22 نوفمبر، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

كيف تجرى الانتخابات في الانبار؟

كيف تجرى الانتخابات في الانبار؟

في العام الماضي عندما اندلعت التظاهرات والاعتصامات في محافظة الانبار اولاَ ومن ثم في بقية المحافظات الست , اول ما فكرت فيه الحكومة المركزية تغيير موعد انتخابات مجالس المحافظات او تأجيلها الى اجل غير مسمى  في محافظتي الانبار ونينوى مستندة الى حجة واهية وهي عدم استقرار الوضع الامني في المحافظتين ,وعندها قامت الدنيا واعترض من اعترض وتدخلت اطراف داخلية وإقليمية ودولية لحث المالكي على التراجع عن قرار تأجيل الانتخابات في الانبار ونينوى . واستمر الموقف مبهم لفترة طويلة الى  ان حدد لها موعد جديد اريد منه ان تجرى بظروف سيئة تمنع الناخب من  الذهاب الى صناديق الاقتراع .
 ذلك كله حدث قبل ازمة الانبار الحالية , اليوم الانبار تعاني من حرب حقيقية وفيها ازمة نازحين قوية جدا وفيها اقفال للدوائر الرسمية وفيها توقف لدوام الجامعات والمعاهد وفيها توقف للدراسة الابتدائية والثانوية في مدن الفلوجة والرمادي وما حولهما وفيها ايضا مدارس ممتلئة بالنازحين في مناطق هيت وكبيسة والرطبة وعنه وراوة وحديثة والقائم وفيها جيش كان في السابق يؤمن عملية الانتخابات هو الان منغمس حتى اذنيه في القتال في الرمادي والفلوجة. ورغم كل هذا الكم الهائل من الازمات والمشاكل وهناك من يعتقد ان الانتخابات سوف تجرى في موعدها  ولو بصورة شكلية كونها اذا تأجلت اعطت الفرصة للحكومة لتأجيلها في كل انحاء العراق  . البعض يقترح ان يكون صندوق الانتخابات صندوقا متحركا غير ثابت , اي ان هذا الصندوق يذهب من الرمادي والفلوجة والكرمة وغيرها من المناطق الساخنة الى مناطق تواجد النازحين في هيت وكبيسة وحديثة وعنه وراوة والقائم والرطبة بل حتى الى سامراء وكردستان , حلول كلامية غير تطبيقية . والبعض الاخر يقترح اجراءها في المناطق الساكنة فقط كونها تنعم ببحبوحة من الامن والاستقرار الحذرين . انهم بلا شك يبحثون عن اجراءها بأي ثمن بغض النظر عن ما تأول اليه هذه الانتخابات .
رغم هذا التقاطع والتشابك والمفوضية صامته , لا تستطيع ان تتخذ موقفا من اجراءها او عدم اجراءها , ماذا تنتظر ؟ لماذا لا تضع النقاط على الحروف ؟  هناك من ينتظر ان تتضح الصورة اكثر لكي يتخذ القرار ؟ سكوتها وحيرتها هي والحكومة  هو بالضبط عكس موقفهما من انتخابات مجالس المحافظات العام الماضي عندما سارعت الحكومة وأجلتها في الانبار ونينوى ,   القرار ليس قرار حرب او انفصال او غيرها من القرارات الصعبة , من الممكن اتخاذه وتحمل تبعاته . دولة القانون تنظر بعين الى الانبار من انها اهم محطة لها في العراق وذلك لتواجد اكبر عدد من افراد القوات المسلحة والتي يكون تصويتهم في الغالب لصالح المالكي كما اعتدنا ,  وان ما تمر به  الانبار من معارك شرسة بين الجيش والثوار وعدم تمكن الجيش من  حسم المعركة وانكشافه امام الثوار  قد يؤثر على التصويت الخاص للقوات المسلحة الذي سوف يحدث في الانبار على الرغم من تأجيلها  , انهيار معنويات افراد الجيش وعدم حسم المعركة وتذمرهم من هذه الحروب الداخلية ربما يؤثر كثيرا على قناعتهم الانتخابية . هذا ما تنظر له كتلة رئيس الوزراء بقلق متزايد وهي التي  تريد ان تضمن ولو نصف اعدادهم بأسوأ  الاحوال.
اما بالنسبة للكتل الغير مستفيدة من الانبار والتي تنظر بعين الى الاستفادة التي من الممكن ان يحصل عليها المالكي فهي حذره جدا وتراقب وتطلق الصيحات بين الحين والأخر مهددة حكومة المالكي من تأجيل الانتخابات في الانبار خاصة والعراق بصورة عامة . ان تأجيلها في الانبار يعني تأجيلها في كل العراق إلا اذا ما ظهر مجتهد وخرج علينا بأنصاف الحلول التي ربما تقنع المتلهفين على اجراءها  بأي طريقة مستفيدين من الحالة الغير طبيعية لكي يتلاعبوا ويستفادوا  من الفراغ الكبير الذي سوف يحدث في تلك المناطق .
هذا ما تبحث عنه الكتل الكبيرة في الانبار والتي كان لها ثقل كبير في الماضي والتي شعرت بأنها فقدت الكثير وباتت مهددة بالتخلي عن رصيدها الشعبي لكتل ناشئة جديدة خرجت من رحم التظاهرات او كتل ذات توجهات وطنية  خالصة لا يشوبها الكثير من الشوائب العالقة لدى الكتل الكبيرة  . الكتل الكبيرة في الانبار حريصة على اجرائها بأي شكل  لكي تحصد الخمسة عشر مقعد المخصصة لمحافظة الانبار بأقل نسبة تصويت تحدث او بإمكاناتها ووسائلها وخبرتها  التي استخدمتها في الماضي  والتي تعول عليها كثيرا في مواجهة الكيانات الصاعدة الجديدة اذا ما جرت الانتخابات  بشكل ترقيعي.  اذن المستفيد الاكبر هي الكتل الكبيرة في الانبار وسوف تعمل هذه الكتل على اقناع المفوضية والحكومة على اجراءها في الانبار بأي ثمن , لكن الكلمة الفصل تبقى للحكومة والتي سوف تحدد استنادا الى رؤيتها والى المستجدات التي من الممكن ان تحدث قبل 30 نيسان المقبل .
باحث في المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية 

أحدث المقالات