18 ديسمبر، 2024 7:41 م

كواليـس … آراء بعض مثقفي التيار الصدري

كواليـس … آراء بعض مثقفي التيار الصدري

رغبة في احترام وقت القارئ … سنلج الموضوع بدون مقدمة ..

أولاً // الخلل التشـريعي

يعتقد البعض (من مثقفي الصدريين) إن التشكيلة الفسيفسائية لقائمة (سائرون) التي تبناها التيار الصدري ، والتي تضم إسلاميين وعلمانيين وغيرهم ، أقول ، رغم أن الكثير يعتقد إنها القائمة المثالية الوطنية العابرة للمحاصصة الطائفية ، وهي تمثل البداية نحو (حكومة التكنوقراط) ، مما جعلها سبباً لاستدعاء أصوات الناخبين وإثارة شهيتهم في المراهنة عليها ، بيد أن البعض من (مثقفي) التيار الصدري ، ومعهم بعض المثقفين من خارج التيار ، يرون بأن استيراد كفاءات من خارج التيار لقائمة (سائرون) فيه إشارتان خطيرتان :

– فالاشارة الأولى تدل على عدم وجود عدد كافٍ من الصدريين يمكن أن يملأوا القائمة بأسماء أكاديمية وطنية ومعتبرة

– وفي الثانية ، يرى هذا البعض أن استيراد أشخاص من خارج التيار ، يدل على أن التيار الصدري لا يمتلك مشروعاً (محدداً) وليس لديه رؤية مستقبلية للعراق ، وليس بوسعه أن يؤمِّن عدداً كافياً من مرشحيه (الصدريين) للاضطلاع بهذا الدور .

إن هذا الفهم لدى هذا البعض قد أدى إلى عزوف بعض الصدريين عن التصويت في الانتخابات ، معززين بفكرة أن (البرلمان) العراقي هو مجلس (تشريعي) ، وأهم وظائفه هو سن القوانين والتشريعات التي يفترض أنها مطابقة لرؤية ومشروع التيار الصدري في العراق ، وإن وجود (غير الصدريين) في البرلمان على حساب (المنهج الصدري) سيضع الصدريين أمام عقبتين مهمتين ، وهما :

– اختلاف أعضاء قائمة (سائرون) داخل البرلمان من ناحية الرؤى والاستراتيجيات ، ما يؤدي إلى انفراط عقد اللؤلؤ الصدري تحت قبة البرلمان من جهة .

– ومن جهة أخرى فإن التيار الصدري سيراهن على (جواد) غير مجرب في مضمار السياسة .

ثانياً // خلل القراءة

يرى بعض المثقفين الصدريين ، ومعهم الكثير من المراقبين السياسيين ، بأن دعوة السيد مقتدى الصدر أتباعه للاحتفال (بالنصر) لحصولهم – ابتداءً – على (54) مقعد برلماني ، هي دعوة (استباقية) لا معنى لها في ظل معطيات ثلاثة لها جذورها وفروعها في الماضي البعيد والقريب والحاضر والمستقبل ، وكما يتضح أدناه :-

– يرى البعض إن مفوضية الانتخابات ما زالت تعمل بنفس (قانون الانتخابات) الذي طالب الصدريون بإلغاءه أو تغييره في مرحلة ليست بالبعيدة ، وهذا بطبيعة الحال يثير التساؤل لدى المتلقي ، إذ كيف استطاع الصدريون أن يعولوا على قانون كانوا بالأمس القريب من أشد الداعين لتغييره وعدم الركون إليه .

– لاحظ البعض إن احتفالات الصدريين بـ (النصر الانتخابي) جاء (قبل) اعلان نتائج فرز الأصوات الانتخابية (خارج العراق) ، وهذا دليل على عدم إحاطة الصدريين بما يجري خلف الكواليس ، وعدم معرفتهم بحجم الوفود والشخوص الذين تم توظيفهم في الخارج لدفع الأصوات نحو مرشحي (المنطقة الخضـراء) ، بوسائل شتى .

