11 أبريل، 2024 8:16 م
Search
Close this search box.

كهنة المشارف

Facebook
Twitter
LinkedIn

طغى رحبعام بن سليمان بن داود، فائقا ظلم أبيه وجده، على قومهم.. بني إسرائيل، الذين نظموا وفدا يستعطفه: “أبوك أثقل نيرنا؛ فخفف أنت”.. إستمهلهم ثلاثة أيام، ثم رد: “أبي أثقل نيركم وأنا أزيد، وأدبكم بالسياط، وأنا أؤدبكم بالعقارب”
ثاروا عليه، مسقطين ملكه، الذي إستعاده، بعد عهد بالعدل، نكثه، متخذا من قطاع الطرق “كهنة مشارف” سلم أمر البلاد لهم.
ورد ذكر “كهنة المشارف” في الفصول 7 – 13 من “سفر الملوك الثالث” في “التوراة” معرفا بهم: “وعاد ليقيم كهنة من سوقة المجتمع وشذاذ الآفاق؛ أسماهم “كهنة مشارف” تنكيلا بالشعب، فكل من شاء أن يكرس يده.. وسيط رشوى، جعله كاهنا؛ وكان ذلك سببا للرب بإستئصال شأفته من على وجه الأرض”.
راحوا يستلبون الشعب رشاوى بالقوة، يقدمونها قرابين للمعابد الآثمة، في حضرة ملك جائر؛ فالمشارف، هي العشوائيات بالتعبير المصري المعاصر والحواسم بتعبيرنا العراقي والتجاوز على أملاك الدولة بالمصطلح الرسمي في دوائر الطابو، أما حينها.. إبان حكم رحبعام، بحسب “التوراة” فهم سكان الخيام الواقعة على مشارف “السامرة” عاصمة بني إسرائيل، في فلسطين، لا يجيدون صنعة نافعة، إنما يعتاشون من البغاء وقراءة الطالع والسرقة والغش والتسليب، وخلال الدولة الأموية تخصصوا بصناعة السيوف المشرفية، في ريف دمشق.
تخيل عندما يصبح هؤلاء كهنة يديرون سياسة البلد، من معابد يأتمر الملك بفتاواها؛ أي بلاء يجرونه على الشعب الذي سلمه لهم حفيد داود، من دون ما حول ولاقوة؛ تنكيلا بثورتهم عليه، حتى خاطبه الرب في التوراة: “زاد عملك سوءا على من كان قبلك” في إشارة واضحة لأبيه سليمان وجده! 
رباط السالفة، هو أن التاريخ محوري، يعيد تكرار أحداثه، حيثما توفرت الظروف الملائمة لكل حال على حدة.. سلبا أو إيجابا، وهذا ما فعله بنا الطاغية المقبور صدام حسين، طيلة ثلاثة عشر عاما فاصلة بين هزيمته في الكويت وسقوطه يوم الأربعاء 9 نيسان 2003؛ إذ نكل بالشعب، مكرسا العقوبات الدولية –  الحصار عليه؛ جزاء إنتفاضة العراقيين ضده، في آذار 1991.
لكن لم يسعفه خياله المتشبع بألاعيب الديكتاتورية، أن يصدر مراسيم جمهورية بشذاذ الآفاق “أئمة جوامع” و”خطباء” و”مجتهدون” إنما أمريكا، هي التي جمعتهم من “مشارف” الغرب، ورسمتهم “كهنة” على السلطة في العراق، بعد 2003، لا يخجلون من سرقة المال العام ولا يخشون القانون او يتقون الله، مطلقين شهوة المال التي لن ترتوي؛ حتى حق بهم تحوير الآية التوراتية: “لقد فقتم صدام ظلما للعراقيين”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب