23 ديسمبر، 2024 5:12 ص

كيف تخلت المنظمات غير الحكومية عن حركات التغيير الجذري في الشرق الأوسط

كيف تخلت المنظمات غير الحكومية عن حركات التغيير الجذري في الشرق الأوسط

الجزء الاول
تاي جوبلن: عن مجلة Current Affairs الامريكيه
ترجمة: قصي الصافي

تخفي صور الوجوه المبتسمة والبيانات الصحفية المفعمة بالحيوية للمنظمات غير الحكومية في الشرق الأوسط حقيقة أن هذه المنظمات غالبًا ما تكون عقبة أمام دعم الحرية الحقيقية.
إنه حقاً لعمل شاق أن تتماهى مع المظاهر. لقد تعلمت ذلك خلال فترة عملي في منظمة غير حكومية في عمان ، الأردن. بصفتها الجهة الرقابية الحكومية الوحيدة في الأردن ، تعتبر هذه المنظمة غير الحكومية هي المفضلة لدى المانحين الدوليين. تأتي معظم أموالها من دول ذات نفوذ كبير عالمياً مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، وتتمثل مهمتها الرئيسية في مراقبة الانتخابات البرلمانية.
في كل مرة يتم فيها إجراء انتخابات ، ترسل المنظمة مجموعات من المتطوعين إلى أماكن الاقتراع لضمان سير عملية التصويت بسلاسة. في مراكز الاقتراع المنتشرة في جميع أنحاء البلاد ، يوثق هؤلاء المتطوعون بدقة كل مخالفة صغيرة ليعمل موظفو المنظمة غير الحكومية على تحليلها. يعمل الموظفون في المكتب لمدة 12 ساعة متواصلة ، ويمزحون حول منامهم تحت مكاتبهم أثناء قيامهم بتصميم رسوم بيانية مزخرفه عن التصويت ، وفيديوهات إعلامية يتم نشرها عبر الإنترنت. إنه عمل حثيث لضمان انتخاب البرلمان الأردني بشكل ديمقراطي.
المشكلة الوحيدة هي أن البرلمان الأردني لا حول له ولا قوة. على الرغم من أنه مسؤول اسميًا عن إصدار القوانين ، إلا أن الملك لديه حق النقض (الفيتو) على أي مشروع قانون ، ونادرًا ما يقترح البرلمان قانونًا دون رغبته. كما أن الملك يسيطر على القوات المسلحة وله نفوذ حاسم على محاكمها. وظيفة البرلمان ، كما هو معروف عالمياً في الأردن – ولكن نادراً ما يتم الاعتراف بها صراحةً – هي أن يعمل كصمام تنفيس عن الضغط الشعبي على الملك إذا ما تعقدت الأمور ، كأن تبدأ سياسة التقشف و التقتير بالتأثير على الحياة المعيشية للناس وينزلون إلى الشوارع ، وجود البرلمان يسمح لهم بالسير إلى مكتب رئيس الوزراء بدلاً من قصر الملك. ثم يحل الملك البرلمان بمرسوم ملكي ويدعو لانتخابات جديدة. و يقوم رئيس الوزراء الجديد بالمهمة البغيضة المتمثلة في تحمل المسؤولية عن سياسات لا تحظى بشعبية. يحدث هذا كل عامين. الملك هو الذي يحكم الأردن وليس البرلمان. ولو كانت المنظمات غير الحكومية والمانحون الغربيون الأقوياء جادين في تعزيز الديمقراطية في الأردن ، فإنه يتعين عليهم ببساطة المطالبة بنقل السلطة من الملك إلى البرلمان. إلا إن إطلاق هذه الدعوة من شأنه أن يعكر المشهد السياسي في الأردن ، ودور المنظمات غير الحكومية سيكون آنذاك الوقوف بشكل جدّي إلى جانب الشعب وضد الحكومة، الأمر الذي سيؤدي الى خسران تمويلهم إذا ما فعلوا ذلك ؛ بل ويمكن ترحيل عناصرهم واعتقال قادتهم، وقد ينتهي الأمر ببعضهم إلى الموت. قد يقوم الأردن – إن اصبح بالفعل ديمقراطيا – بخطوات ( غير مرغوبة) مثل وقف سياسة التفريط بالقطاع العام ، أو تأميم الصناعات الرئيسية ، أو أن يكون أكثر صراحة ضد الإمبريالية الأمريكية في المنطقة. لا يمكن للمانحين الأثرياء من المنظمات غير الحكومية السماح بذلك، ولذا بدل العمل على تعزيز المسار الديمقراطي ، فإن المانحين والمنظمات غير الحكومية يكتفون بتمجيد الديمقراطية دون أن يلتزموا بها بشكل جاد. بعملهم هذا يروجون بأن الديمقراطية ما زالت حية وبصحة جيدة، بينما يضمنون تكريس السلطة في أيدي النظام الملكي مع تهميش دور الشعب. يتم التعامل مع مشاكل الفقر و انحسار دور الشعب على انها أمور غير سياسية يمكن حلها من خلال آلاف المشاريع الصغيرة الإصلاحية، وليس عبر تفعيل الصراع الطبقي.
هذا ما يحدث في المناطق الفقيرة والمستغلة في جميع أنحاء العالم. كان الأكاديميون يحذرون من تدمير قطاع الصحة العامة في كينيا من قبل “المنظمات غير الحكومية” في وقت مبكر من عام 1998.
طوال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ، كانت الحركات النسوية والأكاديميون يشجبون الضرر الذي تسببه المنظمات غير الحكومية في فلسطين من خلال تحجيم دور الحركات الشعبية الناشطة لتحقيق السيادة الوطنية، وتشجيع مشاريع نيوليبرالية تحت ستار “التنمية”.
في منطقة الآبالاش بالولايات المتحدة ، لاحظ المراقبون أن الفقراء قد تركوا عاطلين عن العمل ومهمشين، بينما تتدفق ملايين الدولارات إلى المنظمات غير الحكومية التي لا تفعل شيئًا في الأساس ( منطقة الآبالاش: هي المنطقة الممتدة على الشريطِ الشرقي للولايات المتحدة من جنوب نيويورك حتى ولاية جورجيا … المترجم).
بعد أن دمر الانفجار الذي وقع في ميناء بيروت جزءًا كبيرًا من المدينة في أغسطس 2020 ، هرعت المنظمات غير الحكومية الدولية الى هناك ، وقد أدى ذلك إلى عرقلة النشطاء المحليين وجهود المنظمات الشعبيه والاتحادات النقابية.
زيادة التحذيرات من الآثار الخطيرة للمنظمات غير الحكومية لم تفعل الكثير على ما يبدو لوقف انتشارها السريع. حرصاً منها على عدم الإساءة إلى الجهات المانحة أو الحكومات المضيفة التي تسمح لها بالعمل ، تحصد المنظمات غير الحكومية المليارات وهي تقدم نفسها كقوى فاعلة محركة للمجتمع المدني و داعمة “للتنمية”، بينما هي في الحقيقة تقوض من نفوذ الحركات الشعبية الراديكالية القادرة على ممارسة الضغط لانتزاع المطالب من الدولة.
لقد رأيت هذا يحدث في الواقع خلال إقامتي في الأردن. في جميع أنحاء البلاد ، يخاطر النشطاء العماليون بحياتهم لتوفير مستقبل أفضل لمجتمعاتهم ويتم تجاهلهم من قبل المنظمات غير الحكومية ، التي يعيش موظفوها ويعملون في فقاعة معزولة – بعيدًا عن كفاح الأشخاص الذين يزعمون أنهم يعملون على مؤازرتهم.

الخطوط الفاصلة:
أول شيء تعلمته عن عمان هو أن خطًا غير مرئي يقسمها إلى قسمين: عمان الغربية وعمان الشرقية. تتميز عمان الغربية بالفيلات المسورة بحدائق مزروعة بأشجار الليمون والبرتقال. تزدهر مقاهي البوتيك التي تقدم الكابتشينو لسكانها الأثرياء، بينما تقف ناقلات الجنود المدرعة في الجانب الآخر من الشارع. هنا يختلط كوادر المغتربين ذوي التعليم العالي مع النخب المحلية الثرية التي تعطي آذاناً صماء للصراعات المادية للطبقة الدنيا. ليس هناك ما يشير الى روح التضامن أو التحرير في عمان الغربية. لكن في عالم الطبقات الدنيا، تعتبر هذه المفاهيم والقيم حاسمة لبقائهم على قيد الحياة.

