كيف تسقط الحكومات ؟!

كيف تسقط الحكومات ؟!

جميع حكومات العالم المحترمة ، بل نصف المحترمة منها ، ستسقط عند أية فضيحة سياسية ، خصوصا الكبيرة منها شأن حكوماتنا ، لكن برغم كل كوارث الفساد و(تسانوميات) الفشل ، ورياح الفضائح التي وصلت لكوكب المريخ ، يبدو أن حكوماتنا صامدة رغم كل الهزات التي تقع خارج مقياس رختر ، صامدة صمود القبور !.

مأساة سبايكر وحدها مثلا ، كفيلة بإسقاط عدة حكومات فضلا عن حكومة واحدة ، وزج المذنبين خلف القضبان ، ثم سقوط ثلث مساحة البلد على يد قطاع طرق ، لا تصمد أمامها اية حكومة على هذا الكوكب ، سرقة القرن (الترليونية) ، وبعدها فضيحة سكك حديد العراق ، والقمع اللامتناهي للمتضاهرين وفساد جميع الوزارات ، ودمار البنية التحتية وتردّي الخدمات ، مع الإصرار على التخلف ، وفساد التعليم الخاص ، وعشرات الآلاف من الشهادات المزوّرة التي تسنمت مناصب حساسة ، كل ذلك كفيل بجعل اية حكومة تشعر بالعار وبالتالي يجب منع إفلاتها من المحاسبة .

حكومة تراخت أمام العشوائيات التي حوّلت أحيائنا إلى قبور ، وتركت الحبل على الغارب بإستيراد التكاتك لتكريس صورة الفقر في مجتمعنا ، وغضت بصرها عن السلاح المنفلت والعشائر المنفلتة أيضا ، وكانت النتيجة ، أن من العسير التخلص من هذه التركة الكارثية .

جواز السفر العراقي إنحدر هذه السنة إلى ما بعد الجواز الصومالي ، وهذه الظاهرة وحدها كفيلة بحدوث إنتحار جماعي للحكومة كمدا لو كان عندها الحدود الدنيا من الكرامة أمام العالم .

صدعوا رؤوسنا بمبدأ (تعظيم موارد الدولة) فكان جيب المواطن ، المصدر الرئيس لهذا “التعظيم” ، فصارت تتصيّده بالغلاء والغرامات والضرائب الباهضة ، فمديرية المرور وحدها ، تستوفي مئات من المليارات من الدنانير شهريا ! ، عدا موجات الغلاء المتواصلة وإرتفاع أسعار الوقود والبطالة ، أزمة الثقة بيننا وبين الحكومة ، عميقة ومتجذّرة ولا يمكن إستعادتها طالما بقيت عملية تدوير الوجوه نفسها دائرة (وتقبّح وجه التاريخ) على حد قول شاعرنا مظفر النوّاب ، ولو كانت لحكوماتنا ذرة من الحكمة والحرص ، كان الأجدر بها أن تستأصل كل من يضع العصا في دواليب التنمية والصناعة ، كما يُستأصَل العشب الضار .

 

آخر هذه الفضائح التي (وليس آخرها) ومن العار أن تمر مرور الكرام ، قرار منفرد حكوميا بإستقطاع مبلغ 1% من رواتب المتقاعدين ، الفئة الأكثر هشاشة وعوزا ، بحجة مساعدة أشقائنا في لبنان وغزة ، وبذلك إستغفلتنا الحكومة عدة مرات كما سنرى ، بهذا القرار القرقوشي !.

جميع من أعرف من فئة المتقاعدين ، أنهم لا يستطيعون إدّخار حتى (فلوس الدفنة) المتعارف عليه إصطلاحا ، عدا تكاليف علاج الأمراض المزمنة وعلاج الأسنان وغيرها من أمراض الشيخوخة ، وطن شحّ على المتقاعد طالما كان حيا ، ثم يطلب منه أجور الحفرة التي سيتسقر بها ، لا يهم إن كانت مقبرة بفرية “نموذجية” ، أو في عرض الصحراء ، بعد أن تصعد روحه إلى بارئها ، وهي تشكو ظلم الظالمين .

لقد فتحت الحكومة على نفسها بابا لا ينقص البلد ، فجميع أبوابه مشرعة ، تعربد فيها الرياح من جميع الإتجاهات ، إنها فضيحة وتحايل رخيص على فئة لا تعرف أحابيل تطبيقات الهواتف الذكية ، فأستغلت الحكومة ذلك ، وسحبت البساط من تحتنا بعد إعلانها إنها ستستوفي مبلغ 1% من الراتب التقاعدي ، تفجأنا أن الأستقطاع يفوق ذلك بكثير ، وحتى بدون رسالة إشعار بالمبلغ المُستَقطع ، فعرفنا من خلال تهافت التواصل الإجتماعي ، أن الإستقطاع قد شمل شهرين !! ، أي إستخفاف ، وأي إستغباء لنا من قبل الحكومة ؟! ، على كل حال ، تم إستقطاع مبلغ 23 الف دينار من راتبي التقاعدي ، لكن يبدو أن حتى هذا الإستقطاع الذي إستغفلتنا به الحكومة ، عليه أجور إستقطاع ! ، على كُلٍ ، وبعد موجة الغضب من قبل الممتقاعدين ، أعادت لي الدولة مبلغ 20 الف دينار بعد إستيفاء عمولة ثانية ، واستلمت مبلغ 17 الف دينار بعد عمولة ثالثة ، أي ان المصارف قد إستوفت مني مبلغ 6 آلاف دينار رغما عني ودون موافقتي !! ، يمكنكم ضرب هذا الرقم بعدة ملايين ، ستظهر المليارات التي جنتها المصارف زورا وبهتانا وفسادا ! ، مع علمنا علم اليقين ، أن هذه المليارات لن تجد طريقها في كل الأحوال إلى المعوزين في غزة المنكوبة ولبنان ، بسبب عدم توفّر آلية نقل هذه الأموال ، ويرقى شك المواطن بإيصال هذه الأموال إلى مستحقيها إلى درجة اليقين ،لأنه يعرف التاريخ المتواصل من سلسلة الفساد التي يعرفها المواطن ، ويكون شكّه في محله ، بل بالعكس ، كانت الحكومة من المساهمين في الإتجار بهذه القضايا ! .

أحدث المقالات

أحدث المقالات