18 ديسمبر، 2024 8:23 م

كوميتراجيديا سقوط نظامي صدام والأسد-1

كوميتراجيديا سقوط نظامي صدام والأسد-1

في 27 تشرين الثاني 2024 بدات فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا مباشرة من منطقة ادلب المحصورة شمال سوريا, حملة للسيطرة على مدينة حلب وتقدمت الى حماه حيث دار القتال الوحيد هناك ثم حمص ودمشق دون قتال!
مجاميع لاتزيد عن بضعة عشرات الألوف من الإرهابيين الاميين, عدد كبير منهم, او من الخط الأول من اسيا الوسطى! الذين يهددون روسيا وجمهوريات اسيا الوسطى, وبسبب ذلك دخل الروس لمساعدة سوريا!
تلك المجاميع الاجرامية المتخلفة, محدودة العدد, هي من تقرر الان مصير الشعب السوري, وتلك احد مفارقات التاريخ, كما قررت مجاميع فاسدة تجسسية من وكلاء المخابرات الأجنبية تتالف من بضعة الاف, مصير الشعب العراقي بعد عام 2003 بعد دعم المرجعية الرشيدة لهم!
وانتهت الحملة وبشكل غير متوقع الى دخول دمشق وسقوط النظام السوري وفرار الرئيس بشار الأسد يوم 8 كانون الأول 2024 الى روسيا, بعد 11 يوميا من الحملة!
حكم بشار الأسد من 17 تموز 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد حيث تم تغيير الدستور من اجله! الى يوم 8 كانون الأول 2024 أي حوالي 24 عاما!
حكم صدام العراق رسميا في 16 تموز 1978 وانتهى حكمه بعد الغزو الأمريكي في نهاية نيسان 2003, حيث تم احتلال كل العراق وليس فقط دخول بغداد في 9 نيسان كما تروج القوى الحاكمة الحالية!
أي حكم رسميا لمدة تقارب 24 عاما!
تعرض العراق لحصار قاسي بعد غزو الكويت في اب 1990 واستمر الى نيسان 2003 أي لمدة تقارب 13 عاما! وقد مهد ذلك الحصار الطريق للاسلام السياسي القادم!
بدات الثورة السورية بفعل الربيع العربي, المنتج أمريكيا وغربيا لاستبدال الأنظمة العلمانية التقدمية العربية بالانظمة الدينية الموالية لتركيا وايران وتقسيمها وتدميرها في 15 اذار 2011 واستمرت حتى سقوط النظام أي انها دامت لمدة 13 عاما!
كان على بشار ان يوافق على انتخابات نزيهة او يسلم السلطة لوجه مقبول شعبيا بدلا من خراب سوريا وسيطرة الإسلام السياسي المقيت عليها!
سلح النظام سوريا بمعدات عسكرية غالية وباهضة ومشاريع دمار شامل في اطار الصراع مع إسرائيل, ولكن الجنود جائعين والراتب قليل والفساد ينخر النظام وموسساته!
فكيف يتم رسم اهداف عظمى بإمكانات متواضعة! ثم ذهبت تلك المعدات للنار والهشيم!
كان تحقيق السلام مع إسرائيل مع إسحاق رابين في منتصف التسعينيات بعد تدمير العراق ممكنا بل ومشرف باستعادة كل الجولان! ولو حدث ذلك لتجنبت سوريا مصيرها المولم!
ولكن غباء البعث لاحد له مع غطرسته الفارغة وعدم قرائته للواقع!
كان البعث العراقي هو منتج للبعث السوري!
وجرت مباحثات لتحقيق الوحدة العراقية السورية في عام 1979 ولو قدر لها ان تتحقق لامكن تجنب المحن التي مرت على الشعبين ولتم انتاج دولة قوية خطيرة! رصينة!
ولكن المصالح العائلية والعشائرية والمناطقية منعت ذلك!
رفض صدام دعوات ترك السلطة والمغادرة, او اجراء انتخابات نزيهة او تسليم السلطة لرجل او مجموعة مقبولة دوليا لتجنب محن الاحتلال والتدمير, وفضل البقاء في العراق لقيادة مقاومة على انقاض العراق, ثم مالبث ان تم القبض عليه في 13 ديسمبر 2003 واعدم في 30 ديسمبر 2006 بتهمة بسيطة مقارنة بجرائمه الخطيرة ضد العراق والمنطقة وذلك من اجل اظهار حزب الدعوة كحزب عظيم له دور كبير في تاريخ العراق!
