درس مهم لمن يريد أن يتعلم أبجدية المقاومة، والحرية، والسيادة تنقله لنا وكالات الأخبار من مدينة عين العرب ( كوباني ) في سوريا، ففي هذه المدينة الكوردية الصغيرة على حدود تركيا لم ينحني أبنائها طائعين لموجات الهمج الداعشي، ويسلموا مفاتيح مدينتهم، وأعراضهم كما فعل البعض من جيرانهم في مدن كانت أكبر مساحة، وأعظم تحصيناً، وأغنى تأريحاً.
في كوباني كان للبطولة عنوان إسمه ( الصمود والمقاومة ).
في كوباني كما في (آمرلي ) في العراق لم يكن المواطن ليحتاج أكثر من الإحساس بوهيته وعقيدته التي ينتمي إليها ليقف، ويتحررمن عقدة الخوف، ويقاوم، ويحقق الإنتصار.
كوباني بشهدائها، وأحرارها النبلاء، وآمرلي، وأبطالها برجالها، ونسائها، وشيوخها، واطفالها رسما علامة فارقة في جبين هذا العالم، الذي لم يكن متحضراً ولا إنسانياً.
خلال أيامها الصعبة وهي تقاتل داعش لم يمد أحداً يده لكوباني بالمساعدة، أو العون بل أن الكثيرين كانوا يستعجلون سقوطها، بدءاً من الرئيس التركي (أردوغان) الذي صرح لبعض أهلها النازحين للأراضي التركية حين بشرهم بقرب سقوط مدينتهم كوباني، وليس إنتهاءاً ب(أوباما) حين صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، أن ليس مهماً بالنسبة لقوات التحالف الدولي أن تسقط كوباني فأهداف التحالف أكبر من الدفاع عن كوباني.
وحدهم أبطال كوباني صنعوا انتصارهم ومعجزتهم بعيداً عن كواليس السياسة ودهاليزها.
في كوباني كما في آمرلي كان الصراع واضحاً، ولم يكن يحتاج لمنظرين، ومحللين استراتيجين كان صراعاً بين الحرية، والعبودية بين قوى الظلام، وقوى النور، بين الأحرار والهمجية، همجية العصرالجديد.
العصر الذي بشرت به أمريكا، عصر الشرق الأوسط الكبير، والجديد، عصر ثورات الربيع العربي البائسة، عصر فيدراليات بايدن، العنصرية، والطائفية، والأثنية، عصر نهاية التاريخ التي بشر بها – فوكوياما-
في كوباني نسف المقاومون كل التنظيرات، والحذلقات الإعلامية، ونبوءات السقوط لتكون انتصاراتهم بشرى جديدة، لعالم جديد ليس فيه مكان للجبناء، والمتخاذلين، والذين يقفون بالطوابير، على أبواب أوباما، وكاميرون، وهولاند، وأردوغان.
يستجدون الكرامة، والسيادة، في بلدانهم التي دنستها أقدام داعش، وسكاكينها، وكل حقاراتها.
تحية لأبطال كوباني، وفرسانها، رجالها، وشبابها، وفتياتها، ونسائها، وأطفالها، تحية لكل من يريد أن يتعلم دروس في البطولة، والحرية.