– يرى البعض أن الصدريين قد تسرعوا باحتفالهم دون أن يترقبوا نتائج (التحالفات) التي ستأخذ دورها المهم والخطير داخل قبة البرلمان في تشكيل الحكومة المستقبلية ، والتي يمكن أن تطيح بالصدريين وحلفائهم مهما كان عدد مقاعدهم ، إذ يمكن تشكيل كتلة برلمانية (دون مشاركة سائرون) تكون هي الكتلة الأكبر ، والتي ستمتلك الحق الدستوري في تشكيل الحكومة .

ثالثاً // الذهاب إلى المعارضة

تكمن رؤية بعض المثقفين الصدريين بأن على التيار الصدري أن (يضحي) بهذه الدورة البرلمانية ، ويحضر للدورة المقبلة لعام 2022، داعين إلى ضرورة ذهاب كتلة (سائرون) ومن يتحالف معها إلى (المعارضة البرلمانية) ، والابتعاد عن تداعيات وتهافتات الاخفاقات (التنفيذية) ، منطلقين من الأسس التالية :-

1/ يرى بعض المثقفين الصدريين ، إن حجم الفساد والانهيار الحاصل في المنظومة القيمية والوطنية داخل المؤسسة السياسية سيكون عائقاً أمام أي تشكيل وزاري (على مدى السنين الأربع المقبلة) من أن يمارس دوره في إعادة تأهيل وبناء (البنية التحتية) ، وإن عزوف التيار الصدري عن الاضطلاع بالمهام التنفيذية سيجعله محصناً من انتقادات الشارع العراقي ، ويجعله بمعزل عن تهم الفساد والسرقات ، مما يضيف له مصداقية (أولية) لدى المواطن العراقي ، ويبعده عن شوائب المناصب التنفيذية التي تخضع تارة للدليل ، وتارة للأمزجة الشخصية الفردية عند أفراد المجتمع .

2/ مثقفو التيار الصدري من دعاة المعارضة ، يرون بأن ذهاب التيار الصدري للمعارضة البرلمانية سيمنحه القدرة على (استدعاء) ومحاسبة المفسدين في المؤسسات الحكومية ، وهذه الصفة ستزيد من رصيد التيار الصدري داخل المجتمع ، حتى وإن كانت هذه الاستدعاءات محض إدعاء ومناورات شكلية ، ولكنها ستكتسب (الدرجة القطعية) في الوعي الجمعي لدى أفراد المجتمع ، وستكون مكتنزة لحين استنفارها في الانتخابات المقبلة .

3/ يرى البعض أن ذهاب التيار الصدري للمعارضة البرلمانية سيكون ضمانة لكبح جماح بعض الكتل السياسية التي تستخدم أو تستبطن (الميكافيللية) من خلال السعي نحو الحصول على دور في لجنة (النزاهة) البرلمانية ، لغرض رسم خطة مستقبلية (تمويلية) لكتلها أو أحزابها أو (جيوبها الشخصية) ، حيث تقوم بتقسيم (ملفات الفساد) إلى (ثلاثة أقسام) :

– فقسم تستخدمه كـ (دعاية انتخابية) لكسب ود البسطاء من أبناء الشعب ، وهو (الأهم والأخطر)

– وقسم (ثاني) تستخدمه (للضغط) على بقية الكتل لضمان تصويتها أو موافقتها لتمرير القرارات

– والقسم (الثالث) تستخدمه في عمليات (الابتزاز) بشكل لا يمت للوطنية والانسانية والأخلاق بصلة ، متوقعة بأن عمليات الابتزاز ستخفى على الشعب ، لأن الشعب ستتوجه أنظاره بشكل (واعي أو لا واعي) إلى ملفات الفساد التي تعالجها هذه الكتلة ، واستدعاتها للتحقيق ومسائلة المفسدين في جلسات البرلمان ، وسيعتبرها الكتلة الأكثر وطنية وحرصاً على الشعب ومصالحه ، وربما يصبح أفراد المجتمع من أشد المدافعين عن هذه الكتلة الفاسدة والمفسدة ، وسيعتبر أن أي اتهام يوجه إليها فهو اتهام سياسي الغاية منه هو كبح جماح هذه الكتلة والانتقام منها .

وللموضوع بقية .