يوم استولي الاسلامويين علي السلطة في السودان كانوا يمتلكون بضعة بنوك “اسلاموية” و بضعة منظمات “مدعومة اجنبياً” لا تسمن و لا تغني.. و قد استغلوا تلك المنظمات اضافةً لجهاز الدولة الذي تغلغلوا فيه للسيطرة علي الموارد و الاموال ليس ذلك و حسب بل تعمدوا حرمان غيرهم من العمل و الكسب، و في سبيل ذلك خرقوا كل القوانين و النظم المعروفة و المرعية.
ابتكرت حكومة الإخوان – الكيزان سياسة تبديل العملة (سنة ١٩٩٠م) و لم يكن تبديلاً بل تملك جنائي بالقوة لأموال الناس و جحد لها فقبضت من كل مالكٍ ماله و لم تصرف له إلا (مصروف جيب)!! و لم تعد للناس أموالهم الا بالاقساط المملة و بعد أن فقدت القسم الأكبر من قيمتها الفعلية و جدواها!
بينما استغل تجار الإنقاذ- الكيزان أموال الناس (رجال الأعمال و الصناعة) ضدهم! و كان موظفو البنك جزء من عملية الاحتيال تلك إذ كانوا يتلاعبون بأموال المودعين دون حسيب أو رقيب! كانوا يحملون الأموال التي يفترض أنها في خزانة البنك بعد ساعات العمل ليضاربوا بها في أسواق العملات و الأراضي و السلع ليعيدوها في الصباح بعد أن يخصموا فوائد مضاربتهم!
كذلك اختلقت الانقاذ طبقة من رجال الأعمال و منحوها إعفاءات و امتيازات و تمويل بلا سقوف و بلا ضمانات و كان المطلوب فقط منها اخراج رجال الأعمال غير الموالين للحكومة من المنافسة و من السوق..
و سلطت أولئك الزبانية حتي علي المنتجين، فافقرتهم و اخرجتهم من دائرة الإنتاج و قذفت بهم لدوائر الحاجة و الفاقة، سلطتهم علي منتجي اللحوم و تجار و مصدري الماشية مدعومين بأموال البنوك و جيوش موظفي المحليات “ضرائب و زكاة معززين بجنود شرطة و أفراد أمن” فافلست الأخيرين و افقرت الاولين،
و سلطتهم علي المزارعين مع جيوش الجبايات فافقرتهم ثم رمتهم لقمة سائغة لحوت البنك الزراعي عبر صيغ “السلم” – وما ادراك ما السلم – حتي تحول المزارع لعبد يعمل في حقل البنك الزراعي “السيد” حتي كره المزارعون الحقول و “الحواشات” و هجروها الي سوق المهن الهامشية في المدن!
اغتني الكيزان لكن الوطن أفلس و كاد أن ينهار لولا أن نفط الجنوب دخل الإنتاج في أواخر التسعينيات و انعش الخزانة ثم توقف الحرب الأهلية في الجنوب بعد اتفاق السلام و تدفق أموال المنظمات الاممية و غير الاممية و التي انعشت الأسواق باكثر مما فعل النفط..
فاغتني الكيزان كذلك من مال المنظمات و من نفط الجنوب لكن بذات السياسات الرعناء خرج النفط و خرجت المنظمات عام ٢٠١١م، فكادت البلاد أن تواجه الإفلاس ثانيةً لولا أن عبقرية المواطن تفتقت عن ضرب أكباد الصخور في الجبال و الرمال في كبد الصحاري بحثاً عن الذهب! هذا السوق وفر فرص عمل للآلاف بما مثل متنفس من احتقان اجتماعي و سياسي، لكن سياسات الكيزان و للمرة الثالثة بددت فرصة لاختطاط سياسة تنموية، إذ هجموا علي مورد “التبر” تهريباً و تجنيباً.. هذا علاوة علي أموال المساعدات و “التسول” التي اراقوا فيها ماء وجه الوطن و إضافة لاكل أموال المستثمرين من لدن “اسامة بن لادن” و “الزنداني” و “صقر قريش” و “صالح الكامل” و “جمعة الجمعة” و غيرهم الكثير و إضافة لفتح قنوات البلاد المالية لكل جواب آفاق بمال “متسخ” و باحث عن ملاذ للغسيل!
وقفت البلاد علي شفا الإفلاس للمرة الرابعة و الحاسمة التي كانت القاضية لحكم الكيزان.
محاولات الكيزان اليوم استغلال ميزة احتكارهم للمال لإضعاف السلطة و العودة للحكم مرة أخري و محاولتهم إقناع الناس بأن إدارتهم للشأن الاقتصادي كانت أفضل من الوضع الحالي تمثل عملاً بذيئاً و إهانة لعقول السودانيين! أن من بدد أربعة فرص لإدارة الاقتصاد و تحقيق تنمية سيبدد اربعين فرصة؛ فالكيزان بارعين في استخدام الأموال للتخريب و ليس للإعمار.. و ما بيدهم من أموال اليوم لن يدوم الي الغد إذ للمال منطق يسير به، و من اكتسب مال دون وجه حق و دون جهد سيفقده دون أن يشعر حتي.