كان الله في عون قيادات وزارة الداخلية، اليوم، وهم يقاتلون على جبهتين متناقضتين:
الأولى جبهة مواجهة الارهاب والعنف المسلح وأعمال الإجرام المنظم وغير المنظم، والشرطة تدفع من رجالها شهداء وجرحى ضحايا للأعمال الإرهابية…..
وعلى الجبهة الأخرى، فهم يواجهون تركة بل تركات سبع سنوات ثقيلة من الفوضى والتخبط في سياقات واساليب عمل جهاز الشرطة العراقية، نتيجة سوء البدايات لتشكيل الشرطة الجديدة بعد 9 نيسان 2003، وتسلل عناصر غريبة إلى الجهاز، عناصر هجينة ودخيلة، لا تؤمن باصل وحقيقة رسالة الشرطة في الحياة، ولا تمتلك احتراما واجلالا للقانون، وتسعى لتنفيذ (أجندات من خلف الحدود) لا تمت لمهنية وحرفية الشرطة!..
وكانت النتيجة هي ما تتناقله الأخبار كل يوم عن شكاوى وتظلمات الناس من تصرفات لا إنسانية ولا قانونية من قسم من المحسوبين على جهاز الشرطة، ممن زجّت بهم الأحزاب والتيارات المختلفة، وممن تسللوا في غفلة زمنية إلى الجهاز، وكانوا عالة على الجهاز ..وعلى المواطن.. وعلى الوزارة، فما الذي حصل في جهاز الشرطة على مدى 7 أعوام؟ ومن المسؤول؟..
آملا أن يتم الاستماع لهذه الملاحظات بموضوعية وتجرد…
برأيي إن ما حصل ويحصل سببه الآتي:
1- التدخل والتخبط الامريكي في إدارة شؤون الشرطة العراقية، ففي البدء كان تخبط القوات الأميركية، أوما سميت حينها بسلطة الإئتلاف، وبخاصة أثر مجيء (بول بريمر) بديلا عن جي غارنر، ومن الجدير بالذكر هنا أن غارنر كان أكثر دراية ومعرفة بالشأن العراقي من خلفه بريمر، فبعد أن كان غارنر قد أصدر في 2003/4/17 أمراً بعودة جميع ضباط وأفراد الشرطة الأصليين، قام الحاكم الجديد بريمر تحت نصيحة مستشاريه (الذين لايفهمون شيئا عن العراق أمثال بيرنارد كيريك وجيم ستيل وغيرهما ممن تأثروا بالعناصر الفاسدة والمرتشية وأصحاب المصالح الضيقة) بإصدار الأوامر بتسريح الآلاف من رجال الشرطة المهنيين المحترفين من مختلف الصنوف، تحت ذريعة التطهير، ودفع بهم إلى سوح البطالة، والفاقة، دون إدراك لعواقب وتبعات هكذا إجراء تعسفي، فضلا عن خسارة أجهزة الشرطة لعناصر ذات خبرات حرفية مهنية متراكمة هي بأمسّ الحاجة إليها.
2- وكأسلوب للتعويض السريع للنقص الهائل في أعداد الشرطة أزاء تفاقم مستويات الجريمة وأعمال العنف، لجأت سلطة الإئتلاف (أو مستشاروها لشؤون الشرطة بقيادة بيرنارد كيرك) إلى فتح الباب واسعاً دون ضوابط لدخول عشرات الألوف من المتطوّعين الجدد تحت ضغط الحاجة الماسة، دون تدقيق وتمحيص، بحيث تسلل إلى الجهاز آلاف ممن لا تتوفر فيهم شروط الأنتماء (لايقرأ ولا يكتب أو غير لائق صحياً)، والأدهى والأمَرّ أن من بينهم أرباب السوابق الإجرامية، ممن أطلق النظام السابق سراحهم من السجون يوم 23/10/2002، هذا بالإضافة إلى التغاضي عن شروط توفر المؤهلات البدنية والثقافية والأخلاقـــية.