ولو فر خارج العراق لارعب ذلك نظام الفساد والإرهاب الحاكم!
ولم يتم جمع المعلومات الخطيرة المختزنة في دماغه! عن تاريخ حكمه والأطراف الأخرى!
فر بشار الأسد وترك قياداته الى روسيا مع عائلته!
تم تدمير قدرات العراق العلمية والعسكرية والاقتصادية المتبقية بعمليات نهب إيرانية وكردية للصناعة العسكرية والأسلحة والعتاد وتم تدمير وحرق منشئات كاملة!
قامت إسرائيل من يوم 9 كانون الأول 2024 بتدمير قدرات الجيش السوري والامن والمخابرات ليسرح ويمرح بها كل من هب ودب, الى الحد الذي تعتبر الان سوريا دولة منزوعة السلاح تماما! وسط صمت للحكام الجديد والعرب معا وتقدمت اسرائيل  الى الأراضي السورية ويقال ان مخططها القادم هو احتلال كلويدور عريض باتجاه الحدود العراقية للربط مع مناطق سيطرة قسد التي تحتل أراضي شاسعة بفعل الدعم الأمريكي واغلب تلك الأراضي يقطنها عرب!
لتكون للدولة الكردية الحليفة لاسرئيل, منفذ للبحر عبر إسرائيل!
تم تصفية علماء العراق والاكاديميين والطيارين وقادة الجيش والأطباء وكل نخب العراق بفعل عمل المخابرات الإيرانية والموساد ومخابرات برزاني.
يتم اجراء نفس العمل الان في سوريا!
بينما يتجول ارهابيو جبهة النصرة وغيرهم, في انحاء سوريا منتشين بانتصارهم! دون قلق من الطيران الإسرائيلي!
صمد نظام صدام لشهر امام الغزو الأمريكي البريطاني الاوكراني ولم تكن هناك أي قوة داخلية او خارجية عدا أمريكا قادرة على قهر النظام!
لم يصمد نظام بشار الأسد اكثر من 11 يوما بعد ان تم تدمير قدرات حزب الله والمليشيات الإيرانية وانشغال روسيا في الحرب الأوكرانية, وتدخل أوكرانيا في دعم المعارضة الإرهابية بالمسيرات والمعلومات الاستخبارية مع المخابرات التركية ولم يدافع الجيش السوري او ماتبقى منه عن النظام بسبب الجوع وقلة الرواتب والقمع والخسائر الكبيرة له طوال أعوام الحرب الاهلية!
بينما قاتل الحرس الجمهوري العراقي والحرس الخاص وفدائيو صدام بقوة للدفاع عن النظام واستخدمت أمريكا أسلحة محرمة دوليا في معركة المطار!
لم يعقد نظام صدام أي اتفاق مع روسيا او الصين يمس بسيادة البلاد او منح قواعد عسكرية كما عقدها نظام الأسد مع ايران وروسيا!
كان سقوط الأسد نتيجة مباشرة غير متوقعة لمغامرة ايران في 7 أكتوبر 2023 حيث تم تدمير قدرات حزب الله والمليشيات الإيرانية المدافعة عن نظام الأسد.
كان سقوط الأسد هو هزيمة مدوية لمحور المغاومة الإيراني المزعوم بعد ان تم استثمار مبالغ مهولة فيه لمدة طويلة من عام 1979 عام انتصار الثورة الإيرانية المدبر أمريكيا وفرنسيا وبريطانيا!
كان السقوط هو انتصار مدوعي للاخوان المزلمين ولتركيا وسيبداون مشروعا جديدا في دول عربية أخرى!
جاء أبو محمد الجولاني للسلطة وهو مدرج في قوائم الإرهاب وعلي راسه مبلغ 10 مليون دولار امريكي! ولكنه عاد الان كيوم ولدته امه بعفو امريكي مادام يحقق الأغراض الامريكية والإسرائيلية!
صرخ الاطاريون لدعم النظام السوري عند بدا المنازلة, وتناخوا ولكنهم لم يتخذوا أي خطوة للامام ماعدا رتل تم في اليوم الأول تدميره بطيران امريكي او إسرائيلي وبسبب اختباء قادة المليشيات الإيرانية خوفا من الانتقام الإسرائيلي بسبب دورهم في مهاجمة إسرائيل!
