18 ديسمبر، 2024 9:58 م

كورونا وحكومة علاوي

كورونا وحكومة علاوي

في فصل جديد ضمن المأساة التي تعيشها بلادنا بفضل العملية السياسية وصل فايروس كورونا القاتل الى حدودنا الشرقية ليصيب مدينة قم الإيرانية بالتزامن مع استعداد رئيس الوزراء المكلف محمد علاوي اعلان كابينته الوزارية خلال جلسة البرلمان التي دعا اليها يوم الاثنين المقبل، لتضاف أزمة جديدة ليوميات المواطن المغلوب على أمره لأسباب يمكن اختصارها بتخلف النظام الصحي وغياب الضمير لدى المتصدين لمواقع المسؤولية.

فالوباء القاتل الذي عجزت الصين بما تملكه من إمكانيات متطورة عن مواجهته وتحول بين ليلة وضحاها إلى سلاح فتاك يصعب السيطرة عليه، ترددت مؤسساتنا الحكومية “الرشيدة” في اتخاذ ابسط الإجراءات الوقائية حينما اختلفت وزارة النقل مع سلطة الطيران المدني في قضية إيقاف الرحلات الجوية مع الجارة إيران، لكون السلطة التي خرجت اخيراً من تبعيتها لوزارة النقل ترى ان القرار مرتبط بتوجيه حكومي يصدر من مجلس الوزراء “المستقيل” الذي نجهل حتى الان أسباب تأخيره باتخاذ هكذا خطوة تحفظ لبلاد السواد ما تبقى من هيبتها في حماية الساكنين على ارضها، في حين أصبحت الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة في المنافذ الحدودية مادة “دسمة” تثير الضحك لرواد مواقع التواصل الاجتماعي، رغم ان المؤسسة ذاتها ارسلت قبل أيام شحنة من الأدوية إلى الصين للمساهمة بمواجهة الخطر الذي يهدد البشرية، لكن الخبر “الصادم” والذي يؤكد علامات “الفشل” الذي تحول إلى صفة لأجهزتنا الصحية، يقول، بان الصين اعادت تلك الشحنة لكونها تثير “الشكوك” في منشأها وصلاحيتها للاستخدام، ليسجل اصحاب السيادة بعمليتنا السياسية، نكبة أخرى حتى في تطبيق الآية القرانية “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”.

لكن اكثر ما يدعو للاستغراب، المواقف التي استغلت الدعوات لاغلاق الحدود مع إيران “حفاظا” على سلامتنا، كقضية خلافية لتقدمها بانها استهداف للمشروع الإسلامي في طهران ويجب الوقف ضده وإحباطه باعتباره مخطط ضمن “المؤامرة الأمريكية”، ليخرج علينا النائب عن كتائب سيد الشهداء فالح الخزعلي ليبلغنا بان “فيروس كورونا في الصين وبعض دول الجوار فطالب الكثير بغلق الحدود العراقية لمنع انتقال وانتشار الوباء، ولكن الشر القاتل في داخل العراق لم يطالبوا بالخلاص منه وإخراجه من العراق، وهو امريكا راعية الموت والإرهاب”، ليختتم حديثه بتساؤل يقول، “ماهو السبب برأيكم؟”، فسيادة النائب بدلًا من القيام بواجبه كممثل لمن أوصله لكرسي البرلمان ومطالبة المؤسسات الحكومية ضمن دوره الرقابي باتخاذ خطوات تضمن حماية المواطنين وتمنع وصول الوباء لمحافظاتنا التي تفتقر لابسط شروط الحماية من الأمراض، اختار “العزف” على وتر المصالح وضرورة الحفاظ عليها مع الجارة إيران، حتى لو كلفنا ذلك هلاك “النسل والحرث”.

وخلال محاولتي ايجاد تعبير مناسب لازمة اجتماع “الوباء القاتل” إلى جانب الطبقة السياسية ضد “الفقراء” من عباد الله، قفزت امامي قصة حدثت للخليفة العباسي ابو جعفر المنصور، حينما صعد خطيبا في احد الأيام قائلا لمن حضر مجلسه، “ألا تحمدون الله إذ رفع عنكم الطاعون في ولايتنا، فرد عليه اعرابي كان من بين الحاضرين يدعى جعونة، الله أعدل من أن يجمعك علينا والطاعون”، نعم… ياسادة، فالوباء الذي نعانيه منذ سبعة عشر عاما، بسبب الفاسدين وسراق المال العام اكثر فتكا من جميع الفيروسات التي شهدتها ارجاء المعمورة، وقد يكون “فشل” السلطة بالاستعداد للوقاية من كورونا والاستمرار بقتل المحتجين في ساحات التظاهر بجميع الوسائل حتى وصلت لبنادق “الصجم” سببا للقضاء على هذا الوباء، الذي بدت عليه علامات الضعف، بسبب الخلافات على تقاسم المناصب في الحكومة التي يسعى المكلف محمد علاوي لتشكيلها، ليكون نصيب القوى السنية التي يقودها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الالتحاق بالجبهة الكردية الرافضة للتنازل عن مناصبها، بحجة انحياز علاوي للقوى الشيعية، والوقوف مع المتظاهرين، لكونهم ادركوا اخيرا بان رئيس الوزراء المكلف لم يكن ضمن خيارات ساحات الاحتجاج، لكنها “صحوة ضمير متاخرة” ولن تنفعكم للقفز من سفينة المحاصصة التي قد تغرق قريبا.

الخلاصة… ان مواجهة فيروس كورونا يتطلب وجود رجال دولة يعملون ليلًا مع نهار لإيجاد الحلول المناسبة لمنعه من اختراق حدودنا واتخاذ إجراءات وقائية تستنفر جميع المؤسسات بما لديها من إمكانيات، وليست على طريقة الدفاع عن مصالح الجيران واستخدام “الورقة الطائفية”، ولا نريدها مشابهة لخطوات الصين وبقية الدول التي تحترم مواطنيها لانها معجزة لن تتحقق، لكن ما يحصل سيكون فرصة لتحقيق مطالب المتظاهرين بالتغيير ويثبت للعالم بان من يتحكم بالقرارات لا يصلح لقيادة العملية السياسية… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… هل قفز علاوي من سفينة القوى السياسية قبل اصابتها بكورونا؟..