23 ديسمبر، 2024 1:57 ص

كوردستان والخيارات الخاطئة للنخب

كوردستان والخيارات الخاطئة للنخب

إن كان الحل الوحيد لجملة الملفات الساخنة في المنطقة، ومنها القضية الكوردية، يقوم على الاعتراف المتبادل في الحقوق فان الكورد في النظام الجديد بعد عام 2003 توفرت لهم نسبة كبيرة منها اهمها المشاركة في امتيازات ادارة الحكم واللغة وحتى الجغرافية ،ومن هنا كان يجب التنبه إلى مخاطر الإقدام على أية مغامرة جديدة لانها ستحرق اليابس والاخضر .لا سيما انهم يعيشون في جغرافيا لها وزن جيوسياسي كبير في العلاقات الدولية كلها، مما يعني أن التعاطي مع القضية الكردية من وجهة نظر حقوقية مجردة، هو ضرب من ضروب قصر النظر السياسي، لاسيما وان دول وشعوب المنطقة جميعها مبتلية بأزمات متعددة، في الواقع ان خطوة الاستفتاء اعتبرها البعض تأريخية وسوف تحقق لهم كل ما حلموا به في اقامة الدولة الكردية المستقلة، ولكنهم في الحقيقة لم يذهبوا الى اعمق من ذلك ودراسة التجارب المماثلة التي تُشير الى توقع فشل التجربة فشلاً ذريعاً وستصبح كوردستان بعد ان عاشت سنين بناء وتقدم وازدهار في ظل العهد الجديد تبقى تجاهد في المحافظة على هذا القرار بصعوبة كبيرة و سيدفع ثمنها الشعب الكوردي بالدرجة الاولى، ونتوقع في بروز قيادات في العمق الكوردي جديدة تسعى الى التخلص من عُقد الصراع مع المركز وصولاً الى حلول واقعية لعموم القضية.

أنه من حق الشعب الكوردي مثله مثل شعوب الأرض قاطبة، نيل حقوقه القومية، لا سيما في حال تطبيق سياسات إنكار الوجود والاقصاء والتهميش بحقه . عكس ما نشاهده في العراق الاتحادي فقد لعبت الاحزاب الكوردية في العراق دورا كبيرا في اسقاط الدكتاتورية، الأمر الذي اكسبها موقعاً بارزاً بعد سقوط النظام. وبذلت جهوداً لتثبيت حقوقها في حكم نفسها بالطرق و الأساليب المناسبة للتطورات التي تشهدها دول المنطقة، حتى صارت منطقة اقليم كوردستان الفدرالي اكثر مناطق العراق استقراراً و ازدهاراً،

و لكن ظهور مشكلة الزعامات التي يرى المحللون انهم سبب لأنواع المشكلات و المطبّات و بالتالي الى تواصل عدم الاستقرار و النزاعات و عملت بشكل محموم على ترسيخ الخلافات و الفتن و تعميقها، متناسين إن وحدة البيت الكوردستاني في العراق سيكون اساساً هاماً لبناء اتحاد او فدرالية قوية .

واعتقد ان الكثير من القيادات فهمت اللعبة الاخيرة بشكل غير واضح واخطأت في حسابتها تحت راية الحقوق المشروعة للشعوب، و اِجراءَ الاستفتاءِ في كوردستان كانت له آثارٌ وتداعياتٌ خطيرةٌ بين الحكومةِ الاتحادية وحكومةِ منطقة كوردستان.. رغم المواقف والمطالبات الكثيرة من دول العالم بعدم الاجراء والعواقب التي برزت بعدها ، بما فيها تلك الدول التي يرتبط معها الإقليم بعلاقات وثيقة، وكان لها دور في وصول الإقليم الى ما وصل إليه .وكان على الحكومة الاتحادية اجراء الحق القانوني وتطبيق الدستور للمحافظة على وحدة الوطن. و جميع قضايا الخلافات يمكن حلها على طاولة الحوار ضمن الاطر الدستورية ، والتفاهم، منعاً لإشعال بؤر توترات جديدة، بعيداً عن سياسات إنكار الوجود، وبعيداً عن الاستعانة بأية قوة دولية لا تريد خيراً لأي طرف من اطراف النزاع لانها متى ما وقعت سوف تطال كل “إنسان” بغضّ النظر عن دينه أو عرقه أو قوميته، ودم الإنسان مُقدس وحقه مقدساً أيضاُ، فالمس بحق من حقوقه سيدفع العالم وكل إنسان حر الوقوف الى جانبه ونصرة قضيته أو الدفاع عنه في حال حدوث ضرر .ولا توجد في الحقيقة قضية كوردية بعد الان انما هناك شعب يعيش على بقعة من الارض وله حقوق وواجبات واخلاصه يكمن بمجرد العودة الى “تطبيق الدستور” وخاصة المادة الأولى منه التي تصف النظام في العراق ب”الإتحادي”، والذي شهد العالم انعطافاً حاداً اتجاه حياته التي تغيرت بشكل كامل، منذ سنوات، ولا يمكن تبرير موقف من جهة واحدة من بين احزابه ، بسبب ضعف الاملاءات السياسية عند بعض الساسة ، و تراجع دورها القيادي بسبب الاحداث الاخيرة واهمها الاستفتاء الغير مبرر في الوقت الحالي وتهديم كل البنى التي تشكلت في ظل استقرارها طوال السنوات الماضية فإنها لم تعد تستطيع التشدق بهذه المظلومية بعد الان ولن تستطيع أن تفعل شيئاً، غير العودة الى الحوار البناء لاصلاح الخطأ الكبير الذي وقعت فيه القيادات العشائرية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني والتي لن تكون في صالح القضية الكوردية في الوقت الحالي مهما كانت الذرائع والحجج، لاسيما وأن التوتر الاقليمي، والتوتر الداخلي في العراق، يترك هامشاً واسعاً لقوى الفوضى الخلاقة، والكيان الصهيوني تحديداً، وهذا ما يفسر حمية دولة الكيان الصهيوني في التعاطف مع القضية الكردية مؤخراً، و محاولة دفع الجميع إلى مآزق جديدة . وكم من الشعوب كانت ضحية الخيارات السياسية الخاطئة لنخبها؟