واعادوا رفع شعار ” لن تسبى زينب مرتين” ولكنهم تركوها تسبى! مرة ثانية! وهيهات منا الذلة ولكنه الان اذلاء يستجدون الدعم الأمريكي للبقاء بعد ان ضربوا المستشارين الامريكين واصدروا قرار اخراجهم بعد مقتل سليماني والمهندس في 3 يناير 2020!
يتحدث قادة الاطار الان دون خجل عن مسمى “المعارضة السورية ” التي قاتلوها وارتكبوا المجازر ضد الشعب السوري مع تغييرات ديمغرافية خطيرة في سورياو نهب منظم للشركات الإيرانية طالت عشرات المليارات من الدولارات حيث ستحل الان الشركات التركية!, وهم من وصفوها بالارهابية عند سيطرتها على حلب!
عوت ايران وقالت انها سترسل قوات إيرانية لدعم لبنان عندما بدا الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان ولم يحدث ذلك وبعد هجوم النصرة على حلب, صرح وزير الخارجية الإيراني عن ارسال قوات لسوريا ان طلب النظام ذلك!! وقد توسل النظام بكل العالم لدعمه!…ولم ترسل ايران أي شي لعلمها انه سيتم ثرمها إسرائيليا وامريكيا والان يتحدث سفير ايران في بغداد عن ارسال قوات للعراق!
وتحدث وزير الخارجية الإيراني عن المصير الغامض للاسد قبل سقوطه! في تخاذل مرير!
وبعد السقوط فتحت ايران محادثات مع النظام الجديد!
يتحدث قادة الاطار الان عن الوحدة الوطنية وترصين الجبهة الداخلية وقد كانوا يتحدثون قبل اشهر وايام عن ان المعركة هي معركة الحسين ويزيد!
ذهبت كل دروس حرب داعش ادراج الرياح ولم يقم النظام بدراسة الأخطاء والجرائم التي أدت لذلك ولم يعاقب أي فرد ولم يتم تعويض سلاح وعتاد وافراد الجيش ومكافحة الإرهاب وسلاح الجو بعد خسائره في معارك التحرير.
وعند بدء زحف جبهة النصرة , وبعد ان فر قادة الاطار خشية من إسرائيل عووا على الحكومة لارسال قوات الجيش لسوريا! لتكون كبشا فداء لإيران!
مازال الجيش نفسه هو نفسه, بعلاقاته وقياداته وتكتيكاته التي تعود للحرب العالمية الأولى والثانية! ويعج بالانكشاريين والدمج والجواسيس والفاسدين!
اجزم انه لم ولن يتم دراسة أسباب سقوط الموصل ولااسباب سقوط سوريا لموانع سياسية!
تحدثنا عن دور المسيرات والاستخبارات والاقمار الصناعية التي هزمت جيشا مدججا باخطر الأسلحة وان الحرب الحديثة تحتلف عن كل ماسبقها ولكنه ديوك وانكشارية العراق مازالوا غافلون!
امضوا سنتين من حكم الاطار بلا أي دعم للجيش من سلاح وعتاد جديد ولم يتم حتى تصليح الطائرات العاطلة ولا بناء قوات مدرعة جديدة او فرق مدرعة عدا الفرقة التاسعة التي تضررت في حرب داعش!
ولم يوافقوا على قانون خدمة العلم بل انهم تسللوا الى جهاز مكافحة إرهاب وخربوه!
اعلنوا ان سليماني والمهندس هم قادة النصر ضد داعش ومسحوا الدور الأمريكي في القصف العنيف مع الدور الفرنسي والألماني ودور قوات الجيش والمكافحة والشرطة الاتحادية التي حررت الموصل لوحدها!
والان هل يظنون ان تلك القوات التي سرقوا نصرها واذلوها وتعاني من الترهل وعدم وجود دماء شابة وينخرها الفساد والتخريب وضعف الدعم اللوجستي, ستدافع عن نظام بائس اجرب!
