18 ديسمبر، 2024 11:06 م

كيف استحال رجل القانون إلى سارق محترف ؟! الدكتور عادل عامر وجرائم السطو الثقافي

كيف استحال رجل القانون إلى سارق محترف ؟! الدكتور عادل عامر وجرائم السطو الثقافي

في عالم الجرائم الثقافية المنظمة ، التي لا يني نطاقها يتسع واحترافها ينتشر في بلاد العرب والمسلمين ، نادرا”ما تثار حفيظتنا حيال ما يرتكب من أعمال السطو الثقافي والسرقات الأدبية ، من لدن بعض المتطفلين على حقل الثقافة والمندسين إلى مضمار الفكر . مثلما لا نعير أهمية إزاء ما يقوم به البعض الآخر ممن يجيد مهنة الارتزاق المخجل والتكسب المعيب ، على حساب قيم الثقافة ومعايير الأخلاق . ذلك لأن دوافع هؤلاء وأولئك باتت معروفة وأهدافهم أضحت مكشوفة ، بحيث إن  مشاعر الشفقة تغمرنا أحيانا”على  حالتهم البائسة أكثر مما نستنكر أفعالهم المشينة وندين تصرفاتهم البذيئة . ولكن أن يتجاسر أستاذ جامعي (كذا) وحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون (كذا) من أحدى الجامعات المصرية ، بممارسة هذا الضرب من السطو الثقافي الفاضح والانتحال الفكري المكشوف ، وبطريقة فيها الشيء الكثير من التعالم الكاذب والتبجح الفارغ ، فتلك مسألة تحتاج إلى وقفة تأمل وتتطلب إعادة التفكير بالكثير من مسلماتنا المبتسرة وتواضعاتنا المفبركة . ففي الوقت الذي لم تبخل فيه السيرة الذاتية لهذا (الدكتور) المزعوم وصحيفة أعماله المترهلة ، من ذكر كل شاردة وواردة – حتى التافه منها – ابتداء”من تاريخ ميلاده وانتهاء”بنيله شهادة الدكتوراه في القانون ، وصيرورته خبيرا”في القانون العام ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية ، مرورا”بالعديد من الأنشطة الثقافية والفعاليات الرياضية والتجارب الاجتماعية والممارسات الاقتصادية والمواقع الحزبية ، هذا بالإضافة إلى رئاسته وعضويته في العديد من النقابات والجمعيات والمؤسسات ، حتى لتخال نفسك أمام شخصية أسطورية نادرا”ما يجود به الزمان أو تكرم به أمة . نقول في الوقت الذي تطالعنا تلك السيرة الطافحة باللغو والحشو ، فقد تبين إن صاحبها ليس كما يظن المخدوعين بعبقريته الفذة ، وإنما هو من أرباب السوابق في مجال السطو الثقافي على أعمال الآخرين والاستحواذ على جهودهم الفكرية . إذ من خلال تصفحنا لموقع (غوغل) الالكتروني صادف أن وقعت على مقالة للكاتب العراقي ( رائد سلام) ، كشف من خلالها إن (دكتورنا) الفاضل قام بنشر مقالة له تحت عنوان مثير (التأثيرات الدينية والطائفية على الخطاب الثقافي) ، تبين أنها ليست من بنات أفكاره ونسج يراعه ، بقدر ما هي مجرد سرقات وقحة لنصوص كتبت بأقلام أربعة كتاب عراقيين ، لم يكن يدور بخلدهم إن ما يكتبونه بعرق جبينهم سيكون سلعة رخيصة يتاجر بها لصوص الثقافة من أمثال الدكتور عادل عامر هذا . ولعل من المتعارف عليه في مثل هذا المجال اللصوصي إن السّراق يعمدون – لإخفاء جرائمهم – إما إلى تقديم وتأخير بعض المقاطع والجمل ، وإما لتغيير بعض الكلمات  والصياغات وإحلال أخرى محلها تعطي نفس المعنى وتثير ذات الإيحاء ، وإما إهمال الإشارة إلى المصادر والمراجع بالنسبة للمقاطع الطويلة ، في حين لا تضيره الإشارة إلى المصادر والمضان بالنسبة للجمل القصيرة ، بحيث يظهر السارق وكأنه الكاتب الفعلي للمقال أو البحث أو الدراسة . بيد إن لصاحبنا في هذا الشأن فلسفة خاصة تتمثل بعدم تحرجه من سرقة مقاطع كاملة ، دون إجراء أي تغيير أو تحوير لا في الكلمات