23 ديسمبر، 2024 10:15 ص

لطالما شعر أنطوان ان له عمر الكلاب ، يشعر وهو بالسابعة من عمره بأنه بالتاسعة والاربعين . كان في الحادية عشر من عمره وهو يحمل خيبات رجل يقارب السبعين عاما .يقرر انطوان أن يكفن دماغه بكفن الغباء.ليكتشف أن كلمة ذكاء كلمة موذيه جدا للشخص ،فالافضل ان يكون أحمقا على أن يكون مثقفا. راغباً بحياة هادئة بعض الشي ،اذ ان الذكاء يجعل المرء تعيسا منعزلا وحيدا . بعد أيام من التفكير يكتشف بأن سبب شقاه عقله، ليقرر الاستغناء عنه .أصر انطون ان يتخذ قرار يغير حياته ليجعل منه غبي. كانت محاولته الاولى أن يجرب شرب الخمور، حيث لاحظ أن الثملين جملهم مفككه وركيكه، وكم كانوا يتوهمون بأنهم يطلقون حكم رائعه. فقرر ان ينتمي لهذه الفلسفة، حيث ان السكر يجعله لايحتاج الى التفكير. ان السكر يمنحه السعاده ويجعل الناس تشفق عليه، ومن خلال السكر يحقق ما لم يستطيع تحقيقة، وهو في حالة الوعي والتفكير .لم يعرف انطوان كيف يُصبح سكيرا هل عليه الايغال بالسكر ،ام عليه ان يتقدم خطوه خطوه نحو المستنقع الكحولي . يذهب انطوان الى مكتبه المدينة التي كان معروفا بأنه الاول دائما في مسابقات القرأءة. يجمع كل المصادر والكتب التي تتحدث عن الخمور وأنواعها وافخرها.بعد ثلاث ايام من الاطلاع والقرأءة. قرر ان يبدا العمل فبحث عن قريب او صديق خمار فلم يجد .الا ان بالقرب من شقتة كانت هنالك خمارة ،يذهب اليها ليختار شخص يكون معلمه في شرب الخمر. فوجد شخص كان له ناصحا بأن الخمور لن تشفي جراحك وإنما ستزيدك بؤسا وشقاء، بسبب الادمان والحرمان الذي ستعاني منه. الا أن انطوان أصر على ان يتعلم شرب الخمر، لانه اراد ان يكون شبحا تائها سئم من الحرية والتفكير .فلم ينجح في معاقرة الخمور مما يضطره للدخول للمستشفى لمعاجلة اضرار الخمر. في المستشفى يتعرف على بنت كانت تحاول الانتحار لكنها فشلت فتعطيه رقم مركز يساعد الاخرين على الانتحار. يذهب للمركز الا انه يفشل ايضا في محاولة قتل نفسه .فيقرر البحث عن طريقة اخرى ينقذ نفسه من حالة الضياع الذي يعيش بها . لم يبقى له سوى ان يصبح غبيا . يذهب لصديق له طبيب يطلب منه ان يجري له عمليه ازاله الصدع الامامي للدماغ ،ليبقى بنص دماغ حيث لم يستطيع التحمل بسبب ذكاءه الحاد وعدم اندماجه بالمجتمع، اذ اصبح يحسد الجهله والحمقى على حياتهم. يرفض الطبيب القيام بذلك ويتهمة بالجنون . يعود الى شقته باحثا عن طريق للدخول لعالم الاغبياء، فيبدأ التغير من شقته المكان الاسلم لدماغه السائر نحو طريق الترهل. يقوم بجمع كل الكتب والروايات المجلات العلمية التي يمتلكها،يضعها بحقائق كبيره، مع العديد من الصور واللوحات لرسامين عالمين .ليرسها الى منزل صديقه .يطلع بعد ذلك على منازل الجيران ليكتشف كيف يعيش الحمقى والسذج حياتهم .فيضع مكان اللوحات العالمية، صورلفنانين ومطربين . كذلك القيام بتغير تصميم الشقة بما يتناسب مع حالة الذهنية الجديدة واضعاً تلفزيون كبير وسط الشقة، ليتابع مع جيرانه المباريات .بالاضافة الى تغيرنوع الطعام الذي يأكله من زراعي صحي الى غذاء ممتلئ بالدهون والبروتينات. ثم القيام بشراء الملابس والاحتياجات الاخرى ،حيث كان يرفض الشراء من الشركات الراسمالية التي تستغل العمال ومعروفة بالجشع .مع الوقت شعر انطوان بحجم خسارتة المالية وانه لم يعد يستطيع ان يدفع ايجار شقتة او حتى توفير وجبات طعام لنفسة .يبحث عن عمل لكنه لم يجده فيتذكر بان له صديق اصبح ثريا ،مدين له بسبب مواقفه الجيدة مع ايام الدراسة فيتصل به. ليحدد معه لقاء يحصل من خلاله على عمل جديد. انطوان يصبح متالقا بعمله الجديد، لتتدفق عليه الاموال من كل حدب وصوب. يدخل انطوان عالم الاثرياء المهتم بالماركات والالبسة الباهضة الثمن ، بعد ان كان عصاميا مناهضا لبذخ والاستغلال.ينتقل من منزل الى منزل ومن حفل الى حفل . تتكدس الاموال بالمصارف بملايين الدولارات بأسمة ، يصرفها بلاقيد او رقيب. حتى الثراء لم يستطع ان يمنع لعنة التفكير ان ترحل من ذهن انطوان .في يوم من الايام وهو عائد من عمله يجد صندوق أمام باب منزله، نزع الورق ثم الشريط اللاصق ظل ينظر للصندوق حيث كان يحتوي على كتاب جيب (رسائل فولبير) حيث كان من الكتب التي يعشقها ،حيث وجد نفسه في تحسس وخيبات فولبير وكيف تحمل عصره الممتلئ بالحمقى السعداء والاذكياء المعذبين. (كيف اصبحت غبيا ) رواية فلسفية ساخرة من تأليف الكاتب الفرنسي مارتن باج. هي أولى أعماله نُشرت في 2001. تطرح الرواية سؤال عميق جداً : ما مقدار ما تستطيع أن تدفعه من ضريبة جزاء حصولك على المعرفة؟هل المعرفة لعنة لحاملها ام نور يشق ظلام الحياة ؟ لم يكن الفقر ما عذب انطوان كذلك لم يكن الجوع ما مزق روحه ،بل كانت لعنة المعرفة التي اعتقد الكثيرون على انها نبالة الا انها كانت بالنسبة له لعنة والم .امام ضجيج هذا العالم المزدحم بالحمق والغباء والبؤس هل ستتحول حياتنا كحياة انطوان لون من الوان العذاب الابدي .أم نتخذ القرار الغبي وأن نكون مع القطيع .

ومضة :

“الذكاء عاهة، تماماً كما يعلم الأحياء بأنهم سيموتون، في حين لا يعلم الأمواتُ شيئاً. أعتقد أن كون المرء ذكياً أسوأ من أن يكون أحمقاً، لأن الشخص الأحمق لا يفهم، في حين أن الشخص الذكي وإن كان متواضعاً ووضيعاً مرغمٌ على ذلك” .

مارتن باج