في عمان الشرقية ، تتراكم المباني غير المكتملة على بعضها البعض ، و تقطن العائلات الكبيرة بأجيالها المتعاقبة مع بعضهم في شقق فردية. شوارع ضيقة تفصل بين أحياء الطبقة العاملة والفقيرة والتي تمتد إلى الصحراء. العديد من السكان هم من اللاجئين من سوريا وفلسطين والعراق، والذين يتأرجحون بين البطالة والعمالة الناقصة أو المؤقته في قطاع السوق الأردني غير النظامي. في بعض هذه الأحياء ، مثل الوحدات التي يشكل فيها الفلسطينيون الاغلبية ، يندر أو ينعدم وجود الشرطة باستثناء الأيام التي من المقرر أن يلعب فيها نادي الوحدات المحترف لكرة القدم.
في حين أن عمان الغربية هادئة وواسعة ، فإن عمان الشرقيه مكتظة وخانقة. يتم تكرار هذا النوع من التقسيم الطبقي في المدن في جميع أنحاء غرب آسيا وشمال إفريقيا التي تمتاز بكثافة الحضور الأمني من بغداد إلى جوبا ونيروبي.
بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في عمان الغربية ، ليس لديهم سبب وجيه للتواجد في عمان الشرقية باستثناء العمل في مشروع منظمة غير حكومية يفترض أن تعمل لمساعدة الفقراء و المهمشين بطريقة ما. بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في عمان الشرقية ، ليس هناك سبب وجيه للمغامرة بالدخول إلى عمان الغربية باستثناء العمل كبستاني أو كطباخ للأثرياء ، أو كعامل بناء في ستاربكس يجري إنشاؤه حديثاً.

بعد حرب العراق عام 2003 وثورات الربيع العربي في عام 2011 ، نقل عدد لا يحصى من المنظمات غير الحكومية مقارها ومكاتبها الميدانية من البلدان التي مزقتها الحرب إلى أحياء عبدون والويبدة وجبل عمان والشميساني في عمان الغربية. أغلقت مدارس اللغة العربية أبوابها في حلب ودمشق والقاهرة ، وأعيد فتحها في عمان الغربية. تدفقت رؤوس الأموال والمساعدات الإنسانية إلى الأردن ، الذي بدأ في استقبال موجات هائلة من اللاجئين. تزايد اعتماد الأردن على المساعدات الخارجية ، و قد تحول تدريجياً الى “جمهورية المنظمات غير الحكومية”.
سرعان ما هدمت الأحياء الفقيرة ، مثل القيسية ، التي كانت تقف في وجه العمارات السكنية والدبلوماسية الجديدة. وكان ما يحصلون عليه من تعويض عن نزوحهم شيئاً لايذكر. مع توسع عمان الغربية وانتصاب المباني الزجاجية الجديدة والقصور التي يحرسها الأمن ، ما جنته عمان الشرقية شبكات أكثر كثافة من الكتل الخرسانية واللافتات المعدنية التي تتيح للمارة معرفة أن الملعب الصدئ عبر الشارع تم تمويله في الواقع من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية – وكالة أمريكية عادة ما تكون جزءاً من القوة الناعمة للإمبريالية – بالتعاون مع منظمة غير حكومية محلية قد لا تكون موجودة بعد الآن. الانقسام بين عمان الغربية والشرقية يتعاظم.

في الوقت الذي وصلت فيه إلى عمان لدراسة اللغة العربية في عام 2016 ، أصبح الانقسام بين جناحي المدينة طبيعيًا لدرجة أن مصادر الأخبار المحلية التي كنت اقرأها كانت تقدم تنبؤات جوية مختلفة لكل جناح من المدينة.
مثل كثيرين ممن قدموا من أوروبا والولايات المتحدة وغامروا بالذهاب إلى عمان ، كنت اعتقد أن أفضل طريقة لإحداث تغيير في المنطقة هي الحصول على عمل في منظمة غير حكومية غير ربحية. بدا الامر بديهياً للعاملين غير الربحيين أن يجلسوا محاطين بمكاتبهم ومنغمسين في عالم عمان الغربية، ولا ضير من أن الجهات الوحيده التي كانت تمول المغتربين للبقاء في الشرق الأوسط هي تلك المنظمات التي لها صلات جيدة بالوكالات المانحة القوية مثل USAID ، و وكالة التنمية الدولية البريطانية (DFID) ، والاتحاد الأوروبي ، و السفارات الغربية.
