22 نوفمبر، 2024 12:26 م
Search
Close this search box.

كهنة دار الالهة

يصب غالبية العراقيين جام غضبهم على مجلس النواب الحالي ويعتبرونه السبب في خراب وتدمير البنية التحتية للبلاد ،ورغم ان وجهة نظر هؤلاء فيها جزء من الحقيقية، لكن لو تمعنا في المشهد السياسي لوجدناه فيه خلط كبير، أي ان الكثيرين لايفرقون بين حدود السلطتين التشريعية والتنفيذية،ودائما مانجد الاتهامات توجه لمجلس النواب الذي يعد السلطة التشريعية وليست تنفيذية ،لان الاخيرة من مهمام الحكومة،وفي الواقع ما يتم في دهاليز هذا “المجلس النيابي” من صفقات قد لايساوي شيئا امام صفقات السلطة التنفيذية التي بيدها كل شيء ،لكن هناك عدم اهتمام بذلك حيث الاضواء موجهة لمجلس النواب حصرا خاصة الاعلام الذي يركز على مايجري في قبته يوميا، ويعود ذلك الى “الشفافية” التي يتعامل بها المجلس مع وسائل الاعلام، في حين نرى ان السلطة التنفيذية تتعامل مع وسائل الاعلام بشدة وحسم ولاتعطيها الفرصة لكشف “المستور”،وقد ادى ذلك الى ضبابية في المشهد وعدم القدرة على التمييز بين الصالح والطالح،بسبب ضياع حقوق الشعب بين”حانة ومانة”وافرزت هذه الحالة خروج افواج الجماهير الى الشارع لتحتج على الواقع السيء الذي تعيشه وسط غياب الهدف الذي خرجت من اجله ،حيث لم يتم توجيه اللوم على أي احد من قادة”السلطتين”انما الطابع العام للتظاهرات هو الاحتجاج ضد المفسدين وتردي الطاقة الكهربائية والخدمات،ونتسائل من هم المفسدون حيث لم تعلن الجماهير عن اسماءهم او تلمح بذلك،وهذا سيؤدي في نهاية المطاف الى عملية تسويف لهذه التظاهرات الغاضبة جراء فقدان الرؤيا لتوجهاتها،والمثير للدهشة ان المفسدين في الحكومة البرلمان الذين لانعرفهم لغاية الان هم مجرد “اشباح”،بينما الاحزاب التي تدعمهم تقف الى جانب المتظاهرين،وتطالب بالقصاص منهم وقد اعتبر بعض الضالعين في الشان العراقي ان مهزلة المهازل ان” يتم قتل القتيل والمشي في جنازته”وهذا ماينطيق على المشهد الحالي،على الجماهير الواعية ان لاتقع في فخ الاحزاب والكتل السياسية لان الفاسدين ركبوا الموجة وهم انفسهم يدعون الاصلاح ومحاربة الفساد،وهذا ماجعلهم في وضع امن كونهم وقفوا الى صف الجماهير، ولو تأملنا مايدور من حولنا لوجدنا ان الجميع ابدى تعاطفه مع التظاهرات،لم يقف احد بوجهها،لان من يقف ضدها يعلم جيدا ستكون نهايته محتومة، لهذا فضل الجميع السير مع التيار لحين طي هذه

الصفحة من ثورة الغضب، وقد حقق بعض السياسين والنواب من السلطتين التشريعية والتنفيذية براعة في كسب ود الجماهير من خلال الكلمات المعسولة والتصريحات الرنانة والخطب المؤثرة،لانغالي اذا ما قلنا ان بعض هؤلاء شياطين بهيئة ملائكة يعملون في دار الالة التي يحتمون بها من أي غضب ونقصد بها دار “البرلمان والحكومة” التي يعد عناصرها معصمون ويحظون بالحصانة من أي مسائلة قانونية او شعبية،اما التظاهرات فهي الباب الوحيد للفقراء والبسطاء من العراقيين يبحثون من خلالها على امن واستقرار وخدمات لااكثر فهل ينجزون المهمة ام انهم يستسلمون في النهاية الى كهنة”دار الالهة”؟ .

[email protected]

أحدث المقالات