18 ديسمبر، 2024 5:55 م

 كيفَ أعاهدُك وهذا فأسك؟

 كيفَ أعاهدُك وهذا فأسك؟

المعلومُ لدى الجميع أنّ لِكُلِّ شَعبٍ, عاداتٌ وتقاليد يحترمونها, رموز يقدرونها أو قد يقدسونها.
نَحنُ كأي شعب من الشعوب الشرقية, لنا الكثير من الرموز, دينية أو سياسية, خصوصا تلكم الرموز المضطهدة من الطغاةِ, على مَرِّ العصور. نَعتَبر من يمسها, إنسان ذو عقلية متعجرفة, فالرموزُ خَطٌ أحمر ليزري, يُحرقُ من يحاول التحرش بها عاجلا أو آجلا. وفي التأريخ أمثلة كثيرة يصعب إحصائها, ومن هذه الرموز, الأنبياء, الصالحون, الأتباع, الشهداء, العلماء, والمتصدين للطغاةِ والجبابرةِ, الذين عاصَروهُم على الخُصوص.
من المؤلمِ حقاً أن نرى شُخوصاً, يُنكرونَ ما كانوا يرجون له! على أنهم يؤمِنون بمبادئ هذا الرَمزِ أو ذاك, إلى أن يحصل ما كان يصبو إليه, فيتنكر لما هو معروفٌ عنه! بل قد يصل بعض الأحيان إلى عارٍ يلاحقهُ مدى الزمن.
من رموزنا الدينية, السياسية الوطنية, الاقتصادية, والعلمية ما استحق التخليد حقا, لا يختلفُ عليه الجميع, كونهم حملوا في حياتهم من الميزات الثَرَّةِ والعقولِ الجبارة, ما جعلهم يحضون باحترام المواطن الوفي.
إلا أن البعض من النكرات, الذين صعدوا على جماجم الشهداء, ومبادئ العلماء, لا يعجبهم إلا أن تكون لهم بصمة نكران الجميل, كونهم لا يملكون الصفات التي تؤهلهم لكي يتذكرهم أحد, بعد سقوطهم من كراسي الحكم, فليس لهم من العلم, ما يجعل الناس تشير إليه بالبنان, ولا فِكرٌ يستنير به الضالين بعدهم.
من الرموز من أطلق بعض الآباء أسماء أولادهم, وحكوماتٌ أسْمَتْ شوارع وقاعاتُ درس, كي لا يُنسون من قبل الأجيال المتعاقبة. أما عندنا في العراق فحكامنا يحاولون درس آثار الصالحين والعلماء, ليس جهلاً بهم, بل لإرضاء من هم, إما أولياء لنعمتهم حسب تصورهم, حيث نسوا الله فنسيهم, أو ليثبتوا للشعب أنهم قادرون على التغيير متى يشاءون, نعم إنهم عارٌ الخطوط النزيهة.
إن ما جَعلني أكتُبُ بهذه النَبرَة, هو ألمُ العَدِيدِ من أبناء بَلَدي, ولو كانَ الأمرُ شَخصياً لَهانَ ذلك, فما يضرُ الحاكمُ المُخلص, والفاهِم المُحتَرِم لمشاعِر المواطِن, أن يَكونَ اسمُ رَمزٍ من الرُموزِ على مَدْرسةٍ أو قاعةِ دَرس؟ طالما أنَّه يستَحقُّ ذلك.
لقد حَسَدَ أولاد يعقوب أخوهُم يوسف, حتى أنَّهُم لم يَسْتسِيغونَ ذِكْرَ أبيهم له, كونَهُم كانوا يعتَقِدون أن النُبوة للأقوى, لكن إرادة الله أقوى وأحكم.
حاولَ المجرمُ صدام أن يطمس ذكر العلماء, فقالوا عنه ما قالوا, وبعد سقوط الطاغية اللعين, قام البعض من الساسة, الذين لم يعرفَهُم أحَد لولا المرجعية الرشيده, بمحاولةِ رفع الصور, في شارع ما أو دائرة جُلَ منتسبيها ممن يحترمون تلكم الشخصية, بحجة مقتهم للطائفية! وتناسوا أن من يمقت الطائفية هم علماؤنا لا غير, ولولاهم لأصبحَ العراق, بحراً من دم, وسكت السادة التابعون شكلياً لشهداء العراق القادة الحقيقيون.
خرج علينا وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأديب برفع أسماء الأفذاذ ممن لا يختلف عليهم اثنين من شرفاء الشعب ومناضليه. قاعةٌ دراسية في جامعة! باسم السيد محمد باقر الصدر قدس الله نفسه الزكية وأخرى بِاسْمِ السيد شهيد المِحراب رضوان الله عليه, اِثنانِ من رجالات العراق يستحقان التخليد, لعلمهم ونضالهم وتصديهم للطغيان.
إنها والله كحكومة بني العباس حيث كان شعارها يا لثارات الحسين عليه السلام, فقاموا بعد سيطرتهم على الحكم بقتل كل ما يمت بصلة إلى حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله, فقد كان (الأديب) وغيره يناشدون الناس بالثأر للشهداء, وهاهُم يَتَنَكَّرونَ لَما رَفعوه من شعارات بحُجَّةِ الحفاظ على العمليةِ السياسية.
فما أشبهَ اليوم بالبارحة, وكأنهم لم يعيشوا إلا لكي يحكموا, وتناسوا مصير الدكتاتور. “لا خير في حسن  الجُسومِ وطولِها_ إن لم يزن حسن الجُسومِ عقولُ.
 
[email protected]