18 ديسمبر، 2024 7:42 م

كم نحن متخلفون .!!

كم نحن متخلفون .!!

بعيداً عن الأنا , وأعوذُ باللهِ منَ الأنا , ثمّ اكتبُ هنا وكأنني لستُ أنا .!
هنالك حركاتٌ وقفزاتٌ وتموّجاتٌ تأتي من الدماغ بشكلٍ مفاجئ ومباغت , وتعيد المرء في بعض الأحايين الى مرحلة الطفولة , او ما قبلها .! وربما أثناء الوجود او التواجد داخل منطقة ” الرحم ” , مع شديد الإعتذار الحديد من التعبير العسير , كما يفاجئنا الجهاز الدماغي ايضا عن مواقفٍ أحدثٍ قد تسبق او تأتي بعد حدثٍ , او انها حدثت قبل ايّة سنينٍ بعيدةٍ او قريبةٍ , ودونما تفكرٍ مسبقٍ بها .
ومن خلال هذه المقدمة الممّلة والمطولة , وكي لا ازيدها طولاً وعرضاً ,  فقد إنجررتُ الى مشهدٍ سابقٍ إمتعضتُ منه في حينها ولا ازال , ففي بدء السنة الأولى لإلتحاقي بالجامعة في انكلترا , وحيث كانت الجامعة تعجُّ وتضجُّ بمختلف الجنسيات من دول العالم , فقد كانت لوحة الإعلانات الرئيسية في الجامعة , تحفل بمقرراتٍ وقراراتٍ وإعلانات جامعية , ومعظمها يخصّ بعض الجنسيات من الطلبة دون غيرها , والعكسُ بالعكس ايضاً , لكنَّ ما كان يستفزني ويثيرني هو بعض ما معنون على لوحة الإعلانات المركزية , وفي مقدته : – < الى الطلبة القادمين من خلف البحار > .! , وبلا ريبٍ فأنه لا يخصّ الطلبة القادمين من المانيا او ايطاليا او سويسرا او حتى سواها من الدول التي تقع من ” أمام البحار ” .! , لكنه ودونما ادنى شكٍّ , فالمقصودُ غير المعلن فيه هو : – < الطلبة القادمين من الدول المتخلفة > .! !
ودونما إسترسالٍ في التفاصيل , فقد تذكّرتُ وإستبقتُ ” الجهاز الدماغي ” الى مقولةٍ – نسبيةٍ كان يستخدموها أهالي بغداد الأصلاء قبل نحو نصف قرنٍ من الزمن , للإستخفاف والإزدراء بالمتخلفين ثقافياً واجتماعياً ويشيرون اليهم بأنهم < من خلف السدّة > , وهي حقيقةٌ مُرّه لأولئك القاطنين هناك , والذين جلبَ معظمهم الرئيس او الزعيم عبد الكريم قاسم بعد ثورة تموز 1958 , وهم مع كلّ التقدير والإحترام اليهم انسانيا وكمواطنين , فأنهم ساهموا بفعاليةٍ غير مقصودةٍ بتغيير بنية النسيج الأجتماعي لأهالي العاصمة .
لا نودّ الإسترسال بتفاصيلٍ اكثر عن هؤلاء السادة او معظمهم والذين تغيرت ايديولوجياتهم بِ 180 درجةٍ على مرّ السنين , وخصوصاً بعد عام 2003 , ونحن هنا بالضد من التعميم .!!!