بيرنارد كيريك:
((وللعلم فإن الفاسد بيرنارد كيرك الذي كان مسؤولا عن إعادة تشكيل جهاز الشرطة العراقية الجديدة بعد 9/4/2003 هو من أفسد الضباط الأميركيين وقد قبض عليه بعد عودته للولايات المتحدة واحيل للمحكمة بتهم فساد مالي واخلاقي تتراوح بين قبول الرشوة والتهرب الضريبي ويمضي الآن عقوبة السجن المؤبد في أحد السجون الأمريكية وربما أعود مرة أخرى لكتابة مقال مفصل عن بيرنارد كيريك وشلته من العراقيين الفاسدين الذين كانوا مسؤولين عن تأسيس الشرطة الجديدة بعد الاحتلال الامريكي للعراق))
الخبر: (( أذاعت وكالة أ. ف. ب، يوم 23/5/2006 أن مفتشين من وزارتي الدفاع والخارجية الامريكيتين أبلغوها بان عدداً كبيرا جداً من المتطوعين في جهاز الشرطة العراقي ليس لديهم سوى الحد الادنى من الإلمام بالقراءة والكتابة وبعض المتقدمين للتدريب لديهم سجلات جنائية أو إعاقات بدنية، فيما قال متحدث عسكري أمريكي في العراق لمجلة تايمز التي نشرت تقرير المفتشين ان القادة الامريكيين يتفقون الي حد كبير مع تقرير المفتشين ويتابعون توصياته))..
3- كما كانت ضغوط القوى السياسية في الداخل، ممن تمتلك ميليشيات حزبية، وبخاصة تلك التي إعتمدت أسلوب التجنيد والتطويع الفوضوي بعد 2003 من أجل زيادة عدد أتباعها والمؤتمرين بأوامرها والمنفذين لأجنداتها في الشارع الملتهب، فكانت عملية الزج بعناصر الميليشيات المدنية، والمتسلحة بأسلحة الأحزاب والتيارات السياسية، كانت كارثة أخرى على جهاز الشرطة، لأن الأصل في الشرطي الولاء لسلطة القانون وإلى رأس آمر واحد وليس أن يتلقى الشرطي أوامره من مسؤوله السياسي، ولا يكترث بما تأمره وتوجهه به إدارته المهنية المسلكية! فكانت النتيجة هي خرق واضح للعمل الشرطي المسلكي بسياقاته القانونية، وشيوع ثقافة التمرد على الأوامر والتعليمات وتورط أعداد من المنسوبين لجهاز الشرطة من المتسللين، والمندسين، والمليشياويين، في أفعال تتقاطع مع القانون، وتنفيذ أوامر الميليشيات وعصيان أوامر قياداتها المسلكية.
الخبر: ((..قالت صحيفة نيويورك تايمز يوم 2006/5/22 في تقرير مطول لها ان ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش اخطأت في التقديرات المتعلقة بانشاء الشرطة العراقية التي ارادتها قوة من اجل بناء الديمقراطية في البلاد بعد انهيار نظام صدام . وبعد ثلاثة اعوام تحولت قوات الشرطة الي أداة لتمزيق وحدة العراق وانخرطت في حرب طائفية توشك ان تؤدي لاندلاع حرب اهلية في البلاد، فالشرطة تتهم اليوم بإرتباطها بفرق للموت، وبات كثير من السكان لا يثقون بهذه القوات التي اصبحت تأتمر بامرة الاحزاب السياسية)).
((وفي 15 آذار 2006 وعلى صعيد متصل صرح وكيل وزارة الداخلية العراقية بأن نتائج التحقيقات الاولية أثبتت تورط 25 من عناصر الشرطة والجيش العراقي في قضية “فرق الموت” التي تستهدف خطف وقتل المدنيين. ونقلت صحيفة “المشرق” العراقية عن وكيل وزارة الداخلية اللواء كمال حسين قوله “إن التحقيقات الاولية حول قضية فرق الموت أثبتت تورط 22 شخصا من وزارة الداخلية وثلاثة أشخاص من وزارة الدفاع”.
4- ونتيجة لقرار الزج بالميليشيات في أجهزة الشرطة، وكثير منهم لم يكونوا يحملون مؤهلات تعليمية أو ثقافية، والقبول بإدعاءات البعض منهم بأنهم ضباط سابقين، تعرضوا للتنكيل والطرد بسبب مواقف سياسية، وهي معلومات في جزء كبير منها غير صحيحة على الإطلاق، فاصبحت الشرطة تعجّ بضباط برتب متقدمة في حقيقتهم لا يمتلكون أي مؤهل علمي او ثقافي او مسلكي وكل ما لديهم هي تزكية رؤساء أحزابهم ومنظماتهم!
