قبل عدة أيام وجهت اللجنة التحقيقية النيابية المشكلة للنظر والتحقيق في سقوط الموصل المخزي أكثر من خزي سقوط بغداد والعراق برمته في نيسان 2003م، مجموعة من الأسئلة إلى رئاسة إقليم كوردستان حول هزيمة فرق الجيش العراقي في كل من الموصل وتكريت والانبار وكركوك وديالى، وهي أكثر من أربع فرق بكامل أسلحتها واعتدتها التي تجاوزت عشرات مليارات الدولارات من احدث الأسلحة الأمريكية، هذه الفرق التي كان يقودها جنرالات بأمرة القائد العام للقوات المسلحة العراقية نوري المالكي ومكتبه، أسئلة اقل ما يقال عنها إنها جاءت معبرة عن تركيبة غريبة من الأمراض وعقد النقص التي يعاني منها أولئك الذين صاغوا الأسئلة بطريقة سطحية وسمجة، حيث حاولت ببلاهتها واستغفالها للرأي العام إغفال الأسباب والمسببين الحقيقيين لكارثة الموصل وصلاح الدين والانبار وفيما بعد مركز الرمادي التي سقطت بذات الأسلوب والطريقة!
لقد اتضحت وفضحت عارات سقوط الموصل وشقيقاتها من المدن المستباحة في غرب البلاد، لا من قبل عصابات داعش الإرهابية بل من أولئك الذين تسلقوا سلم الديمقراطية ليؤسسوا دكتاتورية جديدة أعمدتها آلام وعظام آلاف البشر من أبناء العراق سنة وشيعة، كوردا وعربا، مسيحيين وايزيديين وصابئة مندائيين، الذين حاولوا إقصائهم تحت يافطة الأغلبية البرلمانية، في بلاد يئن غالبية سكانها تحت وطأة الفقر والعوز والفاقة وتعددية الولاءات وفقدان مفهوم المواطنة واستخدام مفاتيح الغرائز بأبشع صورها من خلال استغلال انعدام الوعي والسطحية التي أورثها نظام البعث لخلفائه اليوم، فقدموا الموصل وتكريت والرمادي وديالى وعشرات البلدات والقرى قربانا لأهدافهم التي ارتكزت على مبدأين مهمين؛ الأول استباحة داعش لهذه المدن لتؤدب السنة المزعجين لحكمهم، ومن ثم ثانيا لتكون خنجر خاصرة لكوردستان التي فضحت تخلفهم وأظهرت عوراتهم في الفساد والفشل في إدارة الدولة، ولإيقاف نموها وتطورها، خاصة وأنهم فشلوا في إقناع الآخرين من شركائهم الأقربين والأبعدين بولايتهم الثالثة، فذهبوا إلى خيار إسقاط الموصل وتسهيله بل وتعجيله، لكي يكون احد أهم أسباب فشل أي حكومة لاحقة بعدهم؟
أسئلة عبرت عن الكم الهائل من الكذب والادعاء والفشل، وإسقاط ما في دواخلهم على الآخرين لتمرير وتمويه الأسباب الحقيقية والمسببين الحقيقيين في تلك المسرحية المأساوية المشبعة بالحقد وروح الانتقام، أسئلة ردت على أعقابها لأنها فعلا لا علاقة لكوردستان بهذا الخزين من الكراهية والادعاء والتخلف، فكوردستان هي التي تسأل باستحقاق دماء آلاف الشهداء والجرحى وأروع صور البطولة والصمود والانتصار، كوردستان التي قاتل أبنائها وبناتها دون أن يسلموا اطلاقة واحدة للعدو حتى وان كانت أرواحهم فداء لذلك، كوردستان ورموزها في التضحية والصمود والانتصار في كركوك ومخمور وكوباني وتل الأبيض وسنجار وزمار وجلولاء والسعدية واسكي موصل والسد، وكل المدن والقرى التي تم تحريرها ورسم حدودها الطاهرة بدماء البيشمركة، ولأجل كل ذلك..