كانت التبريرت السابقة قبل أكثر من خمسة عاما عاما عن تدهور أحوال الكهرباء في العراق أن الامريكان لم يكن يسمحوا بتطوير قطاع الكهرباء، وهم يريدون إبقاء العراق مشتت القوى وشعبه يعاني الأمرين من ويلات تدخلهم في كل صغيرة وكبيرة ومنها الكهرباء، حيث أن الأمريكان ودول الجوار مجتمعة ، لايريدون للعراق خيرا في يوم من الأيام.
لكن هناك أسبابا أخرى برزت منذ عشر سنوات أو أكثر ، وتداخلت مع الرغبة الامريكية هذه ، وهي بروز سطوة ” جمهورية المولدات” التي كانت وستبقى (دولة داخل الدولة) ، وقد أثبتت الأحداث أن أصحاب تلك الجمهورية التي تحمي كثير منها جماعات مسلحة وعصابات خارجة عن القانون،أن تلك الجمهورية كانت هي السبب في تدهور أحوال الكهرباء، ولم يكن بمقدور أي رئيس وزراء أن يناهض هذه الجمهورية أو يفرض سيطرته عليها..وكثير منها ببغداد تعد خارج سلطة الدولة، ولم يتدخل أحد حتى الان لوقف تصاعد أسعار إمبيراتها التي بلغت أرقاما قياسية.
وهناك من أصحاب المولدات من يهدد زملاءه إن خفضوا أسعار إمبيراتهم ، تحت ضغط السخط الشعبي ، لأن البعض من هؤلاء مدعوم من جماعات مسلحة ، ويتحدى أية جهة أن تزور منطقته لتفرض أسعار الأمبيرات عليهم، ولهذا بقي هؤلاء في مأمن من فرض القانون، وأصحاب المولدات تحت رحمته.
كارتل هذه الجمهورية من داخل أطر جمهورية العراق وهم يقبضون منها مليارات الدولارات(خاوات شهرية) تدر عليهم أموالا بالمليارات، وهم غير مستعدين للتضحية بتلك المبالغ التي نزلت عليهم من السماء.
أصحاب المولدات يستعرضون الجهات التي يدفعون لها ، عدا دوائر الضريبة ومبالغها الباهضة ، يدفعون لجهات أخرى مهيمنة ما يصل الى 500 الف دينار شهريا من كل صاحب مولدة ، وهي بعشرات الألوف في بغداد لوحدها فكيف بالمحافظات ، وهي تبدأ عادة من مجالس المحافظات منذ إنبثاقها ودوائر البلدية ودوائر توزيع الكهرباء التي لها القدح المعلى في الهيمنة والتسلط ، وبعض ضباط أمن المناطق وربما المختار ولجماعات مسلحة ضمن مناطقها ، كل تلك الشبكة كانت وراء تدهور أحوال الكهرباء التي غنموا من ورائها أموالا فاحشة كل تلك السنوات وإشتروا بيوتا راقية وسيارات فارهة في العراق وخارجه ، وهم من من لديهم السطوة على تدهور أحوال الكهرباء، وكلما تحسنت الكهرباء يبرز من بين تلك الجهات من يضع العراقيل بوجه أي رئيس وزراء يريد إستقرارا في إيصال الكهرباء الى شعبه بساعات تجهيز معقولة حتى تضخمت هيمنة أصحاب المولدات وجمهوريتهم المهيمنة على كل طابع الحياة في هذا البلد.
بل أن هؤلاء من يسقطون حكومات، ويقيمون أخرى، بعد أن يتم تصعيد النقمة ضد أي رئيس للحكومة ، ومن ثم يستقبلون الآخر القادم على نفس الشاكلة، وهم بيدهم الربط والحل كما يقال.
وقد شخص رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني قبل يومين سببا آخر يضاف وهو وجود شخصيات مريضة الأهواء وتحمل من العقد والأحقاد ما يمكنها أن تريد أن تبقى هي المهيمنة وهي وراء كل تخريب متعمد لأحوال الكهرباء، وتعمل داخل أروقة الوزارة ، وهي المتحكمة ، وربما يعرفها رئيس الوزراء، لكنه لايريد الإفصاح عنها صراحة، وهي من تناصبه العداء وتقف له بالمرصاد ضد أية محاولة لتحسين الكهرباء.
كان هناك سبب آخر لتدهور أحوال الكهرباء وهي الغاز الإيراني ، الذي تجرع منه العراقيون سنوات من العذاب وعقود من الويلات ، حيث لم تف الجارة إيران بوعودها للحكومات التي تدين لها بالولاء، وبقيت مشكلة الغاز الإيراني ونقص تجهيزه السبب الذي يعلقه المسؤولون عن تجهيز المحطات الكهربائية الضخمة في العراق، وما زلنا نتذوق مرارات طعمها القاسية منذ عقود من السنوات.
لاندري..هل يكون بمقدور رئيس الوزراء السيد محمد شياع السوداني أن (يعلن الحرب على جمهورية المولدات)، وهي (الدولة داخل الدولة) ومن يقف وراءها من كل تلك المسميات والأموال الباهضة التي يحصلون عليها شهريا، وقد أوصلت الكثيرين منهم حتى بضمنهم أصحاب المولدات الى كارتلات كبرى تدير البلد من خلف حجاب.
هذه التحديات الكبرى هي من واجهت أغلب أو لنقل جميع رؤساء الوزارات السابقين، وإن أراد السيد السوداني أن يعلن عليهم الحرب فسيحتاج الى جيوش من العساكر تفرض هيمنة الدولة وسطوتها عليهم، وإلا سيبقى الحال لسنوات طوال، وتبقى(جمهورية المولدات) هي (الدولة المنتظرة) التي قد تطلب من المجتمع الدولي إعتراف العالم بها كجمهورية مستقبلة ذات سيادة.