المالكي من زعيم قاعدته “الدعوة” الى حاكم باسم العشيرة
الحلقة الأولى
برَز نوري المالكي كأحد الصقور في حزب الدعوة الإسلامية، بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، من خلال مهمته، نائبا لرئيس هيئة اجتثاث البعث، أحمد الجلبي، متبنّيا خطابا ثوريا يستهدف الشخصيات المرتبطة بالبعث والمتعاطفة مع أزلام النظام البائد، الأمر الذي عزّز من حضوره في المشهد السياسي، كشخصية مؤثرة قريبة من الجماهير والطبقة الشعبية في الجنوب والوسط العراقي. وكتحصيل حاصل لهذا الحضور، انتُخب رئيسا للوزراء بديلا عن إبراهيم الجعفري، حيث يمكن تقسيم حقبة رئاسته للوزراء الى عدة محطات:
المحطة الأولى:
مهمّة رئاسة الوزراء، ودور الجعفري الذي لعب دورا أساسيا في إقناع الأمريكان، وباقي الأطراف بشخصية المالكي، للأسباب التالية:
-عدم رغبة ابراهيم الجعفري في تولي علي الأديب، رئاسة الوزراء، بسبب التنافس القديم بين الرجلين، حينما كانا قيادييّن في حزب الدعوة.
– قناعة الجعفري، بان المالكي سيعتمد عليه في إدارة الحكومة.
-قناعة فريق ابراهيم الجعفري بان صعود المالكي سيكون مؤقتا لحين عبور الأزمة مع الأكراد وعودة الجعفري رئيسا للوزراء.
-دفاع المالكي الشديد عن استحقاق الجعفري لرئاسة الوزراء، وعدم التنازل عن حقه.
ولأجل ذلك استمر حضور “فريق الجعفري” في إدارة الحكومة في الأشهر الأولى، حتى ان مدير مكتب الجعفري، عبد العزيز التميمي، بقي مديرا لمكتب المالكي، وكان فالح الفياض أساسيا في فريق المالكي.
وبعد مرور عدة أشهر توترت العلاقة بين المالكي والجعفري بسبب تدخلات فريق الجعفري. وزاد على ذلك أزمة التنافس على الأمانة العامة لحزب الدعوة بينهما، الأمر الذي ساهم في خروج الجعفري من حزب الدعوة، وهيمنة المالكي على الحزب واعتلاءه موقع الأمين العام للحزب.
المحطة الثانية:
انتَخَب المالكي مجموعة من أعضاء حزب الدعوة “فريقا” له، خلال الأيام الأولى لتصديه لمهمة رئاسة الوزراء، بالإضافة الى بعض أعضاء فريق الجعفري، ورست قناعة المالكي على عدة شخصيات أساسية، وهم: الدكتور طارق نجم، مديرا لمكتب المالكي، صادق الركابي مستشارا سياسيا، ياسين مجيد مستشارا إعلاميا، الشيخ عبد الحليم الزهيري، مستشارا في ملفات خاصة.
واشترط المالكي على فريقه “عدم إشراك” أي شخص من عائلته في شؤون المكتب، معتقدا بان إقحام ابنه (أحمد) وباقي أقرباءه في الادارة الحكومية، سيشوّه سمعته بين الجماهير. وبالفعل، لم يمارس أقرباء المالكي في سنيّ ولايته الأولى، أية أدوار مهمة.
لقد سعى فريق المالكي الى أن يكون حلقة الوصل مع الأطراف المؤثرة في المشهد السياسي وتخفيف التوترات الحاصلة بين المالكي وباقي الأطراف، ذلك ان المالكي بسبب شخصيته الانفعالية وتركيبته العشائرية، كان سريع الغضب، الأمر الذي خلق أزمات في الساحة السياسية، حيث لعب الفريق دورا محوريا في تجاوزها.
المحطة الثالثة
لقد تصاعد النفوذ العائلي في الإدارة الحكومية، وأحاط أقرباء المالكي به، بسبب الميول العشائرية التي توجّهه، واتضح هذا التأثير في الصور التالية:
-تعيين ابنه احمد مسؤولا لقسم العجلات في رئاسة الوزراء.
-تعيين ابن أخت المالكي ياسر صخيل، سكرتيرا له بعد زواجه من ابنة المالكي، وكان عذره في إتاحة صعود صخيل، بان من غير المناسب، أن يكون زوج ابنة رئيس الوزراء، شرطيا، وفردا في الحماية.
-تعيين اغلب أبناء عمومته وأولاد أخواته في حماياته….
ولكن بعد صولة الفرسان ونجاح خطة فرض القانون في بغداد، واستقرار الأمن، وبعد الفوز الكبير لدولة القانون في انتخابات مجالس المحافظات في العام 2009، شعر المالكي بضرورة تعزيز دور العائلة داخل مكتب رئاسة الوزراء فبدأ بتأسيس “المكتب الخاص لرئيس الوزراء” والذي يختص بشؤون رئيس الوزراء “الخاصة”، ما خلق حالة من التضارب بين مكتب رئيس الوزراء (العام) بإدارة دكتور طارق نجم، وباقي مستشاري المالكي في المكتب الخاص.
المحطة الرابعة:
وهي التي شهدت انفصال المالكي عن حزب الدعوة الإسلامية. فقد لاحظ المالكي ان بقاء فريقه ومدير مكتبه سيكون عائقا كبيرا أمام تحقيق طموحاته، ولذلك سعى الى إبعاد مستشاريه الى البرلمان فضغط عليهم وأقنعهم بضرورة المشاركة في الانتخابات البرلمانية.
وفي العام 2010، اصبح صادق الركابي، وياسين مجيد، أعضاءً في البرلمان، ما ساهم في تحجيم دور الدكتور طارق نجم، الأمر الذي خلق أزمة داخل فريق المالكي، إذ أدرك أعضاء الفريق، ان المالكي يريد إبعادهم عن حلقته الضيقة، لكي يوسّع من صلاحيات المكتب الخاص، وتعزيز نفوذ ابن المالكي (أحمد) وصهريه (ابو رحاب وياسر صخيل ).
هذا التشابك المتعمّد في المهام والصلاحيات، دفع بالدكتور طارق نجم، الى الاستقالة من إدارة المكتب والرجوع الى لندن، ليتبع ذلك أبعاد باقي المستشارين، وكانت النتيجة، أن مكتب المالكي، بات دائرة عائلة وعشائرية يتحكّم فيها أفراد الأسرة، والعشيرة.
منطقة المرفقات انقر هنا من أجل الرد أو الرد على الكل أو إعادة التوجيه