23 ديسمبر، 2024 6:21 ص

كوردستان التعایش السلمي في عید نوروز القومي

كوردستان التعایش السلمي في عید نوروز القومي

من المعلوم بأن الوقائع لایمکن معرفتها تجریبیاً إلا بطریقتین: إما مباشرة إذا لوحظت وهي تحدث، أو بطریقة غیر مباشرة بدراسة الآؤثار التي ترکتها. لکن عندما نری آلیة تعامل شعب كوردستان مع ذاکرته و تراثه و خصوصیته کفسحة للتعبير عن هویته وإثبات وجوده القومي بصدق، أو کرأسمال یحتاج الی الصرف والإستثمار، أو كأفق یساعد علی شق طریق وإفتتاح خط جدید، نزداد إیماناً بقدرة هذا الشعب الحيّ علی تجاوز و مواجهة التحدیات والصعاب و هو یقدّس شعاع الأمل في إنجلاء الظلم و بزوغ فجر الحریة.
نوروز هو الیوم الجدید لدی الشعب الكوردستاني، یحمل في أعماقه إنقلاب طبیعي في الطقس، إذ یعلن نهاية فصل الشتاء وبداية الدخول الى فصل الربيع، لذا یمكن أعتباره دلیل علی تجدد الحیاة و إستمراها.
نوروز هو شأن من شؤون الكورد و جانب مهم في تاریخ ثقافته المتوارثة وسمة من أبرز سمات تراثه العریق وقلما نجد حضارة تواصل فیها عنصر من عناصر تراثها كما تواصل نوروز في تاریخ الكورد علی طول ما مرت من حقب موغلة في القدم، فهو جزء من الحیاة الداخلیة لکل فرد كوردستاني، ینفجر من صمیمه ویعبر به عن إشکالات حیاته و معاناته المتجسدة في الظلم والإضطهاد.
أما إقلیم كوردستان، الذي یحتفل الیوم عید نوروز، فقد أصبح بفضل قیادته الحکیمة نموذج یحتذی به في المنطقة، خاصة عندما یتم الحدیث عن التعایش المشترك و حسن الجوار الإنساني.
القائد مسعود بارزاني الذي تنبأ بنتائج أعمال شعبه وإنتصارات مقاتلیه علی داعش، أعداء الإنسانیة من الإرهابیین، بذر بمناسبة عید نوروز مرة أخری في الشعب الكوردستاني بذور ثقافة النظر إلى الواقع كما هو بالفعل، کما بذر فیە بذور ثقافة العمل على تحسين الواقع الكوردستاني من خلال الوقوف دوماً في صف الوطن وهو الذي أكد مرة أخری وبمناسبة عید نوروز علی مبدأ التسامح الإنساني والأخلاقي، لیشكل حجر الأساس لمبادئ الديمقراطية الدستورية المستقبلية وحفّز الحوار الثقافي المتحضر بين الطوائف والقوميات والاديان المختلفة وعزّز بسیاسته الحکیمة فلسفة التعایش السلمي کصناعة مفهومية في كوردستان، هذه الثقافة هي التي أخرج الإقلیم ولحسن الحظ من الأزمة التي مرّ بها في فترة حملات داعش الإرهابیة و ما بعدها من حملات شوفینیة و جعل هذا الشعب یتواصل و یسعی الی إبتکار أفکار جدیدة في العمل، یعتمد علیها کي یتحقق التنمیة المنشودة و كي لا تتوقف عجلة التطور الذي یشهده الإقلیم الیوم.
نحن نعرف بأن الديمقراطية عملية وصيرورة تراكمية، تنمو مع الزمن و عبر النضال الدٶوب للمجتمعات وأن النهضة والتنوير تعتبران من الضروریات لخلق الفضاءات الديمقراطية، التي هي مطلب إنساني تحتاج بنية تحتية كخطوة أولی لتسد وتشبع الإحتياجات الأساسية لأفراد المجتمع.
إقلیم كوردستان هو جزء من قريتنا الكونية الصغيرة التي نعیش فیها، فهناك ترابط وتشابك بين مصالح المجتمعات الإقتصادية والثقافية لافكاك بینها، وهذا بدوره يساعد في تنامي وتطور الوعي السياسي والإجتماعي للوقوف ضد کل نظام لایحترم التعددية وحق الاختلاف والتداول السلمي للسلطة وحقوق الإنسان وحرية التعبير والتفكير والتطلع الی حياة أفضل.
نوروز هو سنّة من سُنن الحیاة، یعني بالنسبة للكورد النضال المستمر من أجل التخلص من الإضطهاد و القيم التقليدية الموروثة، التي تبقی دوماً حجر عثرة أمام التطور والتغيير.
إن الإنتماء للوطن هو من أهم القيم الواجب غرسها من قبل المٶسسات التربوية في نفوس الناشئة والضروري تنمیتها لدی كل فرد كوردستاني.
فالهویة الكوردستانیة التي تبلورت و تحولت بسببها اللغة والثقافة الكوردستانية الی لغة وثقافة حية وهنا یجب أن نذکر، بأن الفضل عائد الی السياسة الحكيمة للقيادة الكوردستانية المعتصمة بقيم الديمقراطية والمٶمنة بالتعایش السلمي بین المکونات و الأدیان.
وختاماً، لنصنع واقعنا الكوردستاني و نحضر في زمننا بشكل فعال و مزدهر، كي نحسن الإفادة من ماضینا و تاریخنا و نحسن إستقبال الآتي من الزمان.