كبيرة هي إنتصارات الفلوجة، والأكبر تحدي المراهنات والمعرقلات والمزايدات، ومعظم العراقيون ساهم في صنع النصر، وهذا لا ينفي من وجود من كان لا يتمنى الإنتصارات لحسابات سياسية، ومع إنطلاق عملية تحرير الموصل؛ فالمتوقع هجمة أشرس ومبررات إضافية.
مثلما وقف الجميع لتحقيق نصر الفلوجة؛ ليتوقعوا الإنتكاسات وتبعات الدفاع عن التضحيات، وتقارب حُساد الفاتحين مع الأعداء.
شهد العراق كثير من حملات ايقاف إرادة شعب، وقبل إنطلاق عملية تحرير الفلوجة تتذكرون ما أُشيع عن جوع أهلها والمطالبات الإنسانية، وتصاعد الأصوات الخارجية والداخلية؛ الى الوقوف بوجه الزحف لتطهير الأرض، وزادت الضراوة مع ساعات إنطلاق العملية العسكرية؛ شهدت إنقسامات برلمانية، وإقتحام الخضراء، وتعطيل عمل البرلمان، وهاجس كبير عاشه الشارع في ترقب ما تُضمر من مفاجئات.
يُخطي من يعتقد أن المعركة لا علاقة لها بالأحداث، وثمة علاقة طردية بين إقتراب القضاء على الإرهاب وتصاعد الأحداث في الساحة العراقية؛ ولا يمكن فصل أي واقعة من النزاعات العشائرية في البصرة، وإنتهاء بتفجيرات الكرادة والسيد محمد، ومرافقة هذه الأحداث لتطورات سياسية سلبية، وتصعيد إعلامي؛ أصبحنا نسمع أصوات كواليس مسرحية كُبرى، وتُحد سكاكينها على رقابنا، وصوت إنفجاراتها، وروائح شواء الأجساد والخيانة، ونلحظ أن شعب يساق لها كوقود طبقة سياسية.
لا يحق لأحد أن يطلب بجائزة النصر، وهو لم يتحرك ولو بكلمة لدعم المعركة، وكما لا يحق لأحد من المسؤولين إعفاء نفسه وإلقاء اللوم على الآخرين؛ في حين أن له مشاركة فاعلة في السلطة التنفيذية والتشريعية، كما لا يحق أيضاً إتخاذ غضب المواطنين كذرائع لوضع الحواجز والموانع؛ لقطاف النصر النهائي في الموصل وتطهير ما تبقى من أرض العراق، ومن ثم الإلتفات الى ملفات لا تقل أهمية من محاربة فساد وإصلاح دولة، وتنمية قدرات شباب وإنصاف محرومين.
إن الإصلاح بمثابة فساد أن لم يقودنا الى ما هو أفضل، وكل خطوة فيه مصيرها الفشل أن لم تك بتخطيط إستراتيجي يقدر مصلحة العامة على الخاصة، وبعيداً عن الإنفعالات والميولات وكيل الإتهامات؛ لتبرءة ساحة على حساب ساحات، وأن تقدر من أين نقطة البداية والأولوية، وبذلك تكون عبثاً بلا بوصلة؛ بين فساد يقوده داعش، وداعش يقود بعض ساسة الى الفساد، وساسة فاسدون لحسابات ضيقة، ومَن يتخد الإصلاح مطية للوصول الى غايات تعرقل المعركة وتنفع داعش.
أعداء النصر كثيرون وأساليبهم مختلفة، والنتيجة خروقات أمنية وتشتيت جهد القوات المسلحة؛ لإشغالها عن تحقيق هدف اصبح في مرمى النظر.
المواجهة القادمة نتوقعها أشرس، وإستكمال لسلب فرحتنا بالنصر، ونعم انتصرنا بالفلوجة، ولكن نكبة الكرادة والسيد محمد أجّلت فرحتنا الى تطهير الموصل، التي من المؤمل مواجهة حملة عرقلات واسعة في جانب عسكري وسياسي، فالأول يهدف الى تعطيل المعركة وكسب وقت ربما يعتقد أن إطالتها وإستنزاف العراق؛ سيجعله يرضخ للتنازلات، والثانية لمنع إنعاقد البرلمان لفرض مواقف بالقوة، ولكن المعركة مستمرة والنصر قادم فيها، وعرقلة عمل البرلمان هذه المرة؛ ستكشف أن دعاتها يؤسسون الى دكتاتوريات بشعار الإصلاح، وبذا يتفقون مع داعش بطريقة وآخرى على سلب النصر، وإيقاف المعركة.