الذين قاطعوا الجلسة وغادروا قاعة البرلمان، والذين لم يصوتوا لصالح أحد، والذين صوتوا لإنتخابات هيئة الرئاسة، مارسوا حقوقهم الطبيعية والدستورية والقانونية. وجميع رؤساء الكتل البرلمانية أو الناطقين بأسمائها دافعوا عن مواقفهم، وعن كل الوقائع والحقائق على الأرض بشكل حضاري بعيد عن السجال والتشنج والتوتر.
ولكن مواقف سماسرة السياسة، المرتهنين للتخمينات والاستنتاجات البسيطة، والعاجزين عن قراءة المسألة بموضوعية وحيادية، وتحليلها بعيداً عن نطاق الصراعات السياسية والمنافع الحزبية، والذين لا يرون حجم التحديات ولا حجم مسؤولياتهم، ولا يقدرون مخاطر التموضع والإصطفاف مع الجهات المتنازعة مع كل ما هو كوردي وكوردستاني، والذين لا يدركون مخاطر التهديدات المستمرة المتتالية والضغوطات الإضافية من أطراف عدة، ومحاولات إغراق البلاد في صراعات عنيفة وشائكة ومعقدة يتم دفع ثمنها باهظا على كافة الأصعدة. تطابقت مع مواقف ومآرب ونوايا الذين يهددون الكوردستانيين ويحاولون إقلاقهم الى نهاية المطاف الذي يضمن مصالحهم، عبر فتح كل الأبواب أمام الفوضى وجميع الإحتمالات والتوقعات، وصب الزيت على النار. كما تم إلتقاطها وإستغلالها من قبل مرتزقة الإعلام الذين يريدون اشغال الرأي العام بقضايا وخلافات هامشية.
هؤلاء، ونتيجة للجهالة وعدم الدراية لم يستطعوا إسقاط الحمل الذي عاش في أحشائهم فوجدوا في الإختلاف بين الحزبين الرئيسيين في كوردستان، الديمقراطي والإتحاد الوطني الكوردستانيين، شهادة تبرئة لكل التصرفات والأقوال التي تدفع عنهم التهم، وباركوا سريعاً كل التصريحات والمقولات، التي أطلقت وتناقلتها الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، التي تضمنت النقد اللاذع والسخيف لمن يتهمونه، وحتى للبرلمان الذي إنتخبه الشعب. كما أيدوا اللغة التخوينية الفجة والأساليب الفضفاضة والفبركات التي كتبت بسماجة، والتبست عندهم المفاهيم والعادات والتقاليد والقيم وإختلط لديهم العام بالخاص، وروجوا للاتجاهات السلبية بحفاوة، وإستبسلوا في قذف التهم على الآخرين، والظهورعلى القنوات الفضائية وأمام المئات بل الآلاف من المرهقين والمساكين ليوجهوا اليهم خطابا ممزوجاً بالخداع والغش عن كركوك والمناطق الكوردستانية الأخرى. وإنتظروا موسم قطف الثمرة العفنة التي لا يأكلها العاقل، وتنفس الرائحة النتنة التي لا يقبلها الذوق، وتناسوا أو تجاهلوا النيران الملتهبة والمرتفعة في أطراف الإقليم الأربعة، وآثار الحرب مع داعش وتداعياتها وتأثيراتها، وتوقف الكثير من المشاريع الاستثمارية والعمرانية والخدمية، والحالة النفسية السائدة بين الناس بشكل عام، كما تناسوا خطورة توجيه البلاد والعباد نحو الفوضى والانزلاق نحو الضفة التي يستفيد منها الاعداء.
وبين هؤلاء وأولئك، البعض يقول إن بعض الإعلاميين ضحايا لتصريحات السياسيين وتهويلاتهم ووجهات نظرهم المتعددة وإداعاءاتهم من أجل تحقيق غايات شخصية. والبعض الآخر يقول إن بعض السياسيين ضحايا لأخبار تسوقها وسائل الإعلام غير المهنية لتضليلهم وتظليل الرأي العام.
ولكننا نقول: الحزبان سيتفقان غداً، أو بعد غد. وهؤلاء وأولئك ولأنهم الآن في غفوة ولا يخشون المحاسبة، إعطوا نماذج سيئة عن الشخصية السياسية والإعلامية الهزيلة، وكشفوا ضحالة أفكارهم، من خلال ترجل ما يشتهون من الكلام، ومقولات سوقية ومعلومات كاذبة تهدف الى الإثارة ولتكرار الظهور والكتابة. لذلك يستحقون أن تطلق عليهم ألقاباً يخجلون من حملها.