22 ديسمبر، 2024 10:13 م

كيف استطاعت الكتل السياسية تعطيل الإرادة الشعبية .؟

كيف استطاعت الكتل السياسية تعطيل الإرادة الشعبية .؟

يرى الجميع ان أمور البلد تتراجع باطراد وعلى جميع الصعد، والمواطن يشاهد مدى أصرار الكتل والأحزاب الحاكمة على القبول بهذا التراجع وتقف مقابل ذلك أرادة شعبية مستكينة يائسة حتى من رحمة الله ، وقد حاولت هذه الإرادة التمرد على واقع الحال ، ولكن بات ذلك من المحال ، ولم يعد للشعب الا مساحة ضييقة جدا يتحرك من خلالها الشباب للتعبير عن بأسهم القاتل ، ولقد استطاعت هذه الكتل من تكبيل الإرادة الشعبية من خلال اتباع الوسائل التالية،
أولا .. لقد عملت الكتل والأحزاب الحاكمة وبالتدريج على تزوير الانتخابات وباتفاق واضح وعلى مسار كل الدورات الانتخابية ، وقد أخذ هذا التزوير للارادة الشعبية انماطا كثيرة ، يقف في مقدمتها اعتماد نتائج الانتخابات رغم ضئالة المشاركين فيها ، وقد كانت مثلا نسبة المشاركة في انتخابات عام 2018 لا تزيد عن 19% ، وهي نسبة لا يمكن اعتبارها شرعية او معبرة عن إرادة شعب ، وأن هذه النسبة مثلت رأي الاتباع والحواشي والاقارب والمرتشين انتخابيا ، وقد تمظهر التزوير من خلال حرق صناديق الانتخاب وحرق المرفق العام العائد لوزارة التجارة ، ونتيجة لكل ما تقدم ان قام برلمان لا يمثل أرادة الشعب وجاء بحكومة لا تعرف هموم هذا الشعب ، واليوم البرلمان بات مسخرة والحكومة ضعيفة متقهقرة .
ثانيا..لدى تحرك الشعب للتعبير عن رفضه لكل نتائج العبث السياسي قامت الكتل بتسخير أتباعها لتغيير مسار التظاهر نحو الاعتداء والتخريب ، وتحويل التظاهر السلمي إلى ممارسات لا قانونية ، بالتالي تحريك المسؤولية الجنائية تجاه المتظاهرين ، او قيام الكتل بالتنسيق مع الحكومة الممثلة لها بالاعتداء على المتظاهرين بالضرب او الإعتقال ، وفي حالات كثيرة تم تغييب رؤساء التنسيقيات ولغاية اليوم .
ثالثا ..أما الكتل التي تحظى بتأييد شعبي واسع فإنها عملت على توجيه دفة التظاهرات نحو غايات ومواضيع ثانوية او مطلبية انية ، وتارة تتظاهر وتارة تختفي ، تارة تحارب الفساد وتارة تسكت عليه ، تارة تحتجب وتارة تنتفض ، البوصلة لديها متناقضة والأهداف غير منسقة وغير ثابتة ، وفي النتيجة لم تكن أداة للتغيير وأصبحت بمرور الوقت جزءا هامشيا من النظام مثلها مثل الولد العاق.
رابعا..ان السلوك الحزبي والحكومي بات سلوكا ذاتيا بعيدا عن هموم الناس وطغى عليه الترف السياسي وصار هذا السلوك تابعا لارادات دول وجماعات ولم يعد يمثل الرأي العام العراقي ، واصبحت الكتل والبرلمان والحكومة في واد والشعب تماما في وادي آخر ، وثمة حاجز واضح بينهما ، والتاريخ لم يعد تاريخ هذا الشعب فهو اليوم تاريخ حكومات التبعية للأجانب وتاريخ كتل ذيلية تابعة لهذه الدولة او تلك ، بعيدا تماما عن ارادة الشعب العراقي صاحب كل ذلك التاريخ العريق…