23 ديسمبر، 2024 3:56 ص

كونفدرالية بطعم التظاهر

كونفدرالية بطعم التظاهر

طالب السيد مسعود بارزاني بالكونفدرالية كالتفاف على مطالبة العراقيين بتغيير الدستور، وهي عملية تحايل ورفض لتغير الدستور وإحراج الطبقة السياسية المتواطئة معه أصلاً امام المتظاهرين . فهي مقايضة ومساومة مفضوحة.
قد لا يعرف البعض منا معنى الكونفدرالية ولماذا يطالب بها البارزاني .
الكونفدرالية هي اتحاد دول مع بعضها لاسباب اقتصادية او عسكرية ، على ان تحتفظ كل دولة في الاتحاد بسيادتها وعلاقاتها الخارجية وتمثيلها في المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والاتحاد الاوربي وغيرها .
والكونفدرالية إطار ليست له هوية وطنية او مدنية فارتباط الدول بالاتحاد الكونفدرالي محدود ولا يكاد يتجاوز التصويت على المعاهدات والاتفاقيات المنظمة.
فهو انفصال بطريقة اخرى ، اي ان اقليم كردستان لا يكون جزءاً من العراق باعتراف ومباركة عراقية .
ومعنى ذلك هو ان تقوم بغداد بالاعتراف بدولة السيد البارزاني بشكل رسمي وتمنحه حق الدولة بكامل امتيازاتها ، مقابل ان يوافق السيد مسعود على تغيير الدستور ، أي ما لم يحصل عليه بالاستفتاء سيحصل عليه بالحيلة والإيهام .
لقد فشلت كل التجارب الكونفدرالية في العالم كالتجربة الجرمانية والأمريكية والسويسرية ، لانها تجربة تمزق الشعوب وتلغي مفهوم الوطن والهوية والانتماء والشعب ، كما انها لا توفر اي قوة للاتحاد، ويكون عرضة للاختلافات والصراعات فهو نظام مشلول .
ومن مساوئ النظام الكونفدرالي هو توزيع السيادة وغياب القرار السياسي الواحد .
كما ان فشل النظام الكونفدرالي يؤدي الى أزمات سياسية كبيرة والعراق في غنىً عنها .
ولعل اسوء تجربة لتوزيع السيادة في الوقت الحاضر هي التجربة البلجيكية ، هذا البلد الذي تتنازعه قوميتان هي الفلامون الهولنديين والوالون الفرنسيين ، فقد نشبت بينها صرعات سياسية شلت البلد لفترات طويلة ، ففي العام 2007 بقي البلد بلا حكومة لمدة تسعة أشهر وفِي العام 2010 نشب صراع سياسي جعل البلد بلاحكومة لمدة سنة ونصف ، حتى تعالت الأصوات بالانفصال .
ان الكونفدرالية التي يطالب بها البارزاني هي فخ جديد يريد ان يوقع العراق فيه وهي بذات الوقت توفر له الفرصة بالبقاء بالسلطة وجعل الشمال العراقي مملكة خاصة به.
ان هذه المساومة والابتزاز الذي يقوم به البارزاني هو لتقويض الدولة العراقية والإجهاز على ما تبقى منها و خلق مشكلة مستدامة ، فهو لا تعنيه مطالب العراقيين ومعاناتهم ، كما ان هذه المعاناة والمطالبات لا تخص الاكراد باعتقاده ، بل هي مطالب العراقيين الشيعة لزعمائهم ، باعتباره دولة اخرى ، ان هذا النفس في التعامل مع قضايا الوطن لا يمت بصلة للهوية الواحدة ولا يخدم العراق كدولة ،ويجب ان يكون هناك موقف صلب وموحد من العراقيين تجاه هذا التعامل اللامسؤول من قبل البارزاني بالنسبة لقضايا البلد المصيرية ، فالعراق هو عراق الكرد والعرب والسنة والشيعة والتركمان والمسيح والايزيدين والشبك وكل المكونات ، فلا يمكن لاحد ما دام تحت هذا الإطار ان يتخلى عن مسؤوليته .
لقد انتفض المتظاهرون العراقيون على الفساد ولم يميزوا بين الفاسدين فهذا التظاهر ضد الفاسد الشيعي كما هو ضد الفاسد السني والفاسد الكردي ، فكلهم في الفساد سوى، ولا احد فوق الشبهات أو معفى من المسائلة.