23 ديسمبر، 2024 4:52 ص

كهرباء العراق بين الفساد وابتزاز دول الجوار

كهرباء العراق بين الفساد وابتزاز دول الجوار

تراوح ازمة الكهرباء في العراق مكانها منذ قرابة عقدين, فقد عجز النظام السياسي عن إيجاد حلول وخطط مناسبة في تأسيس منظومة كهربائية قادرة على تغطية حاجة المواطن العراقي, كما هو حال الدول الاخرى, بسبب الفساد والمحاصصة الطائفية وطبقة سياسية ينخرها الفساد وتحركها المصالح سواء كانت شخصية او حزبية,كلها عوامل ساهمت في عرقلة تحقيق اكتفاء ذاتي للبلد, رغم الإنفاق الضخم على مشاريع الطاقة في العراق حيث تقدر بنحو 50 مليار دولار, مع العلم ان هذا المبلغ كافي لتأمين الطاقة في عشرة دول,وبالتالي أصبح العراق عاجزا في توفير الطاقة وأصبح تحت رحمة وابتزاز دول الجوار(ايران), وتشير المعلومات بأن إيران وعبر اذرعها السياسية قد ساهمت في عرقلة بناء محطات كهربائية, لتظل ممسكة بهذه الورقة الحساسة التي تمس حياة المواطن العراقي, بغية استخدامها كورقة ضغط على الشعب العراقي حين تشعر أن مصالحها باتت مهددة.

هذا ما كشفته الازمة الاخيرة نتيجة القرار الذي اتخذته طهران في خفض كمية الغاز المصدر مما خلق أزمة حقيقية للعراق,وحجة طهران في ذلك هو عدم تسديد الحكومة العراقية للديون المترتبة عليها, والتي بلغت حسب المسؤولين في الحكومة 2,6 مليار دولار,وذلك نتيجة الأزمة المالية الخانقة التي حلت بالبلد والانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.

من جهة اخرى تجد طهران نفسها تخسر مشاريعها الاستثمارية في مجال توليد الطاقة في العراق بعد دخول الشركات التركية وشركة سيمنز الألمانية,لا سيما وان طهران عبر أذرعها من السياسيين الفاسدين تستولي على حصة الأسد,حيث تمتلك 70% من مشاريع تزويد العراق بالطاقة الكهربائية منذ عام 2007 , كما وان العراق يستورد الغاز الايراني ب4 اضعاف السعر الذي تطرحه دول اخرى, وان العراق يستورد من ايران لتشغيل بعض محطاته ما يقدر 30 مليون قدم مكعب من الغاز,1200 ميغاوات كهرباء عبر شبكات بين البلدين بمبالغ باهضة جدا تصل الى 4,5 مليار دولار سنويا,وأن هذا المبلغ كان يمكن استثماره في بناء صناعة غازية متقدمة تكفي حاجة البلد دون الاعتماد على الاستيراد, وبحسب خبراء الاقتصاد فإن تكلفة بناء محطة كهربائية بخارية يبلغ 300 مليون دولار وأن عشرة محطات كافية لإنتاج ثلاثة آلاف ميغاوات.

مع ذلك لازال العراق يعاني من نقص كبير في الطاقة الكهربائية, حيث تنتج محطات توليد الطاقة نحو 19 ألف ميغاوات, بينما الحاجة الحقيقية للعراق من الطاقة ما يزيد عن 30 ألف ميغاوات.

السؤال الذي يتبادر الى الذهن من هو المسئول عن اهدار الثروة الوطنية للغاز والعراق بامس الحاجة اليه في الوقت الحالي, حيث يشير تقرير صادر عن البنك الدولي بأن العراق احتل المركز الثاني عالميا للسنة الرابعة على التوالي بين اعلى الدول احراق للغاز الطبيعي,حيث يشير التقرير الى ان العراق يحرق سنويا 19 مليون متر مكعب,هذه الكمية كافية لبناء صناعة غاز جديدة, وقد أوضحت شركة سيمنز الالمانية انه بامكان العراق ان يوفر خمسة مليارات دولار تقريبا خلال السنوات الأربع المقبلة من خلال تقليص نسبة الغاز المهدور, وتوفير اكتفاء ذاتي ,من ناحية اخرى لما تحتاجه محطات توليد الطاقة الكهربائية التوربينية من وقود الغاز, كما تشير التقديرات إلى أن كمية الغاز المحروقة تكفي لإمداد خمسة ملايين منزل بالطاقة الكهربائية.

السؤال الى متى تحرق الثروة الطبيعية العراقية ويكون مصيرها الزوال, هل وضعت الحكومة العراقية خطة من أجل استثمار هذه الثروة خلال العام الحالي, فمن جهة ستزيد هذه الثروة من إنتاج الطاقة الكهربائية وتحسين الاكتفاء الذاتي اضافة الى تحسين مستوى الاقتصاد العراقي ومعالجة أوضاعه الصحية والخدمية وأزمة البطالة