السنة الثاني عشر من عمري بدأت أتحسس الحياة واعلم بعض خوالجها وما يدور فيها حينها كنت طالبا في الصف السادس الابتدائي كان ذلك في عام 1997 بمعنى إنني اتحدث عن قمة ازمات العراق الاقتصادية ( الحصار الاقتصادي) وقمة انعدام حالة التفائل والتأمل والشعور بغد أفضل. كل هذه العناوين لم تكن في حسابات اي فتى او شاب او حتى شيخ او امرأة لان الشغل الشاغل كان آنذاك هو كيف تحصل على قوت يومك.
وفي هذا المعترك الداخلي لخوالج الانسان تظهرا جليا بعض الاشياء التي ربما تكون اكبر من هموم رغيف الخبز وهي حالة التهميش والضياع التي عشنها نحن كابناء الجنوب والوسط وبعض المناطق الشعبية في بغداد ولنقولها صريحا( الشيعة) فما كنا نبارح همنى الاكبر وهو اعطائنا فسحة من الحرية لممارسة طقوسنا الدينية وإعطائنا دور قيادي في البلد فكنا اما سجناء او شهداء او مغيبين او مستضعفين ولكننا نشعر براحة وسكينة بالغة وكنا عندما نضع رؤوسنا على وسائدنا ننام ملئ العين دون عذاب للضمير ولا حساب مع العقل.
كنا نسقي قلوبنا صبرا والما فمن منا لم يكتوي بالظلم والقسوة والالم لكننا نعيش على امل النهاية السعيدة التي لابد وانها ستاتي في يوم ما وستزيح هذا الكابوس الجاثم على صدورنا, ورغم هذا وذاك وعلى رغم من طول عذاباتها وعوزها وظلمها مرت وكانها ساعات او لحظات ليصبح العراق على تحول كبير ازاح من على قلوب اهله كابوسا لك يكن احد يفكر في التفكير بزواله ولكن شائت الاقدار ذلك وأصبحت انا شابا يافعا اتمتع بمساحة من الحرية واذهب اين ما اذهب ومتى ما اريد الى اي مكان ارغب فيه واعبر عن رايي بكل حرية وادخل احيانا في سجالات سياسية.
هل انتهت المظلومية.؟ وهل انا حر.؟ نعن انها كذلك ولكن مهلا…
ماذا سأفقد وماذا سأعطى.؟ انا المظلوم بالامس اخشى ان اكون ظالما اليوم وانا المحروم بالامس اخشى ان اكون حارما وانا الذي ضاعت كل احلامي الملائكية في الامس اخشى ان اكون شيطانا اليوم كلها اسئلة انها مجرد اسئلة تدور في مخيلتي حتى جائت اجوبتها مصدحتا بصوت عال..
لقد لازمني عذاب الضمير الذي لم اكن اعرفه على الرغم من اوجاع معدتي الخالية وعذبني ضميري اكثر من عذابات السجون والفراق لقد تغير كل شي وتغيرت خواتيم الامور اصبح الظالم مظلوم والمظلوم ظالم اصبحنا نحن المنبوذين والمتسببين بخراب العراق رغم اننا لم نستفد شيء ولم تكن مناطقنا ومحافظاتنا قطع من الجنان.! لقد فاز بها ( ابا فلان) وابا فلانة وصاحب النفوذ وضاع الطفل البريء والشاب المثابر لقد اذاقونا عذاب اشد من عذابات الاخرين لقد كبلوا حرياتنا وسرقوا احلامنا وتاجروا بدمائنا.
انظروا صوب الجنوب فلازال ماء البصرة مالح ولازالت ذي قار تبكي شبابها الشهداء وميسان لازلت اسيرة وغيرها اعيدوا الي المظلومية فلا اريد ( ان اخسر الدنيا والاخرة) بسببكم وحتى تملئ كروشكم ارتكوني لعراقيتي واتركوني لدمعتي فقد ملئتم قبلها قلب امامكم قيحا.
. 8/12/2022 من داخل السجن