18 ديسمبر، 2024 7:15 م

كورال التغيير والجمود البيروقراطي

كورال التغيير والجمود البيروقراطي

علم الاجتماع ، توجه أكاديمي تطور في أوائل القرن التاسع الميلادي، يعنى بدراسة خصائص المجتمع والعلاقات بين الأفراد والمكونات. أوغست كونت « بنظر الغرب « هو من أرسى قواعد هذا العلم، لكن العرب يعتبرون أن ابن خلدون هو المؤسس الفعلي لعلم الاجتماع.
ويعتبر الدكتور علي الوردي بدراساته المستفيضة وأبحاثه العميقة ” ابو علم الاجتماع في العراق” وهو من قال بغلبة ظاهرة التناقض في السلوك العام للفرد العراقي. وهو ما أشيع بالوسط الشعبي بصفة (ابو وجهين) أي وجه ظاهري وآخر باطني، بمعنى ان مايبديه فلانا لابد ان يكون مناقض قطعا لما يجيش في نفسه من شعور معاكس، وربما يصّاعد هذا الانعكاس الى التضاد بل والعداوة. وهكذا أحيلت كلمته المعهودة « بيني وبينك گول» الى اعلان عام واشهار. كتبت عن هذا في قصيدتي « واقع حال»
يرى في ما أقول
مايحتمل معنيين
مع ، وضد
من صديق، و ندّ
لي صديق « أيام الشباب « دائم القراءة والمطالعة وضعت بين يديه كتاب د. علي الوردي « لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث» كتبت له في غلاف الصفحة الأخيرة، ما من مجتمع إلا وفيه ظاهرة، و إن غلبت صفة التناقض على العراقيين، فأنا أرى ( ولا أقرر أو أُنظِّر ) وكما يرى غيري من أبناء جلدتي- ان الطيبة أغلبُ ….. ومن طيبتهم أن :
منافق واحد
يشق جمعا حاشد
فيحيل مْعِينكم الى راكد
وأنيسكم الى حاقد
يعرف انه « ناقص « وعلى الناس زائد
النفاق « مو ْذبّة أو طبع» إنما مَرَض يوجب الاستئصال، المنافق يتسلق لنفسه « بتفليش غيره»، لا يتمنى لك خيرا، وينال من نجاحك، او استقرارك، ويشككك بالآخرين ويشككهم بك او بقدراتك او توجهاتك، يظن انه ( صاعد) منزلة، وهو في حقيقته ( نازل) درجات ومنازل، ويكفي تعريفه وعنوانه في أعين الآخرين، وأنا من ضحاياه أيام الاستلاب والدكتاتورية ، منافق أودى بي عاما ونيّف بسجون الاضطهاد، بسبب تحليلي لشخصية الدكتاتور الجاثم على صدر العراق وقتذاك، ورتب كلمات متناثرة مثل « صبحة … وزير السخافة…. ثقافة الاستبداد» ونسجها بتقرير.
قلت للمحقق بعد ان واجهني بتهمة « التهجم»: لا أدري كيف تأتمن من خان نفسه ؟
والعمل البيروقراطي المكتبي يفرز غالبا نماذج مريضة من هكذا نوع، در حولك وابحث ستصطاد واحدا حتما يحوم حولك، فترى هذه الغدد السرطانية تنثر عفنها وعطنها، تغتاب وتنم وتنتقص وتشكك وتتزلف ( من عيوبها البارزة عفونة الفم والأنفاس الكريهة.
ما أكثر هؤلاء المرضى ليحاولوا ان يركبوا موجة الإصلاح ويزجون بأصواتهم النشاز في كورال التغيير ، فافرزوهم واعزولهم واطردوهم.