21 نوفمبر، 2024 9:09 م
Search
Close this search box.

كيف تؤسس لوبيا فعالا ومؤثرا في العراق؟

كيف تؤسس لوبيا فعالا ومؤثرا في العراق؟

لأطلاع كل الاحزاب والشخصيات ومنظمات المجتمع المدني.
ليس المقصود هنا لوبي اخر للفساد وشرعنة وتسهيل سرقة المال العام باسم الدين والقومية والمقدس والمراجع والحشود الشعبية والعشائرية وما الى ذلك مما تفتقت عليه اذهان احزاب وواجهات السلطة الحاكمة الحالية ولا الشركات والهيئات الفارغة التي اصطنوعها في الظل لتمرير صفقاتهم. انما لوبي لتطوير وقيادة العراق وعبور صعوبات المرحلة.

لو اجتمع 20 مثقف عراقي فقط على قلب رجل واحد وبنية صادقة على التغيير للأفضل ومن خلفيات متنوعة تعكس الطيف الواسع لشكلوا بتقديري خلال اسابيع اعلى سلطة حاكمة في العراق لاينافسها البرلمان بهيلمانه ولا كابينة الحكومة بكل صلاحياتها ولا حتى رئيس الوزراء.

بل وهناك فراغ محسوس في الساحة العراقية يجب ملؤه بسرعة لتشكيل هكذا لوبي تشريعي واستشاري تطوعي مستقل ووطني. المشكلة الكبرى هي في تجميع هذا العدد من المتنورين التكنوقراط غير الطائفيين ولا المتحيزين قوميا وعقائديا, ممن يمكن ان يضعوا مصالح العراق وشعب العراق فوق كل اعتبار ويضطلعوا بالمهمة الصعبة الشاقة, وان لاينتظروا منفعة مادية مباشرة وسريعة, فاية شبهة مذهبية او عنصرية او فساد تحوم حولهم ستقوض كل جهدهم. ومع ان العدد يبدو صغيرا لكنه بالواقع ومن الخبرة اعجازي في التطبيق.

الفكرة ببساطة وباسرع الية هي في تشكيل هيئة او لوبي وطني عام ممن يراجعوا مشاريع القوانين التي تعرض على مجلس النواب ليناقشوا كل فقرة فيه ويعلقوا عليها بجمل بسيطة باختيارين او ثلاثة مع التبعات المحتملة لكل خيار ويتركوا الامر لاعضاء البرلمان للمداولة والتصويت عليه, لنصل بالنهاية الى قرارات مدروسة وليست مطبوخة على عجل كالذي يتم الان.

فمن اصل 328 نائبا في المجلس هناك على الاقل ثلثان منهم لايفقهون شيئا بامور التشريع والقانون, ولايمكن ان يفهموه او يفهموا تبعاته. ليس لانهم جهلاء بالاصل فقط وانما لمحدودية خلفياتهم وتجاربهم وخبراتهم, وكلنا يعرف انهم انتخبوا ضمن القوائم الطائفية والعرقية الكبرى وليس على اساس من الكفاءة بشيء غير التملق. نعم نراهم يشاركون جميعا بالتصويت ورفع الايادي على كل فقرة وقرار داخل القبة ولكن من الواضح انهم يراقبون الاوامر المباشرة او شفاه ونظرات واصابع رؤساء كتلهم وحالما يلمحون توجهات اؤلئك الرؤساء فانهم يقلدونها وغالبا لانعدام البديل… هم بلا رأي في اية تفصيلة يتم مناقشتها مع انهم يدعون العكس. وبنفس الوقت هم يتمنون ان يقدم لهم مسبقا شرحا مبسطا عن تبعات كل فقرة تطرح امامهم من جهة محايدة يثقون بها او مشهورة بمصداقيتها كي يتخذوا بالنتيجة القرار الذي يرونه هم كبشر وافراد وكنواب الانسب وليس رؤساء كتلهم. هذه هي طبيعة الانسان سواء كان عضوا بالبرلمان ام طالب مدرسة يبحث عن ملخصات للامتحان بدلا قراءة كل المادة الاصلية الدسمة. وللاسف ليس هناك مثل تلك الملخصات للبرلمانيين.