(والدليل هو ما تحدث به ناطق بإسم وزارة الداخلية من وجود أعداد من الضباط الذين تم الزج بهم في جهاز الشرطة خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، تبين أنهم عجزوا عن تقديم ما يثبت كونهم خريجي كلية الشرطة أو الكليات العسكرية، وهناك أكثر من 20 ألف شهادة مزورة بين منتسبي الشرطة الجديدة!!))…
5- مع الإقرار بأن هناك فجوة في الثقة والعلاقة بين الشرطة والشعب منذ العهود السابق نتيجة ممارسات وأخطاء معروفة، إلا أن الفجوة إزدادت إتساعا بعد 2003 نتيجة ضعف ثقة المواطنين بجهاز الشرطة نتيجة التصرفات الشاذة وغير المنضبطة الصادرة عن عناصر مندسة لا تؤمن برسالة الشرطة ولا تحترم القانون. فظهرت ممارسات جديدة في الشرطة، كانت في السابق تجري في الخفاء وبشكل محدود، إلا أنها اليوم باتت تمارس بشكل علني ومفضوح (كالتعذيب وسوء المعاملة والرشوة وغيرها من السلوكيات التي لا تأتلف مع رسالة الشرطة).
(( لنقرأ الخبر التالي: بغداد ـ اف ب: اعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان الحكومة العراقية قررت اعادة هيكلة جهاز حماية المنشآت التابع للدولة، معترفا بانه يرتكب تجاوزات وصلت الى حد الشراكة في القتل .واكد المالكي في الوقت نفسه انه سيطلب مراجعة الحصانة التي تتمتع بها القوات الاجنبية في العراق. واضاف في مؤتمر صحافي ان جهاز حماية المنشآت الذي يضم 160 الف شرطي يتقاضون روابتهم من الدولة اصبح بعض اعضائه يمارسون تجاوزات كثيرة تصل الي الشراكة في القتل . وقال لا نسمح لمثل هذه المؤسسة ان تتحول الي ميليشيا ، مؤكدا ان مجلس الوزراء قرر إعادة هيكلة هذا الجهاز واتخاذ الاجراءات الكفيلة بضبط عمله من خلال ربطه بمديريات داخل وزارتي الدفاع والداخلية او داخل احدى هاتين الوزارتين. واكد رئيس الوزراء العراقي انه سيبدأ على الفور مخاطبة المسؤولين عن القوة المتعددة الجنسيات في العراق لمطالبتهم بمراجعة الامر رقم 17 الصادر في 27 حزيران (يونيو) 2004 عن الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر والذي يمنح الحصانة لافراد هذه القوة ما يعفيهم من المثول امام القضاء العراقي))..
6- ونتيجة لتخبط سياسات الإدارة في العراق الجديد (مابين المركزية المفرطة وبين اللامركزية المنفلتة) صارت بعض المحافظات تتصرف وكأنها كيانات مستقلة عن أجهزة الدولة المركزية، وبخاصة في الأمور الشرطية والأمنية.. فصار المحافظون يُعيّنون من يشاؤون ويتفق مع هواهم.. وهوى أحزابهم، وإندست بذلك عناصر لا تمتلك من الخبرة والأنضباط، ..والمعرفة القانونية، وصار مألوفا (تمرد) قيادات شرطة المحافظات عن أوامر وزارة الداخلية بشكل صريح ومعلن أمام الملأ.. لا بل تجرأ بعضهم الى الظهور على شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى ليعلن على الملأ تمرده على أوامر وزارة الداخلية!. وهناك وقائع كثيرة مشهودة في هذا المجال.
