
لا يوجد في الدنيا خطابات وكلمات وإدعاءات بالوطنية , وإنما ميادين عمل وعطاء وبناء للحاضر والمستقبل.
وعندما نعود إلى مَن يسمون أنفسهم ساسة في مجتمعاتنا , ونبحث عن برامجهم ومنجزاتهم , نجدها صفرا على الشمال , وياليتها كذلك وحسب , وإنما الفرد أو الحزب في السلطة , يمتهن تهجيرالعباد وقهرهم وسرقة الأموال والممتلكات , وهذه أولى وأفدح منجزاتهم , ولا تجد واحدا منهم قد أسهم في تقديم الخدمات , ورعاية المواطنين والنظر في حاجاتهم , والعمل على تذليل الصعوبات والمعوقات من أمامهم.
(ساستنا) يفترسون الشعب ويصادرون الوطن , ويدّعون الوطنية , ويتزايدون فيما بينهم على مَن منهم أكثر وطنية وإخلاصا , وهم يتحدثون عن صفات وخصال ومميزات لا يمتلكونها , لكنهم يتصورونها ويتوهمونها , فالذين أوصلوا بلدانهم إلى حضيض المقاساة , لا يمكنهم أن يتصوروا بأنهم بلا وطنية , وإنما السبب في الآخر المتآمر لا غير , وهذه آلية تفكير متوارثة عبر العصور.
فهل من الوطنية أن يتم الإستثمار في معاناة شعب وخراب دولة وتفتيت وطن؟
هل من الوطنية أن يعزف (الساسة) على أوتار الطائفية والعشائرية والفئوية , وهم يتمتعون بنعمة الفساد , ونهب ثروات البلاد؟
إن الوطنية غائبة عن وعي الكراسي , لأنها لا تمت بصلة إلا لظنونها ورغباتها التي تطيع أمّارة السوء التي فيها.
فعندما تكون الوطنية هي القائد يتجسد الوجود الوطني العزيز!!