عرض على البرلمان في دورته السابقة مع كل فشلها 433 مشروع قانون ونجح في انهاء اقرار حوالي 216 منها. وبتصوري يمكن لبرلمان الدورة الحالية اقرار 400 الى 500 قانون جديد او اكثر. ومن يتمكن من توجيه خط انحراف مئات القوانين بالعراق فهو بالتاكيد اقوى واهم من اي برلماني او وزير او حتى رئيس مجلس الوزراء. وهذا هو اللوبي المطلوب, متمنيا ان يكون لوبيا وطنيا مخلصا.

خلال اسابيع من تشكيل هذه الهيئة او اللوبي واذا اتقنت عملها ومهمتها وقدمت الملخصات والمراجعات المطلوبة بحرفية وحذاقة وفعالية وبوقت مناسب وغطت كل مشاريع القوانين المعروضة او التي ستعرض على البرلمان بلا تلكؤ وباسلوب علمي بسيط مقنع وغير منحاز فانها ستلفت الانتباه والاهتمام وسينتظر كل اعضاء البرلمان تقاريرهم قبل الدخول لاية جلسة بل وستتلقى طلبات وعتابات وتلفونات النواب ان تاخروا فيها.. والاهم من ذلك سيكون رأيهم وأقتراحاتهم خلال اشهر قليلة مسموعة ومؤثرة ليس في مجال القوانين وحدها وانما بكل مايستجد من امور الحكم وادارة الدولة ومشاكل المواطنين والاتفاقات الدولية وغيرها.

المرصد السوري لحقوق الانسان (الذي ابتدأ بشخص واحد) هو أقرب وأحدث مثال لما اطرحه هنا من فكرة لوبي وطني عراقي تكنوقراطي ومؤثر. ومع اختلافنا او اتفاقنا مع السوري فلا يمكن ان يصدر تقرير عالمي او محلي ولا يتم التوثق من اي رقم يتعلق بسوريا منذ 3 سنوات الى اليوم ان لم يصادق عليه المرصد سلبا او ايجابا. فصار الان رقما مؤثرا وفاعلا في الساحة السورية. انها دعوة لتشكيل المرصد او اللوبي العراقي الوطني الحاكم بالظل.

الا نقول جميعا ان القرار السياسي الامريكي تحكمه اللوبيات او جماعات الضغط, وهو قول صحيح الى حد ما, فلماذا لانقوم بصنع لوبيات تحكم السياسة العراقية ونحن بلد ديمقراطي ايضا, باسلوب حضاري ليبرالي علماني تطوري بدلا من ان يقوم اخرون لانعرف نواياهم بصنعه؟

هكذا تقاد وتدار السياسة في دول العالم الديمقراطية المتطورة وهكذا تجري الامور وعلينا ان نتعلم الدرس ونطبقه في العراق ايجابيا بدلا من ان نتباكى من مساوئ واشرار اللوبيات التي سمعنا فقط عن سلبياتها في قضايا كثيرة, ولم ننتبه بعد لمحاسنها وما يمكن ان تجلبه من فوائد ان أحسن تطبيقها.

هناك بعض الجهود الفردية العراقية المشكورة التي يقوم بها هذا او ذاك ولكنها للاسف غير مسموعة ولم تصل الى درجة النضج لتشكل لوبيا فعالا ومؤثرا, وبالتاكيد ليس هناك جهدا مؤسسيا بكل دوائر الرئاسات والسلطات يقوم بهذا الدور. اما اللجنة القانونية للبرلمان وتوصياتها التي ترفعها بكل قراءة لقانون فهي غير موفقة ومنحازة ومتسرعة وترقيعية.

 

أحدث المقالات