7- كما أن (عسكرة) جهاز الشرطة والسماح بإستيعاب أعداد كبيرة من ضباط الجيش السابقين في نطاق وزارة الداخلية، ولإختلاف تأهيل وإعداد رجل الجيش عن رجل الداخلية، وطبيعة المهام التي يقوم بها كل منهما، فإن الكثير من الخروقات والتصرفات غير المنضبطة قانونيا صدرت عن هؤلاء لأن إعدادهم حربي عسكري قتالي وليس قانوني مدني، وهذه المسألة تحتاج إلى كثير من الشرح والتحليل لنثبت أن ضباط الجيش لايصلحون في قيادة الشؤون الأمنية الداخلية لإختلاف المدرستين، لذلك تؤكد دساتير بعض الدول العربية (مصر وتونس واليمن..) أن (الشرطة هيئة مدنية..). ولكن الشرطة تحتاج من المدرسة العسكرية الضبط والإنتظام وطاعة الأوامر واستخدام السلاح بالقدر اللازم، فإذا كان تدريب الجندي على السلاح يتضمن مدرسة إرمِ لتقتل “Shoot to KILL ” بينما أساس التدريب القتالي أو السلاحي لرجل الشرطة “إرمِ لتقبض على المجرم حياً!! Shoot to apprehend”!!..
8- اعتماد سياسة الكثرة العددية (الكم) على حساب (النوع) فوصلت اعداد رجال الشرطة حوالي المليون، وربما اكثر من ذلك يضاف اليهم حوالي نصف مليون رجال جيش، وإذا ما تذكرنا أن عدد منتسبي الشرطة لغاية 2003 لم يكن يتجاوز السبعين ألف، بل أن عددهم أواسط الثمانينات كان أقل من أربعين ألف عنصر (وهو نفس عدد افراد الشرطة في محافظة واحدة اليوم!!) بعد أن تم سحب نصف عدد ملاك الشرطة إلى الجيش بسبب الحرب آنذاك، ندرك أن التخمة التي تعانيها الداخلية اليوم ليس لها مردود إيجابي في خفض معدلات الجريمة، ولئن كان هناك من يحتج بأن الدولة قبل 2003 كانت تعمد الاجهزة الامنية والجيش والحزب… فمابالنا اليوم وهناك أجهزة أمنية وهناك جيش وهناك أحزاب بميليشيات مسلحة ومكثفة.. فلم لا تسهم في تحسن الأمن في البلاد؟؟؟
9- كان الفساد الإداري ومازال من أهم التحديات التي تواجه جهود وزارة الداخلية لإعادة (إعمار الشرطة في العراق)..
ولنقرأ الخبر التالي:
(ظاهرة أشباح الشرطة أكثر من 10000 شرطي وهمي دون أوامر للتعيين!! … في سياق خطتها الرامية لاعادة فحص اجهزتها الامنية والتاكد من انطباق الحد الأدنى من الاشتراطات الأمنية والمهنية والسلوكية في عناصر الشرطة، اكتشفت وزارة الداخلية ان هناك حوالي 10000 شرطي قد تم تعيينهم خلافا للسياقات المعمول بها حيث لم تصدر أوامر حكومية بتعيينهم!، فقد تم فصل 300 شرطي في محافظة المثنى (السماوة)، وعدد آخر في كركوك ومحافظات أخرى، بعد اكتشاف عدم وجود أوامر بتعيينهم!! …
كما أقر السيد وكيل وزارة الداخلية في حديث صحفي بوجود ظاهرة “الأفراد الفضائيين” أو ما يسمون بـ “الشلع”!! أي الشرطة الذين لايداومون في وحداتهم وإنما يوقعون تنازلا عن رواتبهم لضباطهم مقابل انصرافهم لأعمال حرة أو غيرها لاصلة لها بالشرطة مقابل احساب خدمتهم للتقاعد!!…
ولنقرأ الخبر التالي:
((كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ان الكثير من قطع السلاح التي خصصتها أمريكا لعشرات الآلاف من قوات الشرطة والجيش العراقي تمت سرقتها وتعرض حاليا في السوق السوداء حيث تباع بأسعار باهظة. وأشارت الصحيفة إلى ان تلك الأسلحة تتضمن رشاشات كلاشينكوف ومسدسات من عيار تسعة ميلليمترات. وأضاف ان ما يحدث يدل على ان الخوف وسوء الإدارة هما العنصران الاساسيان اللذان يحددان ملامح سوق الأسلحة الصغيرة في العراق)).