وبعد تحرير الموصل أدت المليشيات الإيرانية دور داعش في الفساد والإرهاب ولم تتعض من دروس التاريخ فهل تظن ان أحدا من مناطق العراق الغربية سيدافع عن النظام, او في مناطق الجنوب التي اشبعوها ذلا وجوعا وفسادا وارهابا وقتلا وقمع ثورة أكتوبر 2019 ماثلة امام الناس!
لم يشهد العراق فسادا ونهبا وتجبرا وإقرار قوانين قرقوشية مثل فترة حكم الاطار المباشرة بعد وصول شياع السوداني الذي تحول من الطلب برحيل قوات التحالف الدولية لعدم الحاجة لها قبل اشهر الى الطلب منها البقاء لدعم نظام الفساد والإرهاب القروسطي الفارسي الحاكم في العراق!
يجري الحديث الان عن انتخابات مبكرة وحل المليشيات الإيرانية وتمكين مقتدى الصدر, رافعة المشروع الإيراني عند الملمات وخط الصد امام العواصف العالمية لخداع العراقيين والعالم, وهو الرجل الأخطر من سلسلة توزيع الأدوار الإيرانية المخادعة!
وقد رحب الطائفيون العراقيون بالتحولات التاريخية في سوريا وسارع المعارضون (الشيعة ) لتاييد ذلك بلا تحفظ بل ان احمد الأبيض سماهم بالثوار السوريين ولم ينجلي غبار الموقف!
اما النظام العراقي فقد وصفهم الان بالمعارضين وعرض استثمارات عراقية في سوريا لرشوتهم من التدخل واسقاط نظام العهر والفساد الإيراني الحاكم في بغداد!
خلال أيام تغير الموقف من “ان سقوط دمشق هو سقوط لبغداد” الى مد يد الصداقة مع الاوباش الجدد!
فرح الشعب السوري وهلل للتغير, وهو محق في ذلك بينما يتم تدمير قدرات البلد الاستراتيجية ويتم القضاء على نخبه العلمية وبعدها الثقافية والاقتصادية والعسكرية! وسيتم القضاء على حرياته الشخصية واقلياته كما حصل بعد وصول الخميني للسلطة في ايران!
وتتقدم إسرائيل نحو الداخل السوري, حيث تم بعون الله وتركيا, استبدال طاغية بعثي علماني يومن بالحريات الشخصية للناس وتعزيز قدرات الدفاع والامن ولايومن بالمعارضة الى طاغية اخر جلاد إسلامي لايومن باي حرية شخصية او سياسية او فكرية للناس ويومن بتدمير قدرات البلد الستراتيجية, وستثبت الأيام ان سوريا قد تتحول الى اسوا من ليبيا واليمن!
وقال الامعة السوداني لاردوغان اثناء تقدم جبهة النصرة “ان العراق لن يقف مكتوف الايدي امام مايحصل!”
وبعد فرار الأسد صرح الناطق باسمه “ان العراق يمد غصن الزيتون للحكام الجدد!”
تلك البدالة السريعة لنظام الحكم العراقي لاتكشف فقط عن سفالة ووضاعة الحاكمين في بغداد ولكنها تكشف مدى ضعفهم وخورهم أيضا!
وأعاد النظام العراقي التأكيد على التحالف مع أمريكا لحماية العراق! ويقصدون ” نظام العهر والسفالة” من داعش! وربما قدم طلبا جديدا للإبقاء على قوات التحالف التي اشبعوها قصفا وسموها قوات الاحتلال من اجل استبدالها بقوات احتلال إيرانية تحتل طلائعها أراضي عراقية شاسعة!
ويتصل قادة الاطار الذيول سرا بالامريكان ويتذللون لهم من اجل بقائهم!
ويتحدثون عن الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة وتلك مفردات لم يمارسوها, ولاوجود لها في قاموسهم الإرهابي الإسلامي الذي هو الوجه الاخر لداعش والنصرة, فورا انقلاب الموقف الأمريكي والغربي من دعم المحور الشيعي ضد السني الى دعم المحور السني الاخواني ضد الشيعي في لعبة ممجوجة لاتنتهي بعد ان تورط المحور الإيراني في ضرب إسرائيل, وتلك غلطتهم التاريخية التي لن يناقشوها ابدا ودفعت للان سوريا ولبنان وغزة والضفة ثمن تلك الالاعيب الفارسية وسيدفع العراق واليمن وايران اثمانا أخرى أيضا!