يحكى أن حاكماً رأى في منامه قمرين يتصادمان معاً, وتكرر معه هذا المنام أكثر من مرة, فأستدعى المفسرين من كل أصقاع البلاد, فجاءوا اليه مسرعين ليفسروا ما روى لهم, فجلسوا يتشاورون ويتشاورون, ليكون رأيهم مجمعاً عليه قالوا له: إنك ستموت بعد ثلاثين يوماً!, فأمر الحاكم بسجن هؤلاء المفسرين ليقتلهم بعد شهر عندما يبقى حياً, لكنه في نفس الوقت كان مرعوباً من تفسيرهم, فتوقف عن تناول الطعام والشراب, فمات الحاكم بعد شهر! فجاء الحاكم الجديد وأمر بتعيين كل مفسري الأحلام كمستشارين له, لكن أحد الأطباء تدخل وقال له : سيدي هم لم يقولوا شيئاً صحيحاً, فالكشف الطبي أكد أن الحاكم الراحل توفي بسبب توقفه عن الأكل؛ والشرب, والنوم, وإصابته بالإكتئاب, فمات من تفسير الحلم وتصديقه له!.
هذه الحكمة نستنتج منها, أن الإعتماد على مفسري الأحلام بعيداً عن العلم والتخطيط السليم, سيجعل من أعمال وزيرالنفط الحالي عرضة للفشل كسابقه, ويترك البلاد غارقة في متاهات العجز والإنحلال.
إن نقطة انطلاق البلدان, نحو تطوير ملموس أكثر توافقاً, مع إحتياجات شعوبها, هو الإرتكاز على تخطيط مدروس, وبرامج محكمة بحيث تعالج المشاكل الجمة في الإدارة والتنظيم, وهذا يخفف من وطأة الشكوك, وإنعدام الثقة بين الجماهير ووزارة النفط, لكونها في تماس مستمر مع المواطنيين, لإعتمادهم على أغلب مشتقاتها, وتحسين مستوى التفاهم والتفاؤل, بين أصحاب المصالح المتعارضة والإلتقاء في نقطة الوسط لتذليل الخلافات, وتشجيع الإبتكار والتكيف الإيجابي, بين الحكومات المحلية والقطاعات الاخرى, وبين الحكومة المركزية.
الشفافية ركيزة أساسية ومفيدة, قد إتضحت أهميتها في نشر تفاصيل دقيقة, حول قطاعات النفط والغاز والتعدين, اي بمعنى الصناعات الإستخراجية, وهي بدورها توفر برنامجا لتطبيق الإصلاحات, حول كشف المعلومات لميزان مدفوعاتها في خزينة الدولة, وكذلك تنظيم وتوزيع إدارة العوائد, ومنح التراخيص والعقود, والتحقيق المستقل من صحة مدفوعات الضرائب ورسوم الإمتيازات, لتحسين مؤشرات مناخ الإستثمار, وتشجيع المبادرة خطوة ممهمة وحاسمة, لتلقي بظلالها على أصحاب القرار, وصياغة البرامج الاقتصادية.
إنشاء برامج إقتصادية شاملة, تلبي متطلبات المرحلة الراهنة, خصوصا وأن الإزمات تعصف بنا بين فترة وأخرى, تعمل على تقليل نسبة الفقر والتخلف, وتشيع أجواء الثقة, والإزدهار الإقتصادي في إستخدامها الإمثل, للموارد المتجددة, التي تساهم في رفع المستوى المعاشي للمواطن.
وجود عدة خيارات أمام الدول, لتنفيذ برنامجها وتطويره بطريقة دقيقة للغاية, وتوسيع نطاق الإستخدامات وإدامتها, في مجال الصناعات الإستخراجية, وغير الإستخراجية, لتطوير الموارد المتجددة, كالغابات والموارد المائية, والصناعة, والزراعة وغيرها, للنهوض بالواقع الإقتصادي العراقي.
إن الحاجة الملحة في هذه الفترة العصيبة, الى دعم مثل هذه المبادرات, من أجل وضع قاعدة مقبولة عالمياً, ولا يقتصر قبولها محلياً فقط, وهذا يشمل كافة البلدان الغنية بالثروات, من النفط والغاز والموارد المعدنية الأخرى, والعراق جزء منها, وكيفية توزيع عوائدها الى مواطنيها, والإستفادة من الكنز المدفون في باطن الأرض, وهو ملك للجميع.