يستذكر العراقيون الشيعة ذكرى شهادة الامام موسى الكاظم (عليه السلام) سابع أئمة أهل البيت (ع) وفقا للمذهب الجعفري وأحد أعلام المسلمين حيث يتوافد مئات الألاف من كل أنحاء العراق والعالمين العربي والاسلامي سنويا لزيارة ضريحه في مدينة الكاظمية البغدادية احياءا للمناسبة الأليمة ، حيث دفع الامام حياته ثمنا لاضطهاد المؤسسة العباسية الحاكمة للعلويين في سجن السندي بن شاهك وبأوامر مباشرة من الخليفة هارون الرشيد في 25 رجب عام 183 هجرية.
عراقيا تتخلل مراسيم الزيارة السنوية عادة خروقات أمنية (كان أشدها استشهاد مايزيد على 1000 زائر في كارثة جسر الأئمة عام 2005) حيث تستهدف المجاميع الارهابية جموع الزائرين بهجمات أنتحارية بواسطة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وهو ما تضطر معه الأجهزة الأمنية لاتخاذ اجراء روتيني متمثل بتقطيع أوصال العاصمة وقطع طرقها الرئيسية وهو ما يدفع الحكومة بدورها لمنح اجازة لكافة الدوائر والمؤسسات الرسمية بسبب عجز الموظفين والأساتذة والطلاب من الوصول اليها وهو مايتسبب بخسائر أقتصادية فادحة (لاتوجد دراسات دقيقة حولها) بسبب تلك الأجازات الاجبارية (بسبب المناسبات الدينية وغيرها) في ظل استمرار الحكومات المتعاقبة بتجاهل الأضرار الأقتصادية لقراراتها (بلغت خسائر الأقتصاد العراقي خلال عطلة القمة العربية عام 2012 على سبيل المثال 30 مليون دولار) بالاضافة الى عبئها الثقيل على القوات الأمنية في خضم قتالها للارهاب حيث بلغ عدد من تم تخصيصهم من عناصر الجيش والشرطة لتأمين الحماية مايزيد عن 75000 ألف عنصر وهو عدد يكفي اذا ماتم تدريبه وتجهيزه وتسليحه بشكل جيد لتحرير محافظة نينوى بأكملها من شرور داعش ناهيك عن أثار انسانية سلبية أخرى حيث يؤدي قطع الطرقات لعدم تمكن المرضى من
ذوي الحالات الخطرة والعاجلة من الوصول للمستشفيات والمراكز الصحية وهو ماقد يهدد حياتهم ويضر بصحتهم .
هذا الكم الهائل من السلبيات لايمكن أن يسأل عنه الزائر الراغب بتأدية شعائره الدينية فحسب بقدر ماتحاسب عليه الحكومات المتعاقبة والتي عجزت عن توفير الأمن لكل العراقيين لا الزوار فقط بسبب ضعف وفساد أجهزتها الأمنية وانتهاجها رغم ذلك للحلول الأمنية فقط لحل مشاكل البلاد المستعصية واهمالها للحلول السياسية مع الاقرار بأن توفير الحماية التامة لجموع بشرية هائلة تسير في الطرق العامة المفتوحة داخل وخارج المدن هو أمر شبه مستحيل من الناحية الأمنية على مستوى أقوى أجهزة الأمن والمخابرات وأكثرها خبرة ومهنية في كل دول العالم لا العراق بامكانياته الضعيفة والمتواضعة فقط .
ان الحكومة مطالبة بتقليص عدد الأجازات والعطل الرسمية والتي فاق عددها ماهو مألوف في كل الدول وهو مايضر بالاقتصاد الوطني المتهالك أصلا أولا (وصلت الأمور الى حد منح اجازة رسمية من حكومة السيد المالكي لتصريف مياه الأمطار الفائضة ! للتغطية على فساد أمانة بغداد) وحفظ حق المواطن الراغب باداء شعائره الدينية بأمان ويسر ثانيا وتأمين حق المواطن الأخر بالتنقل بحرية وممارسه حياته بشكل اعتيادي ثالثا على حدا سواء لا اجباره على التزام مسكنه للتغطية على ضعفها وبحجة ممارسة الآخر لطقوسه !!
ختاما لم أجد لدى مطالعتي لمختلف المصادر الشيعية سندا شرعيا لزيارة الامام موسى بن جعفر (ع) مشيا على الأقدام في ذكرى شهادته ولا أذكر أني قرأت عن وجود شيء من هذا القبيل بخصوص هذه الزيارة وغيرها باستثناء زيارة أربعينية الامام الحسين (ع) في كربلاء المتفق عليها .
كلامنا هذا ليس لأننا بعثيين ونواصب نسعى لمنع الزيارات لكراهيتنا لأهل البيت عليهم السلام وغيرها من الأكاذيب التي يرددها المستفيدين ماليا من هذه المراسيم والمتاجرين بها سياسيا بقدر ماهو حرص على هذا المذهب العظيم من أمور لم نسمع بها الا بعد عام 2003 ولا وجود لها الا في العراق عندما أختلط الحابل بالنابل !!! وهي دعوة في ذات الوقت لرجال الدين المخلصين للعمل بجدية من أجل الحفاظ على الدين وحماية المذهب وتنقيته من الشوائب الطارئة ووعظ المؤمنين وتنبيههم بأن الاقتداء بالأئمة الأطهار عليهم السلام انما يكون أساسا بالأفعال لا بمجرد الأقوال الممجدة لهم والسلوكيات المستحدثة مثل المشي على الأقدام والطبخ واللطم ، لأن رسالتهم أوسع من أن يتم اختزالها بهذه الشكليات والتي لا تمثل سوى قشور الدين قياسا بمبادئ العدل والحرية والحق التي أمنوا بها وضحوا بحياتهم وذويهم في سبيلها مع ضرورة التأكيد على أولوية الالتزام بتأدية فروض الدين الأساسية كالصلاة والصوم والزكاة واستحقاقاته الجوهرية مثل الصدق والاخلاص والابتعاد عن المحرمات مثل الزنا والخمر وأكل أموال الناس بالباطل وهي مايغفل عنها أغلب المسلمين اليوم وهذا الأمر تحديدا هو جوهر عملية الاصلاح الديني المطلوبة وبشدة والتي يجب أن لاتقتصر على مجرد نبذ الارهاب
وتحريمه لكي نكون تلاميذ نجباء لخير البشر لا مجرد أتباع على الهوية فقط ، فلا يقبل ولايعقل أن يقوم المسلم عموما بقطع الصلاة ، الأفطار عمدا وبدون عذر شرعي ، اهمال ايتاء الزكاة ، الكذب ، القتل ، السرقة ، الزنا وتناول المشروبات الكحولية ثم يذهب للزيارة أو للحج والعمرة وكأن شيئا لم يحصل !!! (يستثنى من هذا الكلام الملتزمين دينيا وأخلاقيا فعلا ومن كل المذاهب والفرق الاسلامية) ورحم الله الامام موسى الكاظم (ع) القائل ( ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم ، فأن عمل حسنا استزاد منه وأن عمل سيئا أستغفر الله منه وتاب اليه ) .