23 ديسمبر، 2024 4:22 م

كونوا معهم !

كونوا معهم !

في محل للكماليات ، طلبت المرأة الاربعينية من البائع مستحضرا يعيد اليها شباب عينيها المتغضنتين الى حد ما ..ولما طرح البائع خياراته امامها قالت له بصوت متهدج من الفرح : ” سنعود الى مدينتنا ” واردفت :” اريد ان ابدو اكثر شبابا ..اشعر ان الفترة الماضية منحتنا سنواتا اضافية وشيخوخة مبكرة “…لم يكن البائع متفرغا لها فقط ولم يهمه ان يسألها كيف ستعودون ومتى فليس من شأنه الحديث عن ذلك لكني شعرت من اختلاج صوتها انها تريد ان تخبر الجميع بأنهم عائدون الى الديار ….كانت تلك المراة من مدينة الرمادي ..سألتها ان كان منزلها سليما فقالت انه ككل البيوت الاخرى اذ طاله الدمار وغابت الخدمات عن منطقتهم لكنهم سيعودون ..يجب ان يعودوا !!

ربما لايؤيد بعض النازحين ماقالته المرأة فقد غابت لديهم الثقة بعودة آمنة ومستقرة فبعضهم يرى ان على رجال السياسة في تلك المناطق ان يسبقوهم اليها وان يعملوا بجد لاعادة اعمارها وانعاشها وحين يوقن الاهالي ان منازلهم خالية من التفخيخ ومناطقهم آمنة وليس هناك خلافات سياسية او عشائرية على من سيفوز بكعكة اعمار المدينة او ادارتها ربما يمكنهم وقتها استعادة بعض الثقة بمن كانوا سببا في ضياع مدينتهم والمدن الاخرى …اما سياسيو المدن المنكوبة فهناك من يشعر منهم بالاحراج والقلق لرغبتهم في استعادة ثقة الاهالي بهم في الوقت الذين يدركون جيدا ان الحكومة لن تلبي كافة مطالبهم لاعادة اعمار المدن وتنظيفها من العبوات وتوفير الخدمات بسبب الازمة المالية وسياسة التقشف وبالتالي فلن يحققوا مايريده النازحون وسيكون امام النازحين أحد خيارين ..اما العودة الى ديارهم المدمرة وتقبل الامر على علاته او تحمل انتظار قد يطول لحين تتوفر النية الصادقة والامكانيات المتاحة لدى الحكومة لتاهيل تلك المدن واعادة سكانها اليها …

وحين يمر بهم عيد دون طقوسهم المعهودة او يولد لديهم طفل في مسقط رأس آخر او يتزوج شاب بعيدا عن حلقات (الجوبي ) او يموت شيخ بعيدا عن دياره سيظل النازحون يتطلعون الى من سيتولى ملفهم باخلاص..الى من لايستغل ازمتهم لتحقيق مصالح شخصية او مطامح سياسية وسيكون عليهم ان يقولوا لشيوخهم ورجال الدين ورجال السياسة في مدنهم ..” كونوا معنا …لقد ساعدتم في بيعنا فاعيدوا الينا حياتنا “… اما تحرير بقية المدن والاقضية فسينتظر من الحكومة نوايا صادقة ايضا بخلق تعاون حقيقي بين الجيش والحشد العشائري مع حث التحالف الدولي على توفير اسناد كامل رغم اننا ندرك جميعا ان العدالة الغربية تقف دائما الى جانب الدول الضعيفة ….بشرط ان يكون لديها مايكفي من النفط !