بمجرد دخولي إلى عالم المنظمات غير الربحية ، لاحظت أن مصطلحات مثل الديمقراطية والمساواة والتمكين والمجتمع المدني كانت كلمات طنانة تستخدمها تلك المنظمات من أجل الترويج والدعاية لنفسها في الخارج. أما من الداخل فمعظمها منهمك بمتاهات من البيروقراطية والتخصصات والتسلسل الهرمي المعقد. هناك مديرو مشاريع يعملون ضمن برامج سوفتوير ، وكتّاب يتمتعون بتدبيج خطابات المنظمات غير الحكومية المنمقة ، و هناك موظفون يستخدمون أنظمة معلومات جغرافية باهظة الثمن (GIS) و فريق لإدارة علاقات العملاء (CRM) ، ومتخصصون في علاقات المانحين ، والخدمات اللوجستية ، والمراقبة ، ومسؤولو المساءلة ، و طاقم من الاستشاريين دائمي السفر لأعادة تدوير العروض والمناقصات بين منظمات مختلفة في نطاق واسع . معظم هذه المناصب ووظائف الإدارة العليا محجوزة بالخفاء للوافدين البيض الحاصلين على درجات عالية، في حين أن الموظفين المحليين يتقاضون رواتب منخفضة للعمل في الميدان ودون أية فرصة للترقية.
ليس هناك أي مظهر من مظاهر التواصل والتنسيق الأفقي طالما أن الهدف الرئيسي هو تلبية احتياجات الوكالات المانحة الضخمة من قبل المنظمات غير الحكومية الدولية الكبيرة والتي تستحوذ على الكثير من الأموال المعروضة في التنمية الدولية وعالم العمل الإنساني. وفي الوقت نفسه ، فإن المنظمات غير الحكومية المحلية الصغيرة عالقة في البحث عن منح محدودة للقيام بمشاريع صغيرة الحجم. التنسيق الداخلي في المنظمات مرتبك حيث يتنقل الموظفون باستمرار بين المشاريع والبلدان ، والتنسيق بين المنظمات المختلفة غير موجود فعليًا. إن الأصرار على انكار البعد السياسي “للتنمية البشرية” يحدد التوجه والهدف النهائي لمشاريع المنظمات غير الحكومية الكبيرة ، والتي تأخذ شكل برامج قصيرة الأجل يتم تحديد نطاقها حسب الموارد المالية.
المشاريع الإنسانية في الأردن والتي تهدف إلى مساعدة اللاجئين والمجتمعات المحرومة تقدم في بعض الأحيان مساعدات مباشرة في مجال توفير الغذاء والنظافة. ومع ذلك ، هناك عدد لا يحصى من البرامج تهدف إلى بث الشعور بالرضا وتبديد الضغوط النفسية الناشئة عن معاناة اللاجئين والفقراء في ظل أنظمة تسلبهم حقوقهم و تجعلهم بلا حول ولا قوة، وذلك عبر ملأ أوقات فراغهم بنشاطات لا تمس مصدر معاناتهم كدروس الرقص القتالي البرازيلي، واليوغا، والدراما والمسرح ، والرسم. يمكن للبعض تعلم كيفية التزلج أيضاً، بافتراض أن هذه الأنشطة يمكنها بناء روابط اجتماعية دائمة بين الفقراء ، وتمنحهم شيئًا يتطلعون إليه!!.
يتم الإعلان عن العديد من هذه البرامج للمانحين كطرق سهلة للتخفيف من ضغوط كونك لاجئًا أو طفلأ شغيلاً مستغلاً. وتبقى مصادر هذا الضغط النفسي ، مثل كونك لاجئًا بلا حول ولا قوة ، دون معالجة. يُقاس نجاح هذه البرامج كمياً لا نوعياً اي بعدد اللاجئين الذين يمكنهم إشراكهم ، وليس بمدى فعاليتهم في الدفاع عن حقوق هؤلاء الأشخاص. سُبل عيش اللاجئين أصبحت لعبتهم وتم اختزال أنشطتهم ومعاناتهم إلى إحصاءات وشهادات لا يقرأها أحد.