ولا في الصياغات ، وإنما يقوم بأخذ مقطع واحد من عدة مقالات مختلفة ، ساعدت خبرته وتضلعه في هذا المجال على إيجاد وحدة موضوع بينها ، بحيث يصعب على القارئ اكتشاف ألاعيبه وإماطة اللثام عن تجاوزاته . وهكذا فلولا القراءة الذكية والفاحصة التي تجشم عنائها زميلنا (رائد سلام) لاستطاع هذا الدعي النجاة بفعلته النكراء تلك ، حيث لم يكتفي زميلنا بالإشارة العابرة إلى هذه الحالة – وهو ما قد يظنه البعض باعتباره تجني وتحامل على الرجل – ولكنه أفاض في ذكر المصادر التي تعرضت للسرقة ، حتى انه طالب لإثبات بالرجوع إلى المفردات والفقرات التي تم السطو عليها . وهو ما لم أتردد في التأكد منه صحته شخصيا”، عبر قراءتي لمقال الدكتور المفبرك ومن ثم اكتشافي طريقة سطوه وحجم سرقته . ولكي لا أبدو كمن يرجم بالغيب بحيث أتهم – ممن يريد البرهان ويبحث عن الدليل – بالتجني والتحامل ، لمجرد ربما حصول نوع من (التناص) بين الموضوعين كما يقول أصحاب اللسانيات ، فاني أضع بين أيديكم أصل المقطع المأخوذ عن مقالي المعنون ( إعاقة التحول الديمقراطي : من المجتمع المدني إلى الطائفية السياسية ) المنشور على موقع كتابات بتاريخ 17/12/2013 ، ومن ثم قيامكم بإجراء المقارنة والمضاهاة مع نظيره المنتحل من قبل الدكتور(عادل) ، والذي ورد ضمن مقاله المعنون ( التأثيرات الدينية والطائفية على الخطاب الثقافي ) المنشور في عدة مواقع الكترونية ؛ أولها موقع (تللسقف) بتاريخ 26/3/2014 ، وثانيهما على صحيفة المثقف بتاريخ 28/3/2014 ، وثالثهما موقع (ديوان العرب) بتاريخ 28/3/2014 ، ورابعها موقع (الحوار المتمدن) بتاريخ 23/4/2014 ، ولكم أن تحكموا بين الأصل والانتحال ، بين النص والتناص . وهكذا فقد جاء في القسم الثاني من بحثي المشار إليه وتحت عنوان (تغليب الانتماء الطائفي وتغييب الولاء الوطني ) ما نصه (( والواقع إن التجربة التاريخية لمجتمعات العالم الإسلامي بشكل عام ونظيرها العالم العربي على وجه الخصوص … إلى … وبالنهاية يحول ذلك دون بلوغها كجماعة مستوى الوجدان أو الوعي القومي )) . هذا في حين تضمن مقال الدكتور (عادل) ذات المقطع بالكامل دون تغيير أو تحوير ، لا بل انه – وللأمانة العلمية !! – لم يهمل حتى الفوارز والنقاط ، فضلا”عن الإحالات التي أشار إليها النص الأصلي . بحيث ابتدأ بالقول (( والواقع إن التجربة التاريخية لمجتمعات العالم الإسلامي بشكل عام ونظيرها العالم العربي على وجه الخصوص … إلى  … وبالنهاية يحول ذلك دون بلوغها كجماعة كمستوى الوجدان أو الوعي القومي )) . ولكون المقطع طويل نسبيا”فقد أحجمنا عن ذكره بالكامل ، خشية التكرار والإطالة التي تبعث الملل والنفور لدى القارئ ، تاركين لمن ينشد المزيد للاطلاع على مقدار السرقة وطبيعتها ، الرجوع إلى تلك المقالات لإجراء المقارنة والمضاهاة بنفسه ، ومن ثم الوقوف على صحة ودقة ما ذهبنا إليه . أما ما يتعلق ببقية السرقات التي صنفها زميلنا (رائد سلام) ، فان أصحابها المشار إليهم ، أحق من سواهم بكشف حجم ما تم السطو عليه من نصوصهم ، وبالتالي الردّ على (الدكتور) السارق بالشكل والكيفية التي يرونها مناسبة . هذا وفي الوقت الذي نعبر فيه عن شكرنا وامتنانا لموقف الزميل (رائد) على كشفه وفضحه لهذه الأفعال الرخيصة ، فإننا لا نملك إلاّ أن نقول لكل من يحترم نفسه ويعتز بثقافته : ارجموا هذا الدعي والعنوه ، عسى  أن يكون درسا”لغيره وعبرة لأمثاله !!! .
 [email protected]