مما لاشك به ان العراق و على مر العقود كان مستهدفا من أكثر من جهــــــة ، و نجح في دخول بغداد عدد من الجيوش على مر السنين ، و تعرضت هذه الارض الى شتى انواع الاعتداءات .
و اختلفت فينا اسباب المعتدين ، ما بين طامع في خيرات هذه الارض ، و خائف من تصاعد الخط البياني للتطور، و بين كاره لتقدم هذا الشعب لانه أرتع بيئة بين الشعوب للابداع و مصنع للعبقرية ، و حاقد متآمر منذ يوم كنا أمة تنتصر على الامم و إلى اليوم …
والنتيجة واحدة … الأحتلال .
و اختلفت كذلك فينا اجندات الاعداء و خططهم على مر العقود .
و على الرغم من تكالب القوى على هذه الارض و صراعها الا ان اغلب المخططات لم يحقق ما صبى إليه …
لم ينجح مثلا تهريب المخدرات الى بلادنا في تضييع الوعي ، و لم تنجح الجاسوسية في عرقلة التطور ، و لم يفلح استقطاب العلماء بانضاب العقول .
و على قياس ان الحصار أقسى ما مر بهذا البلد من مخططات تدميرية فهو ايضا لم يأت بكل امنيات العدو .
و لكن الذي نجح فينا فعلا و كسر كبرياء هذا الشعب و أظهر عيوبه جليتا واضحة امام انظار العالم و أظهر فينا جهلنا …
هو إشعال فتيل الطائفية .
هذا الذي لم نستطع مواجهته ابدا … و بأسم الدين صار الدين طريقا لهدم الوطن و تشريعا لقتل الآخر.
الطائفية وحدها من كسر هذا الوطن و من جعل من أبنائه عدوا له قبل اعدائه الخارجيين .
الطائفية هي وحدها من أورثتنا الفشل و الخسارة و الإنكسار أمام أعدائنا ، و إظهار الفروق جلية بين تقدم الشعوب و الامم و تخلفنا ، حين نتعصب لأفكار هدامة لا فائدة منها سوى كونها مبررا لقتل احدنا الاخر .
و في احسن الحالات و مع أكثر الناس ثقافةًَ الطائفية هي الدافع للكراهية و القطيعة بين افراد الشعب الواحد تماما كما قاطعت قريش محمدا و علقت بنود هذه القطيعة على الكعبة .
نجحت الطائفية فينا نجاحا لافتا و تفوقت تفوقا ملحوظا و أثلج هذا النجاح صدور الاعداء و جعلهم آمنين مطمئنين الى اننا لن تقوم لنا قائمة الا ما إذا انتصرنا على أنفسنا و تخلصنا من تأثير الدول المجاورة ( شيعية كانت أم سنية ) على أفكارنا .
و الان و ليس بخفي على حريص ان التعصب و التطرف هو اعدى اعداء التقدم و ان شعوبا تتقاتل فيما بينها ، دماءها تزيد اعدائها قوة و غلبة ..
و ما يدعو اليوم للألم ان الامل يعتبرا ضعيفا جدا بدحر التعصب و التطرف في العراق و كذلك في الكثير من الدول العربية ….
و لكن ….
لعلنا لو تكاتفنا نتمكن من إقصائها كمفاهيم من عقول الاجيال القادمة فنبث فيهم افكارا تصحح مفاهيم الدين فينمو فينا شعب يفهم معنى المواطنة .
بعض من الشرفاء حين يقرون المناهج التعليمية ، لا يأتوا الى فكر طائفي معين كما الذي كانوا يفعلوه سابقا و كما يفعلون الان ، و أن العلوم أولى بالتعليم من أفكــــــار اولئك الأشخاص الذين دُرِبوا و أ ُعدّوا ليكونوا اليد الضاربة على هذا الشعب كي تقمع اي إمكانية للتقدم … ويعدو خلف طبولهم الجوفاء الفئة الجاهلة من الشعوب ، دون الإدراك و الوعي الى الفخ المنصوب .
الدين لله و الوطن للجميع …
لن ننعم بإستقرار هذا البلد قبل ان يدخل هذا اليقين كل العقول و القلوب على حد سواء .
إن العمل على أي هدف محوره تغيير أفكار الفريق المقابل هو ضياع للجهد و الوقت و جهود لو تم استثمارها في البناء لتسارعت عجلة التطور حتما .
و هذا قطعا ليس باليوم او غدا و قطعا ليس خلال حكم حزب الدعوة .
على كل الحكومات التي تعاني دولها من عدم الاستقرار بسبب اختلاف طوائف الشعب ، ان تنظر بجدية الى حماية الجيل القادم من فكر التعصب للرأي الواحد .. و أن تمنهج المناهج على ايدي علماء و خبراء ضمن حيثية تعلمهم ان التطرف بالافكار و التعصب للمذهب وحده هو من نصر اعدائنا علينا و فرق جمعنا بعدما كان التأريخ يروي قصص امجادنا و انتصاراتنا على كل من تجرأ علينا .
[email protected]