المشاريع المهتمة بالتنمية والمصممة ليكون لها تأثير مستدام، تتضمن دمج الفئات الضعيفة من السكان في أنظمة العمل المأجور في السوق النيوليبرالية عبر تدريبهم على المهارات المهنية. اللاجئات والنساء اللائي يعشن في فقر مدقع لديهن سيل لا نهاية له من ورش الخياطة والطبخ لتمكينهن من بيع عملهن في السوق الاستخراجية . في نظرة لمتاجر عمان الغربية ، تتوفر للوافدين فرصة لشراء الفخاريات ، و حقائب اليد ، والمجوهرات ، والصابون ، والفسيفساء ، والسترات المصنوعة من قبل الضعفاء مع وعد بأن جزءًا من الأموال سيعود إلى أولئك الذين صنعوها يدوياً. حتى مثل هذه المشاريع نادرا ما تصمم ليكتب لها النجاح، لإعطاء مثال توضيحي ، بعد أن توقفت عن العمل في المنظمات غير الحكومية وأصبحت صحفيًا ، قمت بالتحقيق في عدم المساواة الاقتصادية في جنوب الأردن. في بلدة بدوية صغيرة وفقيرة ، حاول موظفو الإغاثة المحليون تدريب النساء على مهارات الطهي لصنع الطعام للأسواق. حصل المشروع على منحة قدرها 5000 دولار أمريكي من برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) الذي يهدف إلى تشجيع الأعمال التجارية الصغيرة ، لكن المدينة لم يكن لديها مطبخ لبدء التدريب. عندما حاول المعنيون و موظفو الإغاثة الاتصال بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لتقديم الخبرة الفنية لبناء المطبخ ، تم تجاهلهم ، لذلك لجأوا إلى بناء المطبخ بأنفسهم. للحصول على مساعدة في التدريب ونقل الطعام إلى الأسواق ، طلب العمال المساعددة مرة أخرى من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، ومرة ​​أخرى تم تجاهلهم. بعد بضعة أشهر، أنهت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فجأة برنامجها للأعمال الصغيرة في الأردن بالكامل ، وتم التخلي عن هذا الجهد. قال لي موظف إغاثة معني في ذلك الوقت: “إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تلقي بالمال فقط في أيدي هؤلاء الأشخاص دون متابعة”. وأكد عامل إغاثة آخر ، مضيفًا “شعرنا أنه من غير العدل حقًا أنه في بعض قواعد البيانات في مكان ما ، سيتم توثيق أن هذه القرية قد تلقت منحة ، دون أن يتابع أحد في الواقع أين ذهبت الأموال”.
في ظل عدم وجود اقتصاد نشط في هذه المدينة وعشرات غيرها في جنوب الأردن ، يتم دفع عدد متزايد من الشباب اليائس إلى تهريب المخدرات – وهي وظيفة خطيرة للغاية منذ أن أطلقت قوات الحدود في المنطقة النار على المهربين على الموقع. المزيد من المحاولات لتخدير الألم من خلال تعاطي المخدرات. وفي كل الأحوال ، تُترك العائلات الفقيرة لتراقب بيأس آمالها وهي تتضاءل ويموت أطفالها.
بالنسبة للمشاريع التنموية القليلة التي بدأت بالفعل ، يلف المنظمات غير الحكومية الصمت عندما يتعلق الأمر بضمان المساواة لحماية العمال مثل تأمين أجور كافيه للعيش أو تحسين الإقامة للاجئين – الأمور تتطلب مواجهة سلطة الشركات والدولة -. عندها ليس لدى الخبراء المحترفين ما يقدمونه ، و يترك لنزوات السوق تحديد مصير أولئك الذين تم دمجهم فيه. لا يوجد على الإطلاق اقتراح مشروع للنزول إلى الشوارع ، أو احتلال المباني الاستراتيجية ، أو استثمار الصحافة الدولية ، أو مساعدة وتشجيع العمال على التنسيق والانخراط في النقابات في قطاع العمل غير النظامي، أو التشجيع على الاحتجاجات الشعبية.
لقد تم القضاء على الواجهة المؤيدة للديمقراطية للمنظمات غير الحكومية ، وتم إلقاء الضعفاء فريسة للذئاب……..يتبع
https://www.currentaffairs.org/2021/03/how-ngos-abandoned-the-middle-easts-radicals