23 ديسمبر، 2024 12:12 م

كنت على وشك المطالبة بمحاكمة الفريق عبد الوهاب الساعدي!!

كنت على وشك المطالبة بمحاكمة الفريق عبد الوهاب الساعدي!!

نعم كنتُ على وشك أن أكتب مقالاً أطالب فيه بإحالة الضابط اللامع الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، قائد عمليات صلاح الدين، الى محكمة عسكرية. كان هذا بعد أن سمعتُ خبراً أثارني كثيراً. لكنني، وكعادتي، لم أكتفِ بمصدر واحد لإستقاء الأخبار بل أتحقق من مصدر آخر أو أكثر خاصة في الأمور الخطيرة.

 فالفريق الساعدي ليس ضابطاً وكفى فهو قائد عمليات لقوات مشتبكة مع العدو أي في حالة حرب؛ وهو ضابط أجمع المحللون العسكريون على أنه ضابط لامع وموهوب عرف كيف يجابه داعش وتكتيكاتها القتالية غير التقليدية ويتمتع بحس التوقع والتحرك الإستباقي لإجهاض خطط العدو. لذا تأنيت حتى يتم التأكد.

وسط اللغط في الآونة الأخيرة حول دور الحشد الشعبي في تحرير تكريت وظهور تقارير متناقضة عن بقاءه في المعركة أو إنسحابه وماهية الإنسحاب وأسبابه، سمعتُ من فضائية (الحرة – عراق) خبراً مفاده أن الفريق عبد الوهاب الساعدي، قائد عمليات صلاح الدين، كان قد صرح بأن الحاجة ماسة الى طيران التحالف الدولي في معركة تحرير تكريت إلا أن الإعتبارات السياسية تحول دون ذلك.

دُهشتُ، حقاً، لهذا التصريح لأنه إنتهاك للإنضباط العسكري وخطير على وحدة الشعب وعلى ثقته الممنوحة للقيادة العليا للقوات المسلحة ونحن في حالة حرب شرسة متعددة الأوجه والأطراف وهي متداخلة يلعب فيها البعض دورين في آن واحد صديقاً وعدواً؛ والمعركة عسكرية، سياسية، وإعلامية.

 

ومع أنني لاحظتُ أمرين منعاني من المضي في توجيه الإتهام للفريق الساعدي وهما:

–        عدم عثوري على أي مصدر آخر يعزز الخبر الذي أوردته فضائية الحرة حول التصريح الذي نسبته للفريق الساعدي.

–        لاحظتُ حصول لخبطة في أخبار وتعليقات وحوارات فضائية الحرة بقسميها العراقي والعالمي حول موقف الحشد الشعبي من المشاركة الأمريكية في معركة تحرير تكريت وبالعكس أي موقف الأمريكيين من مشاركة الحشد الشعبي، علماً أن فضائية الحرة تعكس السياسة الأمريكية وتقوم بالترويج لها وهي بذلك لا تختلف عن أية وسيلة إعلامية أخرى في العالم إلا في تقنيات الطرح الناعم والإقناع الحاذق إذ لابد وأن تميل الى الجانب الممول لها، فلا حياد في الإعلام(1).

ولكنني شعرتُ في مرحلة ما بأن هناك رسالة معينة أُرادت الفضائية إيصالها إلى المشاهدين مفادها أن دور الحشد الشعبي ليس بتلك الأهمية التي علا ضجيجها ولا هو بقادر على حسم المعركة وأن الشرطة بمظلة الطيران الأمريكي يتقدم بيسر وإنسيابية. وكان السيد أياد علاوي قد ساهم في رسم تلك الصورة إذ ذكر بأن دور الحشد الشعبي إنحصر على طول الخط بملء الثغرات والفراغات وراء القوات الأمنية (فضائية الحرة – عراق / برنامج “حوار خاص” بتأريخ 30/3/2015).

 

إلا أنني بقيت مترقباً حتى قطع أمران الشكَ باليقين فأيقنت ببراءة الفريق الساعدي. الأمران هما:

 

–        تكذيب قاطع للتصريح الذي نُسب للفريق الساعدي من قبل فضائية الحرة. جاء التكذيب القاطع على لسان السيد كريم النوري، المتحدث العسكري بإسم الحشد الشعبي في فضائية (الحرة – عراق / برنامج “بالعراقي” بتأريخ 31/3/2015) إذ قال إن ما نشر عن صدور تصريح للفريق عبد الوهاب لم يكن صحيحاً.

–        في الوقت الذي أكد فيه الصحفيان السيدة (لودي موريس) والسيد (سالم) في مقال مشترك في صحيفة (الواشنطن بوست) بتأريخ 26/3/2015  قالا فيه بأن “الميليشيات” تلعب الدور الرئيس وإنها قررت الإنسحاب من المعركة – فإن المتخصص في الشؤون العراقية في معهد بروكينغز للدراسات الإستراتيجية السيد (كينيث بولاك) كتب في 26/3/2015 حول إنسحاب الحشد الشعبي بأن هذه فرصة ذهبية لإعادة الثقة بأمريكا في العراق.

إذاً، هذا هو سر اللخبطة التي حصلت في فضائية الحرة وترويجها لخبر التقطته من مصادر غير أمينة ونُسب الى الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي. فهناك من أراد سرقة جهود الآخرين وما كان عليه أن يدوخ بهذه التكتيكات والمتاهات لو كان تعامل تعاملاً شريفاً مع العراقيين ولم يصدق ويتعاون مع الطغمويين(2) ويأتونا بداعش لإذلالنا ولكن لم ولن نُذل ولو انطبقت الأرض على السماء.  

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1): قيل أيام الحرب الباردة إن صحيفة “الليموند” الفرنسية كانت الصحيفة الوحيدة المستقلة لأنها لم تكن تعيش على الإعلانات والإعانات المالية بل على مبيعاتها.

(2): للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:

http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995