18 ديسمبر، 2024 9:00 م

كوبانى ..في مائة يوم اسقطت اكذوبة استمرت لمائة عام

كوبانى ..في مائة يوم اسقطت اكذوبة استمرت لمائة عام

الهجمة الارهابية العنيفة على كردستان ، رافقتها سقوط عديد من المدن والقصبات الكردية . لكن اصرار مدينة كوبانى في غرب البلاد على الصمود ورفض الاستسلام ، والمقاومة البطولية الشرسة لمقاتلي المدينة ومقاتلاتها وبذلهم التضحيات الجسام ، جعل من انتصار كوبانى ودحر اعداء الكرد وقبر احلامهم المريضة وشهوتهم العارمة في النيل من عزيمتها ، ذات طعم خاص . ولا مبالغة ان قلنا ان انصار الحرية ومحبي الانسانية في مشارق الارض ومغاربها ، اصبح يغترفهم الشوق لسماع اخبار اسطورة كوبانى . وجرى ويجرى الحديث عنها والاشادة بها من قبل اغلب رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية . وربما كل اؤلئك الذين لم يكونوا قد سمعوا بعد بنضال الكرد على طريق حريتهم ، او لم يكن هذا النضال المتواصل منذ قرون قد اطرق اذانهم ، اصبحوا اليوم على دراية ومعرفة بالكرد وحقوقهم ورغبتهم في انتزاع حريتهم ، واستحالة مصادرة ارادتهم او كسر شوكتهم والاساءة الى مبادئهم بفضل الصورة الابداعية التي نقلتها كوبانى عنهم ، الى كل زاوية في هذا العالم الرحب ، والى كل من يقدس الحرية والحياة ويعيش على هذا الكوكب.

كانت هذه رسالة ذات مغزى ، وجهتما كوبانى وافهمت داعش من خلالها ،ان الشعوب الحرة لا تستسيغ العبودية ولا ترضخ لمشيئة غيرها ، وان العنف والدمار وسفك الدماء ، ليس بوسعها تحقيق اي من اهداف مشروع غير مشروع ، مشروع يناقض الحياة ويبطل الحق .

من ناحية اخرى ، وخلال حرب ضروس مع الارهابيين لما يزيد عن المائة يوم ، بعثت مدينة كوبانى ( ستالينغراد كردستان ) رسالة الى الاطراف المتعاقدة في معاهدة ( سايكس بيكو) افهمتها ، ان ما يقارب مائة عام مرّت على انجازهم بتقسيم كردستان بين دول المنطقة ، دون ان تتحقق رغبتها بتقسيم وتجزئة الكرد وفرض الامر الواقع عليهم . افهمت كوبانى ، كل من يهمه الامر ، ان الكرد شعب واحد وامة واحدة وبلادهم

تخصهم وحدهم ولا تقبل التقسيم والحدود الدولية داخلها ، وان ما كان يقال لعقود طوال بان الكرد ، عرب او ترك او فرس ، ليس اكثر من اكذوبة . وان ما يقال الان من امكانية هدوء منطقة الشرق الاوسط دون ان يشعر الكرد بالحرية والامان ، ودون ان تتحقق لهم حقوقهم وطموحهم كشعب اصيل من شعوب المنطقة ، اكذوبة اخرى . وان الكرد ليسوا امة واحدة انما لهجات وقبائل واحزاب ويسار ويمين ، اكذوبة اخرى تشهد عليها ، جبهة الحرب في كوبانى .

لقد شهد كل من لا يرغب تغافل الحقائق ، ان كوبانى ، ومع بداية تعرضها لاعتداء داعش ومحاولتهم اختراقها وسحقها ، جذبت نحوها المقاتلون الكرد من كل حدب وصوب في كردستان بشمالها وشرقها ، وجنوبها وغربها ، لم تصدهم عنها الحدود ولا خرائط الجغرافيا المزورة ولا الحكومات العتيدة وجيوشها الجبارة ، قصد الكرد كوبانى بكل حماس يدفعهم اللهفة للذود عنها والاستشهاد على درب حريتها . ان الاعراس التي اقامها الكرد بمشاعر فيّاضة وهم يستقبلون البيشمركة على طول الطريق من زاخو الى كوبانى ، لنجدة اخواتهم واخوانهم هناك ، برهنت ان مائة عام من الفراق المتعسف فشلت في خرق فكر الكرد ووعيهم واحاسيسهم بانهم انما يشكلون شعبا موحدا ويواجهون مصيرا مشتركا .

تسابق الشباب والشيب ، الفتيان والفتيات ، من آمد (دياربكر) ووان ،وباتمان، ودهوك ،وكركوك ،والسليمانية، وسنة ،ومهاباد، وورمى، وعفرين، وقامشلو ، للوصول مبكرا الى المدينة المحاصرة ، وحملوا اسلحتهم وعتادهم وخبزهم ، ورددّ الجميع شعارا واحدا وهو : لا يليق بكوبانى الاّ النصر . ونحن ايضا لا يليق بنا الاّ الاعتزاز بكوبانى ليس لبسالة فتياتها وفتيانها وحسب ، انما لانها بددّت الشكوك حول وحدة شعب كردستان واستحقاقاته من الحرية والحياة .