كيف السبيل للاصلاح وإعادة بناء جهاز الشرطة العراقي :
من وجهة نظرنا المتواضعة فإن السبيل إلى بناء جهاز شرطة كفوء وفعال ومقتدر يكون من خلال:
1- درب الإصلاح ليس صعبا ولا مستحيلا، فبعد أن تم تشخيص أسباب العلة، فقد سهل وضع العلاج لتلك العلة من خلال استئصال أسبابها وعواملها، شريطة توفر الإرادة على التغيير، ورفض الخضوع لأرادة وتدخلات أي من القوى السياسية المستأثرة بالمشهد العراقي.
2- مغادرة (التحزب) و(التسييس) و(الأدلجة)، والولاءات الحزبية والطائفية، ولابد أن يبنى جهاز الشرطة بشكل مهني وحرفي ومسلكي، وتنقيته من كل عوامل التحزب والإنحياز السياسي أو المذهبي والطائفي والعرقي، ويجب أن يكون ولاء الشرطي الوحيد لإدارته المسلكية ولا يخنع ولا يخضع لغير القانون، ولابد من صدور قانون (يجرم) إنتماء الشرطي (ضابطا وفردا) إلى أي حزب أو تنظيم حتى ولو كان حزب رئيس الوزراء أو حزب رئيس الجمهورية!.
3- الأعتماد على الكوادر والملاكات العراقية، فقد كانت شرطتنا العراقية ومؤسساتها التدريبية حتى وقت قريب، هي المؤسسة التي يتدرب فيها العديد من منتسبي الشرطة من مختلف البلاد العربية كالأردن والسودان واليمن وسلطنة عمان وغيرها من البلدان العربية.. فما الذي جرى بحيث يتم إيفاد رجال شرطتنا اليوم للتدرب والتعلم في بلدان كانت بالأمس القريب ترسل أبناءها الى مؤسساتنا الامنية والعسكرية للتعلم؟.. إن هناك المئات بل الآلاف من الكوادر والملاكات العراقية القادرة على التدريب والتاهيل ولابد من رعايتها واحتضانها والاستفادة من خبراتها.
4- تطهير جهاز الشرطة من العناصر الدخيلة والمتسللة، ممن لا تتوفر فيهم أبسط مقومات وشروط الأنتماء الى الشرطة ممن لاشك انهم عالة على الجهاز وعلى المواطن وعلى الحالة الأمنية.. لابل أن كثيراً من أصابع الاتهام توجه إلى هؤلاء في إرتكاب أعمال وأفعال تتقاطع مع القانون. يجب ملاحظة أن العبرة ليست بالكثرة العددية بل بالنوعية الجيدة، لأنه دون الأهتمام بالنوعية ستتحول الكثرة العددية ألى وبال وكارثة على الجهاز وعلى الناس.
5- إعادة التمسك بالسياقات والقيم المسلكية، وأخلاقيات مهنة الشرطة، ونشر ثقافة التمسك بالقانون، ومنع الفساد، وعدم الخضوع لارادة أية جهة غير القانون. ولابد من تثقيف رجال الشرطة على ثقافة حقوق الإنسان واحترام الأنسان ومعاملته بأسلوب أنَّ المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
6- الاهتمام بالناحية المعيشية لرجال الشرطة وتوفير أسباب الحياة المطمئنة لهم لتحصينهم ضد الانحراف والرشوة، ولأن فاقد الشيء لايعطيه فكيف يتمكن رجل الشرطة من توفير الأمن للناس إذا كان هو فاقدا للأمن الوظيفي؟
8- إصدار قانون يمنع تدخل أية جهة حكومية أو حزبية في شؤون وعمل الشرطة، أو التأثير على أعمالها، وتفعيل دور مفتشية الشرطة لتفتيش وحدات ودوائر الشرطة كافة لمحاسبة المقصرين وتقويم العمل اليومي. نعم.. إن درب الإصلاح صعب وعسير، لكنه مع توفر الإرادة والعزيمة والرغبة الصادقة .. يغدو يسيراً وسهل المنال.. وإن درب الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة..
وإن الأمن ليس حاجة كمالية، بل حاجة اساسية فقد دعا إبراهيم من ربه بالأمن قبل الرزق ((وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)) وفقّ الله الجميع لما فيه خير العراق وأمنه واستقراره وسعادة أهله.
* خبير أمني عراقي