23 ديسمبر، 2024 4:16 ص

أظهر النقص الغذائي المستمر في العالم و انخفاض مساحات الأراضي الصالحة للزراعة وشحة مياه الري ومايقابلها من تزايد في اعداد السكان في المدن أن الزراعة التقليدية وحدها لا يمكنها أن تحل مشكلة انعدام الأمن الغذائي وتشكل تحدي بالغ الصعوبة في التغلب على الجوع ومازال هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح بالنسبة لقدرة الزراعة على سد احتياجات العالم الغذائية وقد شهدت الزراعة منذ عقود تطورات عديدة و متلاحقة لتقديم تقنيات زراعية متطورة لمواجهة ندرة الأراضي الزراعية والمياه العذبة ومن بين التطورات التي حدثت في عالم الزراعة والتي لم يكن يتوقعها افضل خبراء الزراعة التقليدية ان تنمو النباتات في اماكن غير زراعية وتتخلى عن احتياجها الأساسي للشمس وهذه الطريقة الزراعية العجيبة تعرف باسم “الزراعة العمودية” او “الزراعة الرأسية”
وهي طريقة حيث يتم فيها زراعة النباتات والمحاصيل بعضها فوق البعض ومعظمها تكون في شكل مباني مصغرة بالعديد من الطوابق وتبنى عدد من الباحثين فكرة حدائق بابل المعلقة التي تعود إلى القرن السادس قبل الميلاد مع إدخال تعديلات جوهرية عليها، ويعد البروفيسور ديكسون ديبومييه صاحب فكرة الزراعة العمودية الحديثة (Vertical Farming) اذ تم إنشاء اول مزرعة عمودية في مدينة نيو بوفالو عام ٢٠١١ و التي يتم فيها التوسع الرأسي في الزراعة في طوابق متعددة مع الاستغناء عن التربة التي كان يعتقد سابقا أنها أساسية لزراعة النباتات واهم مايميز الزراعة العمودية :
١- تمكننا من زراعة المحاصيل على مساحة أصغر من الأرض كما تمكننا من إعادة تدوير المياه وإستخدامها مراراً وتكراراً و تنمو النباتات على المعادن ولا تحتاج إلى التربة كما يمكن حصاد العديد من المنتجات الزراعية أكثر من مرة واحدة في السنة.
٢- تتيح لنا الزراعة العمودية إنتاج المزيد من المحاصيل من نفس المساحة المربعة لمنطقة النمو في الواقع الفدان الواحد من منطقة داخلية يوفر إنتاج ما يعادل 4-6 فدان من قدرة الزراعة في الاراضي المكشوفة ووفقاً لتقديرات مستقلة يمكن أن ينتج مبنى مؤلف من 30 طابقاً وبمساحة تبلغ 5 فدان مايعادل 240‪0 فدان من الزراعة الأفقية التقليدية.
٣- المحاصيل تنمو طبيعياً وتكون آمنة صحياً بدون إضافة أي أسمدة كيماوية أو مبيدات حشرية.
٤- استخدام أقل للمياه اذ تسمح الزراعة العمودية لنا بإنتاج محاصيل أقل من المياه بنسبة 75-95 ٪ مما هو مطلوب للزراعة العادية.
٥- النباتات في الزراعة العمودية لا تتأثر بالعوامل المناخية المتقلبة كالامطار الغزيرة والجفاف والصقيع وارتفاع درجات الحرارة لذلك خسائرها اقل بكثير عن الزرعة التقليدية.
٦- توفير فرص عمل جديدة في مختلف المدن التي تبنى فيها تلك المزارع مما يعمل على زيادة الأيدي العاملة وتوفير مصدر دخل للكثيرين.
٧- تقلل إلى حد كبير من الحوادث المرتبطة بالزراعة التقليدية و لن يتعرض المزارعون لمخاطر تتعلق بمعدات الزراعة الثقيلة اذ تختفي الحاجة إلى المعدات الزراعية التقليدية فلا حاجة للجرارات والمحاريث وما إلى ذلك من معدات.
اما عن اسلوب زراعة المحاصيل بهذه الطريقة فهناك نماذج منها:
١- الزراعة المائية بلا تربة حيث تنمو النباتات في احواض مشبعة بالمغذيات.
٢- الزراعة الهوائية التي ترش فيهاجذور النباتات بالماء والمغذيات من وقت لأخر.
٣- الاستزراع النباتي السمكي الذي يتضمن زراعة النباتات في احواض الأسماك التي تنتج بكتريا تستخدم كمواد مغذية للنباتات.
اما اهم عيوب الزراعة العمودية فهو :
١- ارتفاع كلفة انشائها.
٢- تغير معدل حموضة وسط النمو ph بسهولة.
٣- اي خلل في نظام وسط النمو يؤدي الى تدهور النباتات.
٤- تحتاج الى ايادي عاملة متمكنة ومتابعة مستمرة لعمليات النمو والانتاج واي خلل يجب ان يتم تداركه في اقرب وقت حتى لايتأثر المحصول.
وعلى الرغم من تعدد العيوب الا ان هذا النوع من الزراعة من اكثر الأنواع المجدية اقتصادياً والأكثر نفعاً للبيئة والأنسان. ونفذت الزراعة العمودية في العديد من الدول كاليابان وكوريا الجنوبية وامريكا وسنغافورة والامارات.
ومن أبرز الأسماء في عالم الزراعة العمودية، شركة “أيروفارمز” بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية التي انشأت أكبر مزرعة عمودية في العالم بمساحة سبعة ألاف متر مربع لذا فأن هذه الطريقة ستلعب دورا أساسياً في قطاع الزراعة وقضية الأمن الغذائي.