23 ديسمبر، 2024 4:21 م

كيف اللحاق بالغرب ؟

كيف اللحاق بالغرب ؟

تلك اللوحة من الأضواء نتأمل بها النجاح والجمال سواء بخطوطها العريضة او بتفاصيلها الدقيقة… ساحات وارجاء يستنشق بها الكمال انفاسه . هم عالم اول ونحن ثالث وبيننا عالم ثاني , والثالث تعني اننا ثالث القائمة  وليست ان لدينا من النجاح كمقدار الذي حققه الثالث مقارنة ً بالاول .
ولأننا لسنا من اهل المبادرة على مستوى الفعل لذا تنامت لدينا مشاعر شتى على المستوى النفسي من باب – الما ﻟﺤﮕﺘﺔ خرمشة – فإصابتنا خيبة الامل او الشعور بالفشل والغضب المكبوت والحسد المبطن والحقد الظاهر  …الخ من سلسلة المرارات المكبوتة
او ان تكون مشاعرنا تجاههم ملئى  بالانبهار وهو ما يحصل لدينا كمشاهدين عندما نرى تقاريرهم الوثائقية عن نواحي تحدياتهم ونجاحاتهم .
وهو الانبهار ذاته الذي شعر به وفدنا العراقي الذي دعي لزيارة حاملة الطائرات الامريكية حيث  شخصت ابصارهم حين لمسوا حجمنا مقابل حجمهم !!
وقد ارتبط الغرب حتى بالمفهوم الشعبي بالذي يرتقي ; إذ يقال ” امغّرب ” لمن يتوجه شمالا ً أي اعلى بعكس انحدار المياه وهي الضد لكلمة ” منحدر ” -بكسر الميم-
 بل اصبحنا نُدخل وان لا شعوريا  ً نجاحات دول آسيا كاليابان وكوريا الجنوبية ضمن عنوان العالم الغربي لأن له قدم السبق .
وبعد هذا الوصف المطنب لنجاحهم وعلو هامتهم  وتقهقرنا وراءهم .. سنتوهم ان يكون السؤال كيف نلحق بهم ؟  سؤالا ً ضخما ً متطلبا ً لدراسات وستراتيجيات معمقة وبحوث في شتى المجالات وخلق لمئات من اسباب النجاح كما يتطلب مؤتمرات تحضرها التوجهات السياسية المختلفة ليحيل كل منهم السبب الى الابتعاد عن نهجه والحل بالرجوع اليه .
لكن بحقيقة الحال الامر ابسط من ذلك بل مفرط بالبساطة ويتلخص بالعمل على حل كل مشكلة تواجهنا سواء كانت صغيرة ام كبيرة مع فراق منهج سُلّم الأولويات الذي شل تفكيرنا وعطّل حياتنا .
عندما جاء الجيش الامريكي الى قاعدة الامام علي (طليل كما اسموها ) واجه اربعة مشاكل وهي مشكلة القذائف التي تستهدفهم والثانية مشكلة الذباب والثالثة مشكلة الارض المثيرة للغبار صيفا ً والموحلة شتاء ً والرابعة مشكلة المياه الجوفية .
طبقا ً للأولويات عندنا فأنهم سيعالجون مشكلة (1) لعلاقتها بأرواح جنودهم ويهملون المشكلات الاخرى  .
لكن هذا ليس صحيح فلقد وضعوا المشاكل كلها على الطاولة وحلوها دفعة واحدة ولم يقولوا جنودنا يقتلون ونحن في ارض معركة فلسنا بحال الذباب والغبار ولنؤجل النظر بهكذا مشاكل تماشيا ً مع علم الأولويات بل عاملوا المشكلات على نفس القدر من الأهمية فوضعوا أفخاخ الذباب والأشرطة اللاصقة في حين اننا نعيش معه بسلام , وفرشوا ارض القاعدة بالحصا فحلوا مشكلة الغبار المنبعث من الارض صيفا ً والوحل شتاءا ً كما انهم قاموا بحفر حفر كبيرة في الارض الى مستوى المياه الجوفية لتتحول الى حوض ترسيب طبيعي لها .
اذن فقد اثبتوا عمليا ً وعلميا ً فشل تقديم حل مشكلة على اخرى واضعين أيدينا على سر تقدمهم  .
ان فكر الأهم ثم المهم فكرٌ  ناجح على مستوى الأمور الفقهية لكن ليس على مستوى تطويع الحياة وقهرها .
اذن علينا ان لا نفكر بوضع ستراتيجيات معقدة بل ان نمسك ورقة وقلم ونسجل عليها كل مشاكلنا اليومية ابتداءا ً من الذبابة المطنطنة وانتهاءا ً بمشكلة الكهرباء مرورا ً بحساسية العين والحساسية الموسمية ونشرع بحلها والافضل ان نبدأ بحل الأمور الصغيرة ثم نتصاعد لأن النجاحات الصغيرة لابد وان تخلق في النهاية نجاحا ً كبيرا ً ساحقا ً
وليَصدق ما قلناه فانظر الى بؤس من يواجه الارهابيين بالملف الأمني وحده- بعد ان جعل منه اولوية  بالانفاق والجهد – وتلمس بيديك سهولة هزمه بسيارة تنفجر او حزام ناسف في حين انه لو كان يواجهه بمنظومة حياة وطريقة معيشة متكاملة لا تهمل وجها ً من وجوهها , شارع نظيف ,آمان طرقات , بيئة صحية وتشجير  لأنتصر حتما ً لأنه سيكون قد ضخّم عدو الارهابيين وجعله الحياة كلها فيصبح الارهابي كمن يلكم الهواء او يرفس الخيال .
وقطعا ً سيقول البعض اننا لسنا كذلك واننا نعامل الأمور على قدم المساواة ..واجيب ان هذا صحيح على المستوى النظري ليس العملي ولو كانت الأمور وقفا ً على النظريات لكنا الآن في مقدمة الدول لا في ذيلها .