5 نوفمبر، 2024 5:40 م
Search
Close this search box.

كيف تصبح وزير في نصف ساعة؟

كيف تصبح وزير في نصف ساعة؟

طرح الموقع الرسمي لرئيس مجلس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي، رابطاً الكترونياً للترشيح لمنصب وزير في الحكومة القادمة، وأتيح لكل العراقيين ضمن الشروط وخلال ثلاثة أيام، فأنقسم الشارع بين مؤيد ومعارض ومستهزء ومتمني.

يبدو أنها فكرة جديدة في عالم الديمقراطية، وكأنها تعيدنا الى اللبنات الأولى لعصور ممارستها في العالم.

أتيحت الفرصة لجميع أفراد الشعب لممارسة دورهم وكأنها الديمقراطية المباشرة التي كانت تمارس في مدينة أثينا، فيجتمع الناس في الساحات العامة والملاعب، لإختيار الشخصيات أو إتخاذ القرارات، ويبدو أن العالم الإفتراضي ومنصات التواصل الإجتماعي، ساحات عامة للنقاش والجدل لأفراز زبدة مبتغى الشعب، أن تم توظيفها بشكل صحيح بعيداً عن التزيف والتلفيق، لكن نموذج أثينا كان يستثنى فيها العبيد، فيما في العالم الإفتراضي لا عبيد ولا فرق بين مواطن وآخر.

خلفت السنوات السابقة، هوة كبيرة بين القوى السياسية والشارع، وعزوف الناخب والنقمة على الجهات السياسية برمتها، خير دليل على عدم الرضا والرغبة في المشاركة الحقيقية في القرار، وما عليك الآن سوى إملاء إستمارة لا تستغرق نصف ساعة وربما ستصبح وزيراً، ويبدو أن الخطوة غريبة في ظل فترة من تسلط بعض الأحزاب، ووصول سياسي الصدفة، ولعل الصدفة تخدم شخصاً ويصبح وزيراً، دون أن يخسر دينار لدعاية إنتخابية أو لإنتماء حزبي أو لشراء المقعد كما كان سائد، أو خدعت الناس ببرنامج لا يؤمن به وهو مجرد سلم للوصول الى واجهة السياسة، ولكن أن كان الهدف من إملاء الإستمارة نفس هدف السابقين، فلا فرق مع سياسين تروم تغييرهم؟

إن الخطوة التي إتخذها عبدالمهدي، وأن كانت غريبة على الشارع العراقي لفقدانه الثقة بالطبقة السياسية، أو مصداقية التقديم الإلكتروني، فأنها لمرامي عدة، منها لإعادة الثقة للمواطن في المشاركة في صنع القرار، وصنع رأي عام يواكب ويعطي زخم لتشكيل الحكومة، ويخفف من ضغط القوى السياسية على المكلف، ويثبت لكل الأحزب أن في العراق كفاءات مستعدة لخدمة بلدها، ولا تروم الترشح من القنوات الحزبية، وعلى الأحزاب ترشيح أفضل ما يعرفون وهناك منافس حقيقي.

ستجبر خطوة الترشيح الإلكتروني معظم القوى، على ترشيح شخصيات كفوء، أو تترك عبدالمهدي لإختيار كابينته ويقبل عبدالمهدي بالتحدي.

إختيار مستقل من قبل كتلة سياسية، قد لا يبقيه مستقلاً على دوام الدورة الإنتخابية، وربما يخضع لإبتزاز من الكتلة نفسها، والمستقل دون حزب سيكون عرضة للإبتزاز السياسي أيضاً، ولكنه بنفس الوقت يتيح الفرصة للكتل السياسية لإستجوابه دون الشعور بالإحراج، ولكن الأهم بين هذا وذاك، أن يتم إختيار شخصيات تناسب المواقع وحجم المسؤولية، فإذا كان هدف القوى السياسية وكما تتحدث، عن أنها راغبة بفريق حكومي قوي، وإطلاق يد رئيس مجلس الوزراء، فعليها ترك رئيس مجلس الوزراء المكلف بإختيار الطريقة الأنسب لفريقه الحكومي، وقد يكون منهم من أصبح وزير خلال نصف ساعة قضاها في إملاء إستمارته، ولكن الأهم أن يكون عقله ممتليء بالأفكار، التي تغيّر إستراتيجية قيادة الوزراة نحو الأفضل.

أحدث المقالات

أحدث المقالات