18 ديسمبر، 2024 9:15 م

كيف تعرف صحة فكرتك ومعتقدك ومبدأك

كيف تعرف صحة فكرتك ومعتقدك ومبدأك

كيف للمرء ان يعرف ويتيقن ويتاكد من ان فكرته صحيحة وعقيدته نظيفة وغايته نبيلة ومن ان اعتناقه لهذه الفكرة ونشرها والعمل بها سيتغلب من خلالها على مخالفيه ,وكيف يعلم انه سائر في طريق الحق والاستقامة , هذا بعد ان قطع شوطا كبيرا في تنفيذها والتمسلك بها ولمس النتائج التي لا تقبل الدحض جراء تطبيق هذه الفكرة سواء كانت نتائج مفيدة او ضارة , وتبدا هنا مراجعة الفكرة ومعالجة الاسلوب وتغيير الخطط والتوسع في الضيق والضيق في الواسع ليخلص الى انه كان في الطريق الخطا وعليه التوقف برهة من الوقت وفترة من العقد وعقد من القرن حتى يجد المخرج الذي يعيد فيه فكرته ويتخطى الاغلاط التي وقع فيها , يعني يصحح الفكرة ويجعلها مناسبة ومقبولة ,وقد يتوفاه الموت فيكمل طريقه احد رفاقه او من كان معه يسايره ويؤمن بنفس الفكرة’,وهكذا , هذا اذا كان فعلا يعمل على تغيير الواقع ولو لنفسه فكيف به اذا كان يدعي التغيير لمجتمع او بلد, فالاحزاب التي تشكلت قبل قرن من الزمان او كادت تقارب هذه المدة شهدت تغيرات كثيرة وجوهرية بل وانقلابات على الفكرة الاولى وتغيير الوجهة التي حددتها لكي تستمر وتساير المتغيرات المستمرة والتي لا تتوقف بوضع قانون او نظرية تبعا للمصلحة العامة والامثلة كثيرة , ومنها ما اندثرت وصارت في خبر كان ومنها ما تشظّت وصارت عدة احزاب او تيارات او حتى حاملي فكرة دون تنظيم وعمل سياسي , لكن اذا نظرنا الى الاحزاب التي تشكلت في العراق واعرقها واقدمها واحدثها واقربها سنجد التمسك الاهوج والعمل الاخرق والتبجح الفج في كل ما من شأنه المساس بها او باهدافها ومبادئها وخطأ فكرتها وعدم ملائمتها للواقع العراقي او ما مطلوب من قيادييها ومفكريها المرونة في التعامل مع المجريات والاحداث بتقديم الاهم على المهم وبكيفية التعامل مع المستجدات التي تستوجب اعادة النظر ولو جزئيا بغاية ومبدأ وثبوتي , اثبتت جميع هذه الاحزاب لنفسها قبل جمهورها انها غير متمكنة من الاضطلاع بدور قيادي وريادي مستمر وصحيح وقويم الا لفترة يمكن تسميتها ب(فورة ) واندفاع وايمان مطلق (مؤقت) دون النظر الى ابعد من انجاز واحد يفرض نفسه كطارىء او حتى وليد خطة وتدبير , ليس فيها من بعد النظر الا الآنيات والتعامل مع الاحداث بثورة مفرطة لا تساوي قوة ووقع الحدث , تهرول بكل عزمها نحو الاهداف المثالية دون تخطيط وتمحيص او الأخذ بالاعتبار المعوقات التي يمكن او تقضي على كل جهد ومحاولة ما لم يتم دراسة خطوات تحقيقها بالشكل المقبول والقابل للثبات , ان اعتماد المشورة (كمثال) الشفوية والاستئناس برأي الحاشية هو الطاغي على اغلب القرارات والقوانين دون وجود تخصصات حصيفة ودراسات وافية كما هو الغرب الذي يولي الدراسات والبحوث الاهمية القصوى التي تساعد في اصدار القرار الحكومي او السياسي او الاقتصادي , وما مـرّ بنا في العراق ومنذ اكثر من ستين عاما من الحكومات المتعاقبة لم تستطع حكومة واحدة الحفاظ على ديمومة وثبات سياق واحد او لوائح وقوانين دون ان تجري عليها التغييرات بما يخدمها هي او فكرة حزبها هي وضاربة عرض الحائط مصلحة البلد الذي انفرد دونا عن البلدان العربية واغلب بلدان الشرق الاوسط بطفرات ثقافية واقتصادية وسياسية اوصلته في بعض الحقب الى الريادة والقيادة والتاثير الاقليمي الكبير , نعود الى عنوان او بداية الموضوع عن كيفية معرفة ان كانت فكرتك صحيحة او مبدأك صحيح او عقيدتك صحيحة ,لا بد لك من ان تستشعر ردود الفعل اولا من هذه الفكرة ومن ثم تلمس النتائج التي تمخضت عن تطبيق الفكرة والنظر الى القبول بها او الاحتجاج عليها وحجم هذا القبول وقوة الاحتجاج ,وان ترى تناسب ورضى المبدأ الذي تسلك مع مبادىء العموم والناس والشرط الاجتماعي ومستويات الوعي لدى الناس ووجود العقول المفكرة والمدبرة والقادرة على قيادة دفة الامور نحو الاستقرار , اما المعتقد وهنا تكمن الكارثة واقصد المعتقد الديني والغيبي والروحي , كيف لك ان تراه صحيا ام فاسدا وحقيقيا ام دجلا , ومستمدا من موروث او فتوى او خزعبلات أم منزل وعليك الا تخلطه ب(بهارات) الفكرة والمبدأ لينتج لك تناقضات غريبة لا تستفيد من استخدامها في اي (طبخة) وتبقي النار مشتعلة دون طائل وقد تنتشر تلك النار فتلتهمك بعد ان تلتهم الاخرين قبلك , ولنا في الاحزاب الاسلامية الحاكمة الان او المشتركة في الحكم المثال الصارخ والكبير في التعثرات والازمات والكوارث التي تعصف بالبلد يوميا دون ان يراجع احدها صحة ما يمارسون من افعال وهل هي متفقة مع ما كانوا يدعون اليه هذا اذا لم يكونوا قادتها انفسهم قد حرفوا المسار الذي شاركوا